يمكن الآن أن نتحدث بهدوء حول قرار مجلس التعاون الخليجي بدعوة المغرب إلى الانضمام إليه.. خاصة بعد أن رفض المغرب الشقيق هذه الدعوة (الكريمة) من الخليجيين بلباقة قائلا "إنه يرحب بهذه الدعوة ويتمسك باتحاد المغرب العربي"! وهذا الموقف المغربي هو صفعة لطيور البطريق بقفاز حريري! المغرب الشقيق تديره الآن حكومة تعد من أحسن الحكومات العربية معرفة بمصلحة الشعب المغاربي.. وقد اتضح مؤخرا أن الحكومة المغربية تريد إصلاح حالها مع الجزائر وأن هذا الأمر أصبح قناعة مشتركة بين الجزائر والمغرب.. ويريد الخليجيون التشويش على هذا المسعى لأسباب يعرفها الخليجيون عامة والسعوديون على وجه الخصوص! وواضح أن العربية السعودية ظلت 30 سنة تستثمر في الخلاف الجزائري المغربي حول الصحراء الغربية لدعم سياستها المزعومة في قيادة العرب.. فقد سلّحت المغرب في السبعينيات ودعمته ضد بومدين الشيوعي الملحد الذي يتطاول على الملوك الرجعيين ولما لم تنجح عادت إلى الوساطة بين المغرب والجزائر والتي قادها الملك فهد وانتهت إلى لقاء "زوج ابغال" الشهير الذي جرى بين الراحل الحسن الثاني والشاذلي.. وانتهى اللقاء بفتح الحدود بين الجزائر والمغرب ووضع قضية الصحراء جانبا في موضوع العلاقات الثنائية.. وهو ما كانت تطالب به المغرب وترفضه الجزائر. لكن السعودية وبعد صعود المد الإسلامي في الجزائر في التسعينيات رأت أنه من المناسب أن تدعم المغرب للإجهاز على الجزائر.. فكانت مواقفها المريبة بحيث اشترت السعودية أسرابا من طائرات الفانطوم الأمريكية للمغرب.. لكن الذي حصل لا الجزائر سقطت ولا المغرب الشقيق انتصر في البوليساريو أو الجزائر.. وخرج المغرب الشقيق من حكاية حشر الأنف السعودي والإيراني في العلاقات بين المغرب والجزائر بغلق للحدود ألحق أضرارا كبرى بالمغاربة بالأساس واحتاج المغرب إلى 18 سنة من العمل كي يقنع الجزائر بإعادة فتح الحدود! وها هي السعودية تشوش على هذا المسعى من جديد! وفهم المغرب الشقيق بسرعة أنه لا يمكن أن يكسب الخليج ليخسر جاراً مثل الجزائر! في سنة 1969 انعقدت القمة العربية في الدارالبيضاء وكان موقف الجزائر حاسما مثلما كان الأمر قبلها في مؤتمر الخرطوم.. وتدعم الموقف الجزائري في الدارالبيضاء بالتناغم الذي حصل بين الجزائر والمغرب حين وقع الراحلان بومدين والحسن الثاني على اتفاق الحدود.. وقال بومدين كلمته المشهورة "سطرنا الحدود لمحو الحدود"! ولكن الحدود أغلقت من جديد لأن المغاربة ارتكبوا حماقة اجتياح الصحراء كلفتهم 30 سنة من المعاناة ولا تزال! وكان من الممكن أن تعالج هذه المسألة بحكمة وليس بالقوة. فتح الحدود دائما يعود بالخير على البلدين وخاصة المغرب.. ففي ظل فتح الحدود مر الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر المغرب وفي ذلك فائدة أكيدة للمغرب.. وكان من الواجب أن يدعم هذه الأنبوب الأول بالأنبوب الثاني.. ولكن غلق الحدود دفع بالجزائر إلى الذهاب إلى البحر. الجزائريون الأحرار يرفضون بقاء الحدود مغلقة ويرفضون تمدد المغرب خارج حدوده.. ويرفضون سياسة الاختراق المتبادل بين البلدين.. ويرفضون حشر الأنف السعودي في الشأن المغاربي.. ونعتقد أن الجزائر التي لم تخفها جيوش فرنسا لا يمكن أن تخاف من حركات أسراب طيور البطريق الخليجية.. خاصة وأن الغرب قد فهم المقصود!