صدر عن الدار العربية للعلوم كتاب "العالم من دوننا" تأليف: آلان فايسمان وترجمة: أمين الأيوبي، يعرض آلان فايسمان مقاربة مبتكرة بكل ما في الكلمة من معنى في طرح أسئلة تتعلق بتأثير البشرية في كوكبنا، ويطلب منّا تصور كيف ستكون الأرض بدوننا. يشرح فايسمان في هذه القصة المؤثرة كيف أن بنيتنا التحتية الهائلة ستنهار وتختفي في نهاية الأمر في ظل غياب الجنس البشري، ويستعرض أي الأدوات اليومية سيخلد على شكل متحجرات، وكيف أن الأنابيب والأسلاك النحاسية ستسحق وتصبح مجرد عروق في صخور حمراء، وكيف أن بعضاً من ابنيتنا القديمة ربما يكون آخر العالم المعمارية التي تبقى بعدنا، وكيف أن المواد البلاستيكية اللاسلكية وبعض الجزئيات التي صنعها الإنسان ربما تكون أكثر هدايانا لهذا الكون بقاءً. يكشف "العالم من دوننا" كيف أن الفيضانات في أنفاق نيويورك ستبدأ، بعد أيام قلائل من اختفاء البشر، بتعرية أساسات المدينة، وكيف أن الغابات الإسفلتية ستفسح المجال، بعد أن تتداعى المدن في العالم، أمام نمو غابات حقيقية. يقدم الكاتب وصفاً للطرق المميزة لتحول المزارع المعالجة بالمواد الكيميائية والعضوية الى بريّة، وكيف ستتكاثر المليارات من الطيور، وكيف أن الصراصير في المدن التي تخلّصت من الاحتباس الحراري ستفنى بدوننا. ومن خلال الاستفادة من خبرات المهندسين، والعلماء الجوّيين، والقيّمين على الأعمال الفنيّة، والمختصين بعلم الحيوان والعاملين في منشآت تكرير النفط، وعلماء الأحياء البحرية، والعلماء بالفيزياء الفلكية، ورجال الدين من الحاخامات الى الدالاي لاما، والعلماء بأصول الإنسان القديم- الذين يصفون عالم ما قبل البشر وكيف كانت تستوطنه الحيوانات الضخمة مثل حيوانات الكسلان العملاقة التي كانت قاماتها أطول من قامات حيوانات الماموث- يشرح فايسمان حال كوكب الأرض اليوم لولانا. يتحدث فايسمان، بالاعتماد على مناطق خالية من البشر أصلاً (آخر قطعة من الغابة الأوروبية البدائية؛ والمنطقة الكورية منزوعة السلاح؛ وتشيرنوبيل)، عن قدرة الأرض الهائلة على الشفاء من تلقاء نفسها. وفي ما يتكلم عن تلك الأضرار التي تسبب بها الإنسان والتي يتعذر إصلاحها، ويعطي أمثلة على أعمالنا الفنية الراقية وعلى هندستنا المعمارية التي ستبقى لأطول فترة ممكنة، إنها رواية رائعة غير خيالية، وفكرة لا تقاوم مع لمسة رزينة ومشوقة للقراءة، تنظر بعمق إلى تأثيراتنا في هذا الكوكب على نحو لا مثيل له في أي كتاب آخر.