استحضار للماضي واستشراف للمستقبل قدم الكاتب أحمد بن زليخة، يوم أمس في المكتبة العامة بالأبيار ( الجزائر العاصمة)، روايته الجديدة «موعد في جبل سان ميشال»، الصادرة عن منشورات الحبر، باللغة الفرنسية، بحضور إعلاميين ومثقفين وقراء. الكاتب أحمد بن زليخة، حاول في روايته التي تتناول وقائع تاريخية من العصور الوسطى، إدانة التلاعبات المغرضة، التي طالت العديد من الأحداث التاريخية، وخاصة القراءة الأيديولوجية التي يقدمها الكتاب الغربيون للتاريخ، ليرفع المؤلف، صوته من خلال روايته الجديد ليطالب بضرورة إصدار الكتاب العرب للعشرات من المؤلفات و الأفلام التي من شأنها إبراز حقيقة ما عاشته الحضارة الإسلامية في أوروبا، والدفاع عن إرث الأجداد وعن مساهمة المسلمين في بناء الحضارة الغربية لاسيما في الأندلس وصقيلية. وتروي أحداث الجزء الأول من هذه الرواية المعنونة ب « Rendez-vous au Mont-Saint Michel » الإرث التاريخي للأجداد و كيف ساهم مهندس معماري من الأندلس خلال الفترة الإسلامية، في بناء دير «جبل سان ميشال»وكيف تم بالتالي نقل المعرفة بين ثقافتين وحضارتين وديانتين مختلفتين. أما في الجزء الثاني من هذه الرواية المليئة بعناصر التشويق، والمزاوجة بين استحضار لوقائع من الماضي واستشراف للمستقبل، فيروي الكاتب، صورا مأساوية عن الهجرة غير الشرعية، عبر حراقين من الساحل الأفريقي، توفي أحدهما في ظروف مأساوية بمركز اعتقال إسباني، وكيف يجد شابان من المهاجرين غير الشرعيين من منطقة الساحل الأفريقي نفسيهما سجينين في مركز احتجاز في «إيبيزا» وكيف يتم تجنيد أحدهما تحت رقم مهين في ميليشيا تريد مهاجمة تمثال «رئيس الملائكة» في جبل سان - ميشال. وبأسلوب سردي فلسفي، متميز يروي الكاتب في الجزء الثالث محاولات، طائفة عالمية قوية تقودها شخصية تشبه المسيح الدجال، تغيير المعتقدات والأخلاق بفضل وسائل الإعلام والإنترنت والخدع والتلاعبات، و كيف تتصدى لها قوة الإيمان والعزيمة. كما تتضمن الرواية فصولا من تناقضات عولمة ذات سرعتين، وخاصة على حساب أفريقيا، وبعض القضايا الجيو- استراتيجية الجديدة، ولا سيما المرتبطة بموارد الطاقة، وظهور أيديولوجيات جديدة وثقافات موحدة بفضل الإنترنت والعولمة والشبكات الاجتماعية. كما تتضمن الرواية الأهمية الاستراتيجية المتزايدة لاستعمالات تكنولوجيات المعلومات والاتصالات و الرقمنة والذكاء الاصطناعي، وكيف يحاول الإعلاميون الجدد التلاعب بالحشود وتوجيه الرأي العام، لاسيما في ظل وجود تيارات فكرية قوية تسعى إلى الهيمنة على العالم وفرض أفكارها. تجدر الإشارة إلى أن «موعد في جبل سان ميشال» هو الإصدار الثامن للكاتب والصحفي والمختص في الاتصال، أحمد بن زليخة، الذي سبق أن صدرت له عدة دراسات وبحوث - لا سيما حول الصحافة و الديمقراطية، وحول السياسة والاقتصاد - والعديد من الروايات المعروفة - مثل «نافورة سيدي حسن»، و «رقية سرفانتس»، و «إلياس» و «المغفلون». وتتميز مجمل إصدارات الكاتب، بالدقة العلمية والبعد العالمي والاهتمام بالجانب التراثي والدفاع عن القيم الإنسانية، ولكن أيضا بإدانة و مكافحة الظلم وعدم المساواة والجهل والتلاعب بالحقائق.
