تٌبين العائلات الجزائرية المعوزة تعففها بمزاولة بعض المهن الموسمية التي تدر عليها ربحا لا بأس به يحفظ لها كرامتها ويعينها في مجابهة تكاليف الحياة الصعبة، وتتجلى هذه المهن في بيع الخبز التقليدي، الحلويات، رقائق "الديول"، والحشائش، وبالأحرى الأغذية يكثر استهلاكها في شهر رمضان. متعارف عليه في الشهور العادية بأن العائلات المعوزة غالبا ما تعتمد على تحضير الخبز التقليدي وبيعه للاسترزاق منه طوال السنة ولو أقلية منها تٌفضل بيع الحلويات مثل " قلب اللوز" وتجعل منه موردا ماليا لها، فيما يتخصص البعض في بيع الحشائش مثل " القصبر" و«المعدنوس" و«النعناع" التي تستعمل في الطهي لإعطاء نهكة جيدة للأكل. أما في رمضان فيزداد عدد العائلات التي تسترزق من هذه المهن، ما يفسر بأن ممارستها لم يعد حكرا على المعوزين فحسب، بل حتى العائلات المصنفة على أنها متوسطة أصبحت تشارك في إنتاج ما يحتاجه المستهلك خلال الشهر الفضيل فتنصب موائدا بأرصفة الشوارع لبيع الحلويات العصرية المعروفة باسم "ليطارت" بالإضافة إلى " قلب اللوز" و«المقطفة". توقفنا على التحول في المجتمع الجزائري من خلال جولة تفقدية إلى شوارع وأزقة مدن البليدة وكذا أسواقها التي تعرف حركية تجارية كبيرة ربما لاقترابها من الجزائر العاصمة فيمر منها ساكنة الولايات المجاورة ويقصدونها لقضاء بعض حاجياتهم التي تشتهر بها مثل حلوى " الزلابية " في مدينة بوفاريك وعصير " الشاربات " لمدينة الورود. وفرة ونوعية في الحشائش من خلال جولتنا التفقدية في أزقة مدينة بوعينان، ظهرت جليا الوفرة والنوعية في الحشائش التي تعطي طعما جديدا للأطباق، وذلك بفعل سقوط كبير للأمطار في الفترة الأخيرة وتحسن المناخ، وهو ما أدى إلى ازياد العرض مقابل الطلب ورغم ذلك بقي سعر ربطة "القصبر" أو "المعدنوس" بين 25 و30 دينار جزائري. وأدى تحسن المناخ إلى وفرة كبيرة في السبانخ التي يستهلكها الجزائريون طوال السنة نظرا لقيمتها الغذائية وفائدتها بالنسبة لصحة الإنسان، لكن "ربطة" نبات "السلق" لم تهبط تحت سعر 30 دينار أيضا، أما "النعناع" الذي له أهمية كبيرة فيكثر عليه الطلب في رمضان ويُباع بهذا السعر أو أكثر. من بين الحشائش التي يعرضها باعة متخصصون "الزعيترة" التي تظهر خلال فصل الربيع لكن الإقبال عليها محتشم مثل نبتة "القرنينة" و«الفليو" مقارنة بالقصبر والمعدنوس والنعناع و«الكرافس". طوابير لاقتناء كسرة الفرن الترابي تشتهر الأحياء العتيقة لمدينة بوعينان بتحضير الخبز التقليدي مثل بقية المناطق شبه حضرية أو التي تضم أحياء جبلية في ولاية البليدة على غرار بلديتي حمام ملوان وبوقرة، حيث يقصدها أرباب عائلات من الجزائر العاصمة الذين كانوا من قبل يصرون على الإفطار ب "كسرة " السيدة " الياقوت" في "عمروصة ". أما حاليا فثمة سيدة أخرى تحضر الكسرة بطريقة رائعة بجانب حي "القينعي" على يمين الطريق المؤدي إلى بوفاريك وغالبا ما تعرف الساعات الأخيرة قبل آذان المغرب طوابير أمام منزلها من زبائن قدموا من العاصمة أو هؤلاء العاصميين الذين سكنوا في المدينة الجديدة فأصبح بإمكانهم التنقل مشيا على الأقدام للحصول على هذه الكسرة اللذيذة. وتمكن نكهة هذه "الكسرة " في أنها تحضر داخل فرن ترابي وباستعمال الحطب وقودا لهذا الفرن والذي يضفي دخانه ذوقا يستهويه هؤلاء الزبائن، كما أن هذه السيدة تقوم بعجن الدقيق بطريقة محترفة مما يضمن جودة منتوجها لترضيهم. "الشاربات" .. عصير وجب اخضاعه للرقابة خلال شهر رمضان يغير كثير من التجار نشاطهم، وقد يكون هذا التغيير قانونيا بالنسبة للبعض، لكن البعض الأخر يزاول مهنة موسمية بدون رخصة وقد يسوق منتوجات تضر بصحة الإنسان لا سيما عصير "الشاربات" الذي يتم إعداداه باستعمال مواد كيماوية. وتُحضر الشاربات الأصيلة في البليدة باستعمال عصير الليمون وبعض المنكهات مثل الياسمين والتي تضاف إلى ماء الينابيع التي تتدفق من جبال الأطلس البليدي، وبفضل الإنتاج الوفير للحمضيات في الولاية هذه السنة أصبح سعر الليمون 60 دينارا جزائريا فقط للكيلو غرام الواحد في سوق الجملة، ما يضمن إنتاج هذه "الشاربات" التي يكثر استهلاكها خلال رمضان. لكن عمليا يعرف الشهر الفضيل تجارة موازية بتنصيب موائد لبيع "الشاربات" التي يحضرها البعض باستعمال مواد كيماوية بشكل غير مضبوط مما قد يضر بصحة المستهلك، وبالتالي يتعين على مصالح مديرية التجارة أن تراقب نوعية ما يعرض في الأسواق من العصائر مثلها مثل الحلويات يقول أحد المستهلكين التقينا به.