تناول العدد الثاني من المقهى الأدبي الذي احتضنته دار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو أول أمس، مسيرة الكاتب الصّحفي الراحل "طاهر جاووت"٬ صاحب المقولة الشهيرة ''إذا تكلمت تموت وإذا سكت تموت، إذن تكلّم ومت...''، وذلك تحت عنوان "جاووت ذارڤاز ذ ووال“ بمعنى جاووت رجل بأتم معنى الكلمة. هذه الوقفة الشّهرية التي نظمتها مديرية الثقافية بتيزي وزو بالتنسيق مع مؤسسة تنظيم النشاطات الثقافية والاقتصادية والعلمية بالولاية٬ و نشطتها السيدة "جوهر أمحيص أوكسيل" التي حاولت استحضار حياة ومسيرة هذا المؤلف الذي فتح عينيه على الحياة لأول مرة في الحادي عشرة من جانفي سنة 1954 بقرية ابحريان بمدينة أزفون الساحلية أين تلقى تعليمه الأساسي حتى المرحلة الثانوية، ثم سافر إلى العاصمة، وهناك حصل على ليسانس في الرياضيات، حيث أحس أنه لن يمكنه الاستمرار في تدريس الرياضيات، ولأنه شاعر فقد قرر أن يدرس الصحافة. وقد بدت موهبة الشعر على الطاهر جاووت وهو في سن صغيرة، حيث راح يلقي القصائد، ورغم أنه كان يكتب باللغة الفرنسية، فأنه كان يكتب عن الواقع المعاش في الجزائر، خاصة بعد الاستقلال، حيث نشر الطاهر جاووت ديوانه الأول في عام 1975 تحت عنوان «المدار الشائك»، و في سنة 1978 صدر الديوان الثاني بعنوان «القوس حامل الماء». وبعد ديوانه عامين نشر ديوانه الثالث«قاطن الجزيرة وشركاه»ثم وفي عام 1991 صدر ديوانه « العصفور المعدني». وقد مرت حالة الإبداع عند الطاهر جاووت بمرحلتين متباينتين تماما، المرحلة الأولى كان يكتب فيها شعرا جريبيا مملوءاً باللغة المعقدة غير المفهومة، وقد انتهت هذه المرحلة تقريبا في بداية الثمانينات، وقرر أن يكف عن كتابة الشعر، حيث أحس أن الشعر لم يعد مناسبا للعصر، وفعل مثل الكثير من أبناء جيله بأن اتجه إلى كتابة الرواية، ففي عام 1981 نشر روايته الأولى «امرأة منزوعة الملكية» وفي عام 1984 صدرت الرواية الثانية باسم «الباحثون عن العظام» ثم نشر في السنة نفسها أول مجموعة قصصية باسم «فخاخ الطيور» وفي عام 1987 كانت روايته الثالثة «اختراع الصحراء» ثم جاءت روايته «العسس» التي فازت في فرنسا بجائزة تسمى البحر المتوسط في عام صدورها عام 1991. وقد نشر طاهر جاووت أعماله بين العاصمتين الفرنسية والجزائرية، وفي عام 1984 كلفته إحدى دور النشر الجزائرية بإعداد مجموعة من مختارات الشعر المعاصر المكتوب باللغة الفرنسية،وقام بالعمل على خير وجه، وصدر الديوان الأول من مختارات الشعر العربي المكتوب باللغة الفرنسية تحت اسم «الكلمات المهاجرة». وطوال الفترة التي تنحصر بين هجران علوم الرياضيات ووفاته برصاص المتطرفين عمل الكاتب «الطاهر جاووت» مشرفا على الصفحات الثقافية في مجلة «الجزائر الحدث» التي تصدر باللغة الفرنسية في الجزائر،كما كان يراسل المجلة الأدبية «حدث الهجرة» التي يصدرها المهاجرون المغاربة في فرنسا وفي عام 1993 اصدر مجلة «القطيعة» التي كان هدفها مقاطعة كل فكر إظلامي، وقد شارك معه في تحرير المجلة كل من الأديبين رشيد بوجدرة، ورشيد ميموني، وكانت المجلة و مقالاتها سببا مؤكدا لاغتياله.