القضاء على الأوبئة، الطب المجاني، الصحة الجوارية، مكتسبات انتزعت رغم الصعاب لا شك أن الجزائر عملت منذ الاستقلال على وضع مبادئ أساسية تقوم عليها السياسة الصحية، سعيا منها لتجسيد حق المواطن في العلاج، كما نصت عليه المواثيق والدساتير، والذي اعتبر مكسبا ثوريا. هذه المبادئ عرفت نجاحات وبعض الاختلالات عبر المراحل المختلفة التي مرت بها البلاد، وكانت وضعية الصحة العمومية للجزائر قبل الاستقلال متردية، حيث كان الشعب الجزائري يعاني الفقر والحرمان ومختلف الأمراض الوبائية، وهذه الأمراض التي كانت ناتجة عن الظروف المعيشية السيئة لأغلبية الجزائريين من جهة، وغياب التغطية الصحية من جهة أخرى.
وبلغة الأرقام غداة الاستقلال، كان في خدمة ل 10 ملايين نسمة قرابة 300 طبيب فقط، مما استوجب تحديد الأولويات والتركيز على سياسة وطنية للصحة، تهدف إلى القضاء على الأمراض الوبائية ومكافحة وفيات الأطفال، وكذا بناء الهياكل وتكوين الإطارات الطبية وشبه الطبية والإدارية. وتمثلت هذه السياسة في المكافحة المكثفة للأمراض الوبائية وتعميم العلاج الوقائي، كالتلقيح، نظافة المحيط، حماية الأمومة والطفولة، النظافة المدرسية وطب العمل وهما الهدفان الرئيسيان اللذان شملهما البرنامج المسطر لعام 1962. وقد خصصت الوسائل لتنفيذ هذا البرنامج الطبي المستعجل كتكوين الأطباء، بناء الهياكل والتجهيزات، وتشجيع التمويل الطبي، إلا أنها لم تكن كافية. وبالرغم من العوائق، فقد حقق هذا البرنامج الكثير من الأهداف، منها التحكم في آفة الأمراض الوبائية من جهة، وظهور معطيات جديدة من جهة أخرى، تمثلت على الخصوص في النمو السكاني وتشبيب الشعب الجزائري. هذه المعطيات السكانية جعلت التركيز على الحماية كهدف وكأولوية للسياسة الصحية في الجزائر. وفي هذا الإطار، رسمت الجزائر محاور كبرى للسياسة الصحية، تمثلت في رسم إستراتيجية من شأنها تعديل مواقع الخلل التي عرفها النظام الصحي السابق، وتمثلت هذه الإستراتيجية في عدد من المحاور، هي الوقاية التي تعتبر أفضل طرق العلاج، لتجنب المرض والعمل على عدم وقوعه، وذلك من خلال الحملات التلقيحية وإجراءات النظافة ومحاصرة المرض قبل انتشاره عن طريق التلقيح واحترام معاييره. وبما أن سياسة التصنيع في الجزائر تعتمد على الصناعات الثقيلة التي تتطلب يدا عاملة كبيرة، وهو ما أدى إلى انتشار حوادث العمل بكثرة، واستوجب ذلك تطوير طب العمل لحماية العامل والاقتصاد في آن واحد، كما انجر عن سياسة التصنيع اتساع شبكة الطرقات وتلوث البيئة نتيجة الغازات الصناعية، بالإضافة إلى حوادث المرور والأمراض البيئية. السياسة الصحية من 1962 إلى 1965 كان النظام الصحي الموروث عند الاستقلال، متمركزا أساسا في كبريات المدن كالجزائر، وهران، وقسنطينة. ويتمثل خاصة في الطب العمومي الذي يتم داخل المستشفيات، وعيادات تشرف عليها البلديات وتقدم المساعدات الطبية المجانية، إلى جانب مراكز الطب المدرسي النفسي التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم. ومن جهة أخرى، هناك الطب الخاص الذي يسهر عليه حوالي 600 طبيب يعملون في عيادات خاصة، جلهم كانوا من الأجانب. لقد عرف قطاع الصحة خلال الحقبة الممتدة من الاستقلال إلى غاية منتصف الستينيات وما بعدها، تطورات كبيرة من حيث المستخدمين والهياكل القاعدية، لكن بمستوى تميز بالبطء مقارنة مع التطور السكاني الذي عرفته البلاد، وكذا بجملة من النصوص والقوانين لتوحيد النظام الموروث عن المستعمر. فقبل سنة 1965، لم تكن البلاد تتوفر إلا على 1319 طبيبا؛ منهم 285 جزائريا فقط، وهو ما يعادل طبيبا واحدا لكل 8092 نسمة، و264 صيدليا؛ أي صيدلي واحد لكل 52323 نسمة. أما أطباء الأسنان، فكانوا حوالي 151 طبيبا، أي طبيب أسنان واحد لكل 70688 نسمة. أما من حيث الهياكل القاعدية، فقد كان هناك عجز كبير، حيث كان قبل سنة 1967 قرابة 39000 سرير بالمستشفيات، وما ميز هذه المرحلة هو الزيادة النسبية لقاعات العلاج مقارنة بسنة 1962. وتميزت السياسة الصحية خلال هذه الفترة، بمحدودية في خياراتها جراء ضعف الوسائل المتوفرة لها، وكان ينبغي في أول الأمر إعادة إنعاش البنايات والهياكل التي خلفها الاستعمار، قبل توفير أدنى قسط من الخدمات الصحية للسكان، ومن جانب آخر، كانت الدولة عازمة على تنمية سياسية على شكل إعانة تتمثل في الحملات التلقيحية لبعض الأمراض الفتاكة والمعدية. كما تميزت هذه المرحلة من جهة، بطب الدولة من خلال المؤسسات الإستشفائية التي تضمن العلاج والاستشفاء، والتي تسيّر من طرف وزارة الصحة والمراكز الصحية التي تضمن المساعدة الطبية المجانية في المدن والبلديات، وتسيّر من طرف البلديات. وأخيرا، مراكز النظافة المدرسية التي تسيّر من طرف وزارة التعليم. ومن جهة أخرى، كان هناك قطاع طبي خاص يقدم علاجا وهو ذو طابع لبيرالي في العيادات الخاصة، ولكن بإمكان الأطباء الخواص استعمال المؤسسات العمومية التابعة للدولة، في إطار تعاقد هذا الخليط من الأنظمة، ويتم التنسيق له من طرف مديرية دائرة الصحة. مرحلة 1965 – 1979 وإعادة بعث نشاط المعهد الوطني للصحة العمومية مع بداية المخطط الوطني وبداية نشاط المعهد الوطني للصحة العمومية الذي أنشئ عام 1964، وبصدور الأمر المنظم لمهنة الأطباء والصيادلة عام 1966، أخذت الأمور تتحسن شيئا فشيئا من خلال تحسين دفع عجلة التكوين الطبي والشبه الطبي، وكذا إنشاء بعض الهياكل القاعدية بين سنتي1967 و1969. وما ميّز هذه المرحلة التاريخية من جهة الهياكل القاعدية، هو مضاعفة قاعات العلاج بين سنتي 1969 و1979 محاولة من المسؤولين منح الأولوية العلاج الأولي، وذلك عن طريق توفير قاعات العلاج والمراكز الصحية على مستوى كل بلدية أو على مستوى كل حي. والهدف من هذه الهياكل القاعدية، هو قبل كل شيء الوقاية، نظرا لخصوصية المجتمع الجزائري الشاب، وكذلك إنشاء العيادات متعددة الخدمات بداية من سنة 1974. وبما أن نسبة 37 % من السكان فقط كانت ممونة بالمياه الصالحة للشرب، و23% تتوفر بها قنوات الصرف الصحي، وما تحمله هذه الأرقام من مؤشرات لانتشار الأمراض المتنقلة عن طريق المياه، لم تقف الدولة موقف المتفرج، بل أخذت التدابير من أجل تنفيذ بعض البرامج التي سطرت بهذا الشأن، والتي تعتبر ذات أولوية بالغة مثل؛ التكفل بالطب المجاني للأطفال من طرف الدولة، سواء في إطار مراكز حماية الطفولة والأمومة أو في إطار الطب المدرسي. كما صدر في هذه الأثناء مرسوم رقم 69 -96، المؤرخ في 9 جويلية سنة 1969 والقاضي بإلزامية التلقيح ومجانيته. هذه الأخيرة التي تعتبر خطوة إيجابية ترمي إلى القضاء على الأمراض المعدية. كما تم إقرار التكفل الشامل من طرف الدولة لمكافحة بعض الأوبئة، مثل مرض السل، من خلال إنشاء المراكز الخاصة بمكافحة مرض السل، ليصبح علاجه مجانيا، ونفس الشيء بالنسبة لمرض الشلل وسوء التغذية، فضلا عن عملية توزيع وتنظيم الولادات بمراكز حماية الأمومة والطفولة. وميز هذه المرحلة التاريخية كذلك، بداية الحملات الوطنية للتلقيح 1969 -1970، التلقيح ضد الشلل، ومكافحة الملاريا بداية من سنة 1965 بالمناطق الوبائية، وذلك مع البرامج المسطرة من طرف منظمة الصحة العالمية. كما ضمت هذه المقاييس مكافحة مرض الرمد، والإعلان عنه إجباريا، بالإضافة إلى برنامج الحماية من حوادث العمل ووضع لجان النظافة والوقاية. من ركائز المنظومة مجانية الطب والوقاية كان قرار مجانية الطب خطوة أولى في طريق إعطاء فعالية أكثر للقطاع الصحي وتوحيد نظامه ككل، ووضع برامج صحية، لها ارتباط وثيق بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية للأفراد، وذلك بتسخير كافة الوسائل والإجراءات لحماية الصحة وترقيتها، وتعميم مجانية العلاج الصحي. وانطلاقا من ذلك، أصبح العلاج مهمة وطنية يستوجب اتخاذ إجراءات هامة وحاسمة من أجل تدعيمها، خاصة في مجال التعليم والتكوين، والزيادة في عدد الهياكل القاعدية، مع التطبيق الصارم للتوازن الجهوي في ذلك. بموجب القرار السياسي الخاص بالطب المجاني في جميع القطاعات الصحية، وبالموازاة مع هذا، توحيد النظام الوطني للصحة وتطبيقه، وتبع هذا الإصلاح قرار وزاري مشترك صادر في جانفي 1974، تم بموجبه تحويل هياكل التعاضديات الفلاحية إلى مصالح الصحة، بالإضافة إلى توحيد الميزانية على مستوى القطاعات الصحية والتكفل المالي بعمال الصحة من طرف الولايات، بعدما كانت تابعة للوزارة، وتحويل جميع المراكز الطبية الاجتماعية التي كانت تابعة لصندوق الضمان الاجتماعي والتعاضديات إلى وزارة الصحة. وهكذا أصبح النظام الصحي الوطني يضم جميع الهياكل الصحية مهما كانت مهامها أو مجال نشاطاتها. وفي هذا الإطار، نص الميثاق الوطني ل 1976، على حق المواطن في الطب المجاني، حيث جاء فيه «الطب المجاني مكسب ثوري وقاعدة لنشاط الصحة العمومية، وتعبير عملي عن التضامن الوطني، ووسيلة تجسد حق المواطن في العلاج». كما دعم دستور 1976 هذا الحق وذلك في المادة 67 منه، والتي تنص صراحة بأن «كل المواطنين لهم الحق في حماية صحتهم وهذا الحق مضمون بخدمات صحية عامة ومجانية وبتوسيع الطب الوقائي». وبالرغم من حداثة الاستقلال والظروف الصعبة التي ميزت المرحلة وطنيا ودوليا -استطاعت الجزائر أن تحقق تطورا في القطاع الصحي، وهذا من خلال تشجيع التنمية البشرية وتكوين الإطارات الطبية وشبه الطبية، وفي مقابل هذا التطور في الموارد البشرية، ظهرت عدة مشاكل تتمثل في هجرة الأدمغة خاصة الأطباء، تمركز الإطارات الطبية في المدن الكبرى، عدم التوازن في التخصصات بما فيها الطبية، قلة وتيرة التطور في التنمية البشرية، بحكم الحاجيات والتحديات محليا ودوليا. أما بشأن تطور الموارد المادية، فتميزت هذه المرحلة بنوع من الاستقرار من حيث الهياكل القاعدية، ومع هذا، سُجل ارتفاع محسوس في عدد العيادات من متعددة الخدمات، من حيث هي همزة الوصل بين المراكز الصحية وقاعات العلاج من جهة، والمستشفيات والقطاعات الصحية من جهة أخرى. إن المؤشرات الصحية لعام 1979 مثلا تؤكد بعض التطور المتمثل في معدل الوفيات الإجمالي 1 .15 من الألف، وفيات الأطفال 122 من الألف والولادات 46.5 من الألف، بينما ارتفع معدل العمر إلى 52.5 سنة. كما تميز النظام الصحي في نهاية هذه المرحلة (1979) إلى حد ما بلامركزية حقيقية للعلاج، وإيصال واسع للعلاج للمواطن، وهذا بواسطة تدعيم القطاع الصحي في كل من الدائرة والولاية، والوقاية من الأمراض بالمناطق الريفية مع التكفل بالاستشفاء. وحتى يقوم القطاع الصحي من خلال المستشفى بالمهام المنوطة به، تم اقتراح ما يسمى بالقطاعات الصحية الفرعية، والتي تعد العيادة متعددة الخدمات المقر التقني الإداري لها. وبدأت ثمار إصلاح العلوم الطبية وإعادة ترتيب التكوين شبه الطبي، تظهر بوضوح، حيث لوحظ ارتفاع محسوس للسلك الطبي بمختلف رتبهم (كالأستاذ والأستاذ المحاضر، الأستاذ المساعد، الطبيب المختص، والطبيب العام، بالإضافة إلى أعوان شبه الطبي. ففي هذه السنة (1979)، بلغ عدد الهيئة الطبية الجزائرية 3761 طبيبا، مقابل 2320 طبيبا أجنبيا، وهذا المجموع من الأطباء(6081) يضمنون تغطية صحية، تعادل طبيبا واحدا لكل 2960 نسمة. ومن جهة أخرى، فإن عدد أعوان الشبه الطبي وصل إلى 46669 ممرضا وعونا بمختلف التخصصات والفروع، وهذا ما يمثل تغطية شبه طبية تتمثل في عون شبه طبي واحد لكل 386 نسمة. أما بشأن الموارد المادية، فنلاحظ ظهور هياكل جديدة من نمط العيادة متعددة الخدمات التي جاءت لإيصال العلاج لكل المواطنين عبر كامل التراب الوطني، والقضاء على الفواق بين المناطق، بالإضافة إلى بعض البناءات وإنجاز وتوسيع الهياكل القاعدية. السياسة الصحية 1979 2007 ما ميز هذه المرحلة هو إنشاء هياكل صحية جديدة سنة 1986، وهي المراكز الإستشفائية الجامعية، وفي نهاية الثمانينيات، جاء دستور 23 فيفري 1989 ليحدد تدخل الدولة في مجال الوقاية ومكافحة الأمراض المعدية، كما نصت عليه المادة 51 من الدستور سالف الذكر، والتي تقول أن: «الرعاية الصحية حق للمواطنين، تتكفل الدولة بالوقاية من الأمراض المعدية وبمكافحتها، ويؤكد ذلك قانون المالية لسنة 1993، حيث نص على أنه بداية من هذه السنة، فإن مجال تدخل الدولة سيكون في الوقاية والتكفل بالمعوزين والتكوين، مع البحث في العلوم الطبية، أما باقي العلاجات، فتتم وفق اتفاق بين المؤسسات الاستشفائية وهيئات الضمان الاجتماعي، كماعرفت هذه المرحلة إعادة تنظيم المؤسسات الصحية من حيث التنظيم والتسيير وذلك سنة 1997، من خلال المراسيم التنفيذية الخاصة بالمؤسسات الاستشفائية المتخصصة والقطاعات الصحية والمراكز الاستشفائية الجامعية، وفي سنة 2007، أعيد تنظيم القطاعات الصحية لتصبح المؤسسات العمومية الاستشفائية والمؤسسات العمومية للصحة الجوارية أي فصل الاستشفاء عن العلاج والفحص، وهي نوع من اللامركزية هدفها تسهيل الوصول إلى العلاج وتقريب المستشفى أو المؤسسة الصحية من المواطن. وقد عرفت هذه المرحلة تطور عدد الهياكل القاعدية وكذا عدد المستخدمين. أما المؤشرات الصحية الخاصة بسنة 2005، فقد عرفت تحسنا، لكنه غير كاف، وخير دليل على ذلك تقرير المنظمة العالمية للصحة بشأن الجزائر، حيث اعتبرت المنظمة أنه بالرغم من المبالغ المالية العمومية المرصودة للقطاع الصحي في الجزائر والمقدرة ب 9.1 ٪ من الميزانية العامة، إلا أن الخدمات الصحية لا سيما ما يتعلق بوفيات الأطفال، كانت دون المستوى، والسبب في ذلك عدم وجود سياسة واستراتيجية ناجعة، وسوء توزيع الأطباء والتفاوت، فيما يخص الرعاية الصحية. ومن أهم المؤشرات، نجد وفيات الأطفال الأقل من 5 سنوات 40.5 من الألف، حسب المنظمة وحسب الجزائر، فهي 35.8 من الألف، بينما بلغ معدل الحياة 74.8 سنة، في الوقت الذي بلغت فيه التغطية التلقيحية ضد الشلل 98% ، الدفتيريا، الكزاز والسعال الديكي ب 87%، التلقيح ضد التهاب الكبد الفيروسي 81 %، أما متوسط توزيع الأطباء، فنجد طبيبا واحدا تقريبا لكل ألف مواطن وأقل من سريرين لكل ألفي مواطن... فإذا كانت التغطية الطبية تقارب المتوسط العالمي على المستوى الكلي، فعلى المستوى الجزئي، نجد تفاوتا كبيرا بين الولايات والجهات، مما يترجم سوء توزيع الأطباء وعدم التحكم في التوازن الجهوي. 2012 سنة المكتسبات يجمع المتتبعون للقطاع الصحي على أن هذا الأخير شهد قفزة متميزة من حيث الكم والنوع، بفضل الاهتمام الذي أولته الدولة لهذا القطاع، غير أن هناك اختلالات مازالت تعتري مجال الصحة، حسب تقديرات المختصين. وكانت العشرية (1992-2002) غنية بالإنجازات، حيث شهدت ميلاد عدة مؤسسات دعمت القطاع، على غرار المخبر الوطني لمراقبة المواد الصيدلانية ومعهد باستور (الجزائر) الذي أصبح مخبرا مرجعيا لمنظمة الصحة العالمية في مجال المراقبة والتكوين حول مقاومة الجراثيم للضمادات الحيوية. وتضاف إلى هذه المؤسسات الصيدلية المركزية للمستشفيات والوكالة الوطنية للدم والمركز الوطني لليقظة الصيدلانية والمركز الوطني لمكافحة التسمم والوكالة الوطنية للتوثيق الصحي. كما عرفت هذه المرحلة إعادة النظر في النصوص القانونية المسيرة للمؤسسات الصحية، بما فيها المستشفيات الجامعية والمؤسسات المتخصصة والمراكز الصحية، بالإضافة إلى تطبيق النظام المسير للنشاطات الإضافية بين القطاعين العمومي والخاص فضلا عن إعادة بعث البرامج الوطنية، تحديد سياسة للأدوية في مجال الاستيراد والتسجيل، المراقبة والتوزيع، وتخلي الدولة عن احتكارها للمواد الصيدلانية في المجال. وتتمثل المرحلة الأخيرة الممتدة بين 2002 و2012 والتي أثبتت محدودية الخدمة بسبب معاناة المؤسسات من عدة اختلالات هيكلية وتنظيمية، مما دفع بالسلطات العمومية إلى اتخاذ مبادرة سياسة إصلاح المستشفيات التي تهدف إلى تخطيط وتنظيم العلاج بها. كما تهدف السياسة الجديدة إلى أنسنة وتأمين الخدمات وعصرنة النشاطات تماشيا مع الطلبات الجديدة، مما يسمح بتوفير خدمة ذات نوعية، مع المحافظة على مبدئي العدالة والتضامن المكرسين من طرف الدولة. وقد عرف القطاع من جانب آخر، انتقالا للوضعية الديموغرافية والوبائية للسكان، إلى تعزيز العلاج الجواري من أجل تقريب الصحة من المواطن، حيث باشرت السلطات العمومية في تطبيق تنظيم جديد للمؤسسات الصحية في سنة 2007، يهدف إلى فصل مهام المستشفيات الجامعية عن تلك التي تضمن علاجا قاعديا أسفر عن تأسيس الطب الجواري الذي قرب العلاج من المواطن. كما برز تقسيم جديد للمؤسسات الصحية، على غرار المؤسسات العمومية الاستشفائية والمؤسسات العمومية للصحة الجوارية التي تشمل أيضا قاعات للعلاج والعيادات متعددة الخدمات. واستفاد القطاع من سنة 2005 إلى 2009 من غلاف مالي بقيمة 244 مليار دينار، تم استثماره في إنجاز 800 مؤسسة استشسفائية وجوارية. وبخصوص التغطية باللقاحات، حقق القطاع خلال العشرية الأخيرة عدة مكاسب، تمثلت في تعميم التغطية اللقاحية بنسبة 90 بالمائة، مما ساهم في القضاء على عدة أمراض خطيرة أدت خلال السنوات الأولى للاستقلال إلى الوفيات والإعاقات إلى جانب القضاء على الأمراض المتنقلة وتراجع الوفيات لدى الأطفال إلى معدل حددته المنظمة العالمية للصحة، بالإضافة إلى انخفاض وفيات الحوامل بنسبة 5 بالمائة كل سنة. فيما تعزز القطاع بتجهيزات طبية عصرية لعبت دورا هاما في الكشف المبكر والتشخيص الدقيق للأمراض المزمنة التي سجلت ظهورها خلال السنوات الأخيرة، مما يدل على مواكبة المجتمع الجزائري للتحولات التي شهدتها المجتمعات المتقدمة.