لم يعد خلاف تنظيم (القاعدة) -الذي يتزعّمه أيمن الظواهري وتنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش) بقيادة أبوبكر البغدادي- خافيا على المراقبين خصوصا بعد الهجوم الشرس الذي شنّه (داعش) ضد تنظيم (القاعدة) واتّهامه للأخير بأنه انحرف وتبدل وتغيّر، بالإضافة إلى تصريحات الظواهري التي اتّهم فيها (داعش) بخدمة النّظام السوري والعمل وفق مصلحته. يصف بعض المراقبين هذه الحرب بأنها لا تخلو من أمرين، فهي إمّا حرب بين (الأحبّة) لأنها بين فصيلين كانا حتى الأمس القريب متآخيين وينتهجان نفس الفكر الجهادي المتشدّد أو أنها صراع (الولاءات) بين زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وأبي بكر البغدادي. البداية كانت عندما هاجم المتحدّث الرّسمي باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) أبومحمد العدناني بشدّة قيادة تنظيم القاعدة وقال إنها انحرفت وتبدلت وتغيّرت، مضيفا في تسجيل صوتي نشر ليل الخميس-الجمعة في موقع منسوب إلى (داعش): (لقد انحرفت قيادة تنظيم القاعدة عن المنهج الصواب، نقولها والحزن يعصف بنا والمرارة تملأ قلوبنا.. نقولها بكلّ أسف)، وأضاف أن (القاعدة اليوم لم تعد قاعدة الجهاد، بل باتت قيادتها معولا لهدم مشروع الدولة الإسلامية والخلافة القادمة بإذن اللّه). ويعمل فصيل آخر من الفصائل المقاتلة تحت مسمّى جبهة النصرة لأهل الشام ويدين بالولاء لزعيم القاعدة أيمن الظواهري، بخلاف تنظيم (داعش) الذي يدين بالولاء لأبي بكر البغدادي المتواجد في العراق. الظواهري يردّ لم يكد يمضي يوم واحد على هجوم (داعش) الموجّه ضد جبهة النصرة وزعيم القاعدة أيمن الظواهري حتى نشر على الأنترنت حديث للظواهري يهاجم فيه (داعش) ويتّهمه بأنه يخدم نظام الأسد. وأجري الحديث مع الظواهري بين فيفري وأفريل، وفق المركز الأمريكي لرصد المواقع الإسلامية (سايت)، لكنه بثّ بعد الاتّهامات التي وجّهتها (الدولة الإسلامية) إلى القاعدة. واتّهم الظواهري في الحديث تنظيم (داعش) بعدم الالتزام بأصول العمل الجماعي وإعلان الدولة دون استئذان، ولم يستبعد الظواهري وجود اختراق من النّظام، في إشارة إلى (داعش) كي يتولى المجاهدون إبادة بعضهم، حسب قوله. وأضاف الظواهري: (أقول لكلّ مجاهد يشارك في قتال إخوانه المجاهدين أو يعتدي على أموالهم وحرماتهم وممتلكاتهم إن أمر أميرك لا يعفيك من المسؤولية، إذا أمرك أميرك بالاعتداء على إخوانك المجاهدين فلا تطعه واطلب منه أن يرسلك إلى الخطوط والثغور التي تواجه فيها العدو البعثي المجرم وحلفاءه الصفويين). مواجهة حزب اللّه كما دعا الظواهري إلى قتال (حزب اللّه)، قائلا إن الحزب (عدو صائل على أنفس المسلمين وأعراضهم وحرماتهم وحليف لأشد النظم إجراما) في إشارة إلى نظام الأسد، وأضاف أن (العدو يجب دفعه بكلّ وسيلة شرعية، ومن حسنات الجهاد أنه أظهر الصورة الحقيقية لما يسمّى بحزب اللّه وزعيمه حسن نصر اللّه). العشائر تتّحد ضد "داعش" جدير بالذكر أن عشائر دير الزّور قرّرت اتّخاذ خطوات لحظر التعامل مع (داعش) بعد سيطرته على مدن وبلدات في ريف دير الزور الشمالي. ومن بين ما تقرّر إهدار دم المتعاملين مع التنظيم وحشد آلاف المقاتلين لمواجهة هجماته المتوقّعة على قرى ومدن محافظة دير الزور انطلاقا من المناطق التي سيطر عليها قرب ناحية الصور وبلدة مركدة. يذكر أن بيان عشائر دير الزور اعتبر أن (داعش) طعن ظهر الثوار في المناطق التي سيطر عليها، وخاصّة مركدة بإيعاز من النّظام لتخفيف الضغط عليه في جبهات دير الزور. وبانضمام عشائر دير الزور إلى قتال (داعش) توسّعت دائرة المعارضين لهذا التنظيم كجبهة النصرة والأكراد والجيش الحرّ والكتائب الإسلامية الأخرى. "النّظام" يربح يبدو أن النّظام السوري -في ظلّ كلّ هذه الخلافات والحروب الجانبية- الرّابح الأكبر من وراء هذا الخلاف في صفوف المجموعات الجهادية في سوريا وتحوّلها إلى تنظيمات متقاتلة. حيث يرى المراقبون أن انشغال الجيش الحرّ ومن يقاتل معه في حرب (داعش) أعطى النّظام السوري الفرصة تلو الأخرى لإعادة تجميع صفوفه وترتيب أوراقه والبدء بشنّ الهجوم بدلا من الدفاع الذي لازمه طويلا، خصوصا في دمشق والساحل السوري.