بقلم عزيز الحاج يظهر أنه، لا حكومة المالكي ومن معها، ولا المرجعية الدينية الشيعية، تريدان استيعاب المخاطر التي تهدد كيان العراق نفسه. إن دعوة المالكي لما يسميه بالجيش (الرديف)، ودعوة مرجعية السيستاني للجهاد دفاعا عن (المقدسات)، لن يفهم منهما غير التحريض على تعبئة طائفية شيعية عامة، قد تؤدي إلى المساهمة في إشعال حرب طائفية جديدة تحت ستار محاربة داعش. كما أنهما إعلان عن الاعتراف بفشل القوات المسلحة المليونية، ومن يديرها ويوجهها. وعلى صعيد آخر، ترتفع صيحات من بعض رجال الدين ورؤساء العشائر السنة لمساندة من يصفونهم ب(الثوار)، الذين يحاربون، على حد قولهم، ضد المظلومية السنية. إن أصحاب هذه الدعوات من الطرفين يلتقون في التشجيع على الاحتراب الطائفي الذي تستغله المجوعات الإرهابية من كل لون وجنس ومذهب، ويلتقون، بالتالي، في تهديد الوطن العراقي. نحتاج لوقت إضافي لتبين كل الخيوط والحقائق عن قصة داعش ولغزه ومن وراءه وساهم في صناعته. غير أن ثمة وقائع لا تدحض لها دلالاتها التي يجب أخذها بالحسبان، وهي ما سبق لنا الإشارة لبعضها، كما أشار لها آخرون من كتاب إيلاف، ومنهم الأستاذ أحمد أبو مطر: - في سوريا لا يقاتل داعش القوات الرسمية بل يقاتل الجيش الحر، ويقترف جرائم ضد المدنيين، ولاسيما من بين الأقليات الدينية، لتشويه أهداف التحرك الشعبي السوري. والبراميل الروسية القتالة لا تسقط على داعش، بل على قوات الجيش الحر حتى لو كانت هذه وتلك على مقربة من بعض... - داعش، كما قاعدة الظواهري، لم ينفذ أية عملية إرهابية في إيران أو ضد مصالح إيران في المنطقة والعالم. وداعش يخطف موظفي القنصلية التركية لا أية قنصلية إيرانية، وزعيم داعش يقول علنا في رسالة للظواهري بأنهم لا ينفذون شيئا (ضد الروافض) في إيران تنفيذا لقرارات سابقة صادرة عن شيوخ القاعدة لوجود مصالح مشتركة.... - لا نزال لا نفهم جميع أسرار انسحاب القيادات العسكرية من الموصل أمام داعش دون قتال، وهروب القوات بعد ترك أسلحتها المتقدمة لداعش ومن يساندونها، فيزدادون قوة وتمويلا من أموال الدولة. ونعرف أنه في الأنبار هاجم الجيش المعتصمين السلميين، ثم انسحب ليترك فراغا سرعان ما ملأته قوات داعش. القادة العسكريون في الموصل غادروا في الطائرات المروحية تاركين الجنود الحيارى والمبلبلين. وإنه لمن غير المنطقي اتهام محافظ الموصل أو رئيس البرلمان العراقي وهما من لا علاقة لهما بالقيادة العسكرية.... . ... - كما أشرنا في مقال سابق، فإن داعش يقدم خدمات كبرى لدعاة التطهير الطائفي، حيث احتل مدنا ذات أكثرية سنية ستكون مهددة من الطرفين، الحكومي والداعشي معا، ولاسيما من بين المدنيين، الذين يجري تهجير مئات الآلاف منهم. فداعش يتنقل بسرعة في سياراته المدرعة والسريعة، تاركا وراءه عددا من مقاتليه بين حشود المدنيين، فتنصب النيران على المدنيين، وليذهب بعض مقاتلي داعش أيضا للجحيم! مهما يكن، وبانتظار انكشاف جميع الحقائق عن هذا الداعش، فإن المهم اليوم في العراق هو استيعاب مدى الخطر الداعشي واحتمالات الحرب الطائفية ونشوب حروب إقليمية على أرض العراق. وها هي إيران تستغل الوضع لإرسال قوات من فيلق القدس لنواحي محافظة ديالى لتكون جنبا لجنب مع إرهابيي عصائب أهل الحق، الذين سبق واقترفوا المجازر في بهرز ونهبوا السكان، كما نهبوا ممتلكات مسيحية. فهل هؤلاء هم من ينقذون العراق ووحدة أرضه وسيادته؟؟!! العراق في خطر مؤكد، قادت إليه السياسات الطائفية والإقصائية، والاستبداد بالقرارات الكبرى، ومسايرة إيران. وإذا كان الوزير الروسي لا فروف يعلق على الوضع العراقي بسخرية وشماتة، مرجعا كل الكوارث لسقوط النظام البعثي في العراق، فإن عليه أن لا يتجاهل دور روسيا في المأساة العراقية، وفي الانهيار العام في المنطقة جراء ضلوعها الكثيف في سوريا مع بشار الأسد، هي وشريكها الإيراني، مستفيدين من لامبالاة المجتمع الدولي، ولاسيما من السياسات الخاطئة لإدارة أوباما، ومنها ترك العراق وهو في وضع غير محكم استغلته إيران. ولو تم وقف الأسد عند حده في العام الأول من النهوض الشعبي، ولو نفذت قرارات جنيف 1 باستبعاده من السلطة، لما ظهر لا داعش ولا جبهة النصرة، ولما تداعى الوضع العراقي لهذا الحد المخيف. وإن من حق الأستاذ غسان شربل أن يذكّر لافروف بأن يده [ويد بوتين]، هو الآخر، ملطخ بالدم العراقي. كذلك لو لم يواصل أوباما الهرولة وراء إيران، التي ترعى الإرهاب في المنطقة والعالم، لكان لنا في العراق والمنطقة وضع آخر...