شباب يتنقلون بملابس البحر عبر الشوارع بحلول فصل الصيف يجتهد الشباب في اقتناء العديد من الملابس التي تواكب الموضة والعصر الحالي، ولكن المثير في الأمر والذي أصبح يشكل إزعاجا وأرقا للكثيرين هو سير بعض الشباب بلباس البحر في المدينة وأمام الملأ دون حياء ولا خجل، مع أن القانون الجزائري وفي وقت مضى كان يعاقب كل شاب أو شابة تمشي بملابس كاشفة في الشارع. روبورتاج: عتيقة مغوفل قبل أن نشرع في كتابة الموضوع تنقلنا إلى بعض شوارع العاصمة وتجولنا ببعض محلات بيع الملابس، شاهدنا تلك الملابس الصيفية المعروضة للبيع في هذه المحلات، متنوعة ما بين التنورات القصيرة والفساتين دون أكمام التي يبلغ طولها نصف متر على أقصى تقدير، أما عن ملابس السباحة أو (المايو) كما هو معروف عند العام والخاص فحدث ولا حرج بكل الألوان والأشكال، أما الأسعار فإنها تبدأ من 4000دج فما فوق، خرجنا من تلك المحلات مصدومين من الموديلات الكاشفة والألوان الفاضحة وكذا الأسعار الحارقة. ألبسة تخرق وقار الصروح العلمية كل ما رأيناه جعلنا نقترب من بعض المواطنين على مختلف أعمارهم لسؤالهم كيف ينظرون إلى ملابس البحر التي يرتديها الشباب اليوم حتى للذهاب إلى المدارس والجامعات والتي غدت في كثير من الأحيان تخدش الحياء، وكانت أول من التقينا بها السيدة(رشيدة) التي تبلغ من العمر49 عاما أستاذة بالطور الإكمالي طرحنا عليها سؤالنا ما رأيها في تلك الألبسة، فأجابتنا (جيل هذا الزمن أصبح ينظر إلى هذا النوع من الملابس على أنه الأرقى والأروع مع أنه مخالف تماما لتلك الملابس التي تعلمنا لبسها من آبائنا، نحن في وقت مضى كنا نستحي حتى نلبس السروال كانت كل الفتيات تلبس التنورات الطويلة صيفا وشتاء، أما اليوم فحتى في فصل الشتاء تلبس الفتيات تنورات قصيرة مع جوارب نسائية ويمشين بها في الشارع بطريقة جد عادية، فبصفتي أستاذة وأحتكك بهذه الفئة من المجتمع الكبير، فإني لاحظت أن التلميذات وخصوصا هذه الأيام التي بدأت تعرف ارتفاعا في درجات الحرارة يلبسن فساتين خاصة بالبحر مزركشة بالألوان وشفافة، أما الشبان فيلبسون سراويل قصيرة وضيقة يستحي الإنسان أن ينظر إليهم، وإذا قدمت لهم النصيحة يضحكون ويعتبرونني أستاذة متخلفة). التريكو تبو و البرميدة يصنعان الحدث صيفا تركنا الأستاذة (رشيدة) تذهب إلى شؤونها لنلتقي بعدها بعمي (قدور) جد سبعيني جالس في موقف للحافلات بباب الوادي ينتظر الحافلة التي ستنقله إلى (تافورة)، كل من ينظر إليه توحي له هيئة هذا الجد أنه رجل من رجال الزمن القديم زمن الحياء والحشمة بسبب ارتدائه طاقم الجينز الأزرق الذي كان يحبذ ارتداءه الكثيرون قديما أو المعروف بالشونقاي، تقربنا إليه وسألناه عن رأيه في لباس الشباب الخاص بالبحر الذي يرتدونه في الصيف من أجل الخروج به إلى الأماكن العامة، فأجابنا (أنه لباس خارج عن ثقافة مجتمعنا الجزائري، ففي الماضي كان الشاب يستحي أن يلبس حتى القميص الداخلي ويبقى به أمام والديه وشقيقاته في المنزل أيام الحرمة، أما اليوم فقد أصبح لبس هذا القميص موضة لكل الشباب يلبسونه حتى في الأعراس والأفراح، حتى يظهر الشاب عضلاته ومفاتنه الجسدية وذلك للتباهي واستقطاب أكبر عدد ممكن من الشابات والمعجبات، فالشاب الذي لا يكون له أكبر عدد من المعجبات يعاني نقصا في رجولته وشخصيته، سكت قليلا وقال (الحياء والحشمة غابا في زماننا هذا). بعد أن عرفنا رأي كبار السن عن فكرة الموضوع أردنا معرفة رأي الشباب في ألبسة البحر التي أصبحوا يحبذون لباسها كثيرا في شوارع العاصمة، لذلك التقينا مريم التي تبلغ من العمر23 ربيعا طالبة جامعية تخصص صيدلة سنة ثالثة بالجامعة المركزية يوسف بن خدة، وحين طرحنا عليها فكرة الموضوع تبسمت وقالت (عادي أن يلبس المرء في فصل الصيف لباسا خفيفا والخروج به إلى الشارع لأن حرارة الجو تتطلب ذلك، بالإضافة إلى هذا أنا لا أعتقد أن هناك لباسا خاصا بالشاطئ وآخر بالشارع). شباب يركض وراء موضة الكول للفت الانتباه أما (عدلان) البالغ من العمر19 سنة فلم يختلف رأيه كثيرا عن رأي مريم، فهو يعتبر أن كل أنواع اللباس صالحة لكل زمان ومكان، فبالنسبة له في الماضي فقط كان الناس يخصصون ألبسة معينة وخاصة، أما اليوم فللشباب ذوق آخر وآراء مغايرة تماما لأنهم أصبحوا يتبعون الموضة التي لا يمكن الاستغناء عليها في وقتنا الحالي لأن الشاب اليوم يحب أن يكون (كول) حتى ينال الرضى والإعجاب، بالإضافة إلى هذا فإن معظم الشبان يذهبون في الصيف إلى البحر وبالتالي يحبون التباهي (بالبرونزاج) ليختم عدلان حديثه إلينا قائلا (الصيف شهران فقط اتركونا نتباهى بأجسادنا قليلا لأننا نغطيها بالملابس والمعاطف في باقي أيام السنة). لكن لا ننفي أن بعض المراهقين وحتى الشبان من مختلف الأعمار مارسوا حرياتهم في انتقاء اللباس بما يمس حريات الآخرين وبتنا نطل على صور كاشفة عبر الشوارع منها السراويل الهابطة وحتى الضيقة من دون أن ننسى البرميدات القصيرة جدا الملحقة بقميص داخلي أو كما يعرف بالتريكو تبو، ومن ثمة فإن تلك الظواهر لم تعد مقتصرة فقط على الفتيات بل سطت ظاهرة الكشف حتى إلى الرجال بما لا يتوافق مع طبيعتهم الرجولية تحت وعاء أن الرجل غير معرض للاتهام أو (مافيهش العيب) كما يقال بالعامية لكن بالعكس ما سجلناه على سلفنا الصالح لا يمت الصلة بما هو جارٍ الآن بحث عرف رجل الأمس بالسترة وباللباس التقليدي الأصيل والمحتشم. اختيار اللباس حرية شخصية في حدود الحشمة ارتداء ملابس بحر كاشفة تدخل في إطار الإخلال بالآداب العامة التي تعتبر دخيلة عن المجتمع الجزائري، لذلك أردنا معرفة رأي المشرع في الموضوع فربطنا اتصالا هاتفيا بالأستاذ المحامي (علوش عبد الرزاق) الذي أوضح لنا أنه لا توجد مادة صريحة في القانون الجزائري تعاقب على ارتداء الملابس الكاشفة والخاصة بالبحر في الشوارع والمناطق الحضرية، فالمادة الواحدة التي تخص اللباس هي المادة رقم246 من قانون العقوبات التي تنص على(كل من ارتدى علنا لباسا يشبه الزي الذي يرتديه الجيش الوطني الشعبي، أو الدرك الوطني، أو الأمن الوطني، أو إدارة الجمارك، أو الموظفون القائمون بأعمال الضبط القضائي أو قوات الشرطة المساعدة، ويكون من شأنه أحداث التباس للجمهور يعاقب بالحبس من شهر لستة أشهر وبغرامة مالية من 500دج إلى 2500دج أو بإحدى هاتين العقوبتين)، وهذه المادة القانونية الوحيدة باللباس خاصة بانتحال صفة موظف في القطاع العمومي ولا تخص ارتداء ملابس كاشفة في الشارع، رغم أنه في سنوات السبعينات كان القانون يحاسب الفتيات ممن تلبس القصير، في حين اليوم لا حسيب ولا رقيب لأنها أصبحت تعتبر حرية شخصية وانتقلت المظاهر المعيبة حتى إلى الشبان بل والرجال من مختلف الأعمار وحتى العقد الرابع، بحيث اختلط الحابل بالنابل باسم العصرنة ومسايرة التطور أو بالأحرى التقليد الأعمى المصدر من الغرب.