واصلت كنائس بالولايات المتحدة تقديم مبادرات لتوعية المجتمع الأمريكي وتصحيح مفاهيمه الخاطئة حول الإسلام بعد انتشار المشاعر المعادية للإسلام والمسلمين.. أحدث هذه المبادرات هي مبادرة كنيسة "جميع القديسين" في ولاية كاليفورنيا والتي نظمت محاضرات لرعاياها حول "جوهر الإسلام الحقيقي". وقال أدوين بيكون، راعي كنيسة "جميع القديسين" في مدينة باسادينا جنوب كاليفورنيا لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية: "لا نريد أن يتوقف الأمر عند المحاضرات فقط.. نريد أن يفهم رعايانا الإسلام الصحيح". ونظمت الكنيسة "جميع القديسيين" 3 محاضرات يقدمها مسلمون بعنوان "الإسلام 101" لتثقيف رواد الكنيسة حول تعاليم الإسلام الصحيحة، واختتمت المحاضرات بمحاضرة للطبيب ماهر حتحوت، المستشار الأول لمجلس الشؤون العامة الإسلامية، ويعد من الأصوات البارزة للمسلمين في جنوب كاليفورنيا. وقال بيكون إن فكرة المحاضرات جاءت بعد تهديدات بحرق القرآن الكريم، في ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. وتأتي مبادرة كنيسة "جميع القديسين" بعد 3 شهور من الدعوة الفاشلة للقس الأمريكي المتطرف "تيري جونز" لحرق القرآن احتجاجا على خطة لبناء مركز إسلامي في موقع هجمات 11 سبتمبر، وما تلاها من حوادث فردية لحرق صفحات من القرآن الكريم من جانب يمينيين متطرفين. وفي جويلية الماضي طالب جونز راعي كنيسة "مركز اليمامة للتواصل العالمي" في ولاية فلوريدا ومؤلف كتاب "الإسلام من الشيطان"، بجعل يوم الاحتفال بذكرى هجمات 11 سبتمبر يوما عالميا لحرق القرآن، لكن قوبلت دعواه بإدانات عالمية وتحذيرات من مسؤولين أمريكيين من رد فعل عنيف تجاه جونز. وسبقت كنيسة "جميع القديسين" كنيسة أخرى وهي كنيسة "فريست يوناتيد ميثوديست" بولاية إلينوي الأمريكية التي طرحت مبادرة تحت عنوان "لا تحرق.. اقرأ وتعلم" دعت خلالها روادها وسكان الولاية لقراءة القرآن الكريم وتدارس معانيه، كما قامت بتوزيع عشرات النسخ من القرآن المترجم إلى اللغة الإنجليزية، وذلك بهدف فهم تعاليم الإسلام. هستيريا من ناحيته قال بيكون إن "هستيريا معاداة الإسلام" هي التي حفزته للتحرك والتفكير في مبادرة المحاضرات عن الإسلام. وأضاف بيكون الذي تعرف كنيسته بحواراتها مع الأديان الأخرى: "لقد شعرت بالاشمئزاز.. بدلا من حرق المصاحف ينبغي أن ندرس ما جاء فيها". ولم تكن دعوات حرق القرآن الكريم هي فقط التي حركت القس بيكون وكنيسته، لكن الجدل حول بناء مسجد نيويورك لمس وترا حساسا أظهر العديد من المواقف الأمريكية تجاه الإسلام بعد تسع سنوات من هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وأطلقت الذكرى التاسعة للهجمات العنان للمشاعر المعادية ضد المسلمين على الصعيد الوطني، كما صعَّد السياسيون اليمنيون المتطرفون من خطاباتهم التحريضية ضد المسلمين. الإسلام الحقيقي وبعد محاضرة الطبيب حتحوت التي دارت حول "لمحة موجزة عن الإسلام" تلقى المحاضر أسئلة من الحاضرين من جمهور الكنيسة والذي وصل عددهم إلى 75 شخصاً. وحاول حتحوت في المحاضرة محاورة الجمهور وتوضيح مخاوفهم من الإسلام، وقال: "عندما ظهر الإسلام كان أمامه خياران إما أن يطالب معتنقيه بقبول الأديان الأخرى أو أن يقاتلهم ويعاديهم". وأضاف: "نحن الآن نكتشف أننا يمكن أن نكون مختلفين دون قتال.. وإلا صارت الحياة بائسة للغاية". كما تحدث حتحوت في محاضرته عن أن "الإرهاب يشكل انتهاكا لجوهر الإسلام، والذين يستخدمون الإرهاب للدفاع عن الإسلام في الحقيقة هم يشوِّهون الإسلام". وأبدى حتحوت أسفه على ربط الأعمال التي يقوم بها المتطرفون بمصطلحات مثل "مسلم إرهابي"، مضيفا: "لم يقل أحد "إرهابي مسيحي" هاجمَ عيادة للإجهاض.. الصفة الدينية لا تنخلع إلا على المسلم". في المحاضرة قال بعض الحاضرين لحتحوت إن الصوت المعتدل للإسلام بات ضعيفاً، لكن حتحوت أكد أن ذلك ليس صحيحا، لافتا النظر إلى وجود العديد من المبادرات التي قام بها مسلمون على مدى سنوات طوال لنبذ التطرف والأعمال الإرهابية. وأضاف "إذا كنتُ أصرخ وأنت لا تسمعني.. هذا يعني أنك أصم.. لكن هذا لا يعني أني لا أصرخ". ويرى القس بيكون أن كنيسته نجحت في نشر فهم أفضل للإسلام في المجتمع المسيحي، وأن المجموعة التي حضرت ستكون أكثر قدرة على الشرح للآخرين أن "أكثر من 1.6 مليار مسلم في العالم دينهم هو دين السلام وليس دين الإرهاب.. هذا هو الإسلام الحقيقي". وبحسب إحصائيات غير رسمية فإن عدد المسلمين في أمريكا يتراوح بين 6 و 7 مليون مسلم. وكشفت دراسة أمريكية أن غالبية الأمريكيين لا يعرفون سوى القليل جدا عن الإسلام والمسلمين، كما أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "غالوب" مؤخرا أن 43% من الأمريكيين اعترفوا بشعورهم بالتحامل ضد المسلمين.