مبالغ كراء شقق بسيطة تصل إلى 7 ملايين سنتيم شهريا أصبح الكثير من المقبلين على الزواج يفضلون السكن بمفردهم وذلك حتى ينعموا بالحرية التي قد يفتقدونها إذا ما سكنوا في منزل العائلة الكبيرة، خاصة بعد أن أصبحت الكثير من الفتيات اليوم يشترطن على الخطيب السكن الفردي بعيدا عن العائلة الكبيرة، ولكن وبما أن أسعار السكنات في الجزائر أصبحت خيالية تفوق مليار سنتيم، يلجأ هؤلاء الأزواج الجدد إلى الكراء سدا لحاجيهم ولو بشكل مؤقت، لكن المشكل يبقى مستمرا دوما وذلك نظرا للغلاء الذي يشهده سوق العقار في الجزائر. عتيقة مغوفل تطلب منا إنجاز الموضوع أن نلتقي ببعض الشباب المقبلين على الزواج، والذين يحبذون فكرة الاستقلال عن العائلة والسكن بمفرهم وكان أول من التقيناه(زهير) الذي يبلغ من العمر 36 عاما مقبل على الزواج خلال الربيع القادم كان متواجدا بإحدى الوكالات العقارية يبحث عن شقة تناسبه لكرائها، فكانت فرصة لنا من أجل سؤاله عن موضوعنا، فقال (منذ حوالي ثلاثة أشهر وأنا أبحث عن شقة ولو حتى غرفة لأتزوج فيها، ولكن لا جدوى لم أجد مايليق بي فكل السكنات لا يقل ثمن كرائها عن 25 ألف دج شهريا، وأنا لا أستطيع دفع هذا المبلغ بحكم أن راتبي الشهري لا يصل إلى هذا المبلغ، ورغم أن خطيبتي امرأة عاملة إلا أننا لا نستطيع أن ندفع هذا المبلغ زيادة إلى مصاريف العرس وغيرها)، سألناه مرة أخرى لماذا لا يسكن في بيت أهله فأجابنا (زوجتي محجبة ولا أحبها أن تنكشف على اخوتي، لذلك أفضل أن أسكن بمفردي حتى تكون زوجتي حرة وهي في المنزل ولا تضطر أن تضع الخمار وتلبس الأكمام الطويلة في عز الصيف)، مبالغ كراء ما بين 2 و3 مليون سنتيم شهريا بعد (زهير) التقينا ب(حكيم) الذي يبلغ من العمر 38 ربيعا هو الآخر مقبل على الزواج بعد شهرين من الآن، وهو بصدد البحث عن شقة للإيجار فقال: (أنا عازم على دخول القفص الذهبي بعد شهرين تقريبا، لذلك أنا أبحث عن شقة لكرائها ولكني اصطدمت بالأسعار الخيالية لسوق العقار، فشقة متكونة من غرفتين يبلغ ثمن إيجارها 30 ألف دج، في حين فإن الشقة التي تتكون من غرفة نوم ومطبخ بالإضافة إلى حمام صغير فإن إيجارها يصل إلى 20ألف دج، وأحيانا أكثر، ولكن اقترح علي أحد الأصدقاء فكرة أخرى، فقد عرفني على شخص له بناءين فوضويين في حي السيدة الإفريقية ببلدية بولوغين، كل واحد منهما متكون من غرفتين بالإضافة إلى مطبخ وحمام وهو يستأجرهما ب16 ألف دج شهريا، ولكن وعلى ما يبدو أني سأستأجرهما منه لأني لم أجد أفضل منهما، رغم أن هذا المسكن بعيد قليلا عن العاصمة باعتباره واقعا بأعالي السيدة الإفريقية لكن لا خيار لي فسأستأجرهما حتما). عدنا وسألناه مرة أخرى لماذا لا يسكن عند أهله؟، فأجاب: (نحن في بيتنا نكاد ننام بالدور من شدة الضيق لدينا فكيف لي أن أسكن في بيت أهلي). أسعار ملتهبة للإيجار تفرضها الوكالات العقارية بعد كل ما سمعناه عن الغلاء الذي يعرفه سوق العقار في الجزائر، أردنا الاضطلاع أكثر على الموضوع فقمنا بزيارة لعدد من الوكالات العقارية بالعاصمة أين تظاهرنا أننا نبحث عن شقة لكرائها حتى نستفسر من أصحابها عن أسعار الشقق التي أصبحت خيالية بالنسبة للكثيرين، خصوصا من أولئك المقبلين على الزواج، أول وكالة عقارية دخلناها كان صاحبها واضعا لافتة في مدخل الوكالة وعليها أسعار بعض الشقق قرأناها فذهلنا لغلاء الأسعار التي تتراوح من 800 مليون سنتيم إلى غاية 4 و 5 ملايير سنتيم، وهو الأمر الذي دفعنا للحديث مع صاحبها بحجة أننا نبحث عن شقة للكراء، وبدأ يستعرض علينا الأسعار شقة من غرفتين بباب الجديد ب28 ألف دج، شقة من 3 غرف بساحة أول ماي ب30ألف دج، أخرى ببينام ب40 ألف دج فعلا صدمنا من الأسعار، وبعد أن خرجنا من هذه الوكالة توجهنا إلى وكالة عقارية أخرى طمعا أننا نجد شققا أخرى للإيجار وبأسعار معقولة فقصدنا وكالة عقارية أخرى بنواحي العاصمة، بعد أن تحدثنا إلى سكرتيرة فيها بدأت تعرض علينا الشقق المتواجدة لديها للكراء، الأولى بحسين داي من 3 غرف ب40ألف دج، الثانية بديدوش مراد ب45 ألف دج، الثالثة بعبان رمضان متكونة من 5 غرف ب70 ألف دج، أوقفناها لبرهة وسألناها هل هناك شقق للكراء ب20ألف دج فتبسمت وقالت إن شققا بهذه الأسعار انقرضت ولم تعد موجودة. .. وآخرون يبحثون في المواقع الإلكترونية عن مخرج ولكن من جهة أخرى، هناك بعض المواطنين من يلجأون إلى البحث عن كراء سكنات من خلال بعض المواقع الإلكترونية حتى يتفادون دفع مستحقات الوكالة العقارية التي أصبحت تثقل كاهل الكثيرين والتي تتجاوز10 آلاف دج في أحيان كثيرة، ولعل أهم هذه المواقع (الكراء في الجزائر) بعد أن قمنا بالاضطلاع عليه وجدنا أن الأسعار المعروضة من خلاله لا تختلف عن تلك التي وجدناها في الوكالات العقارية فهي لا تقل عن 25 ألف دج لشقة من غرفتين. سوق العقار في الجزائر مسير من طرف مافيا متخصصة وللاستفسار عن خلفيات الغلاء الفاحش الذي أصبح يعرفه سوق العقار في الجزائر ربطنا اتصالا هاتفيا بأحد أعضاء المكتب الوطني للفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية، الذي علل سبب ارتفاع الإيجارات في الجزائر إلى أن الدينار الجزائري لم تعد له قيمة مقارنة بالعملات الآخرى، كما أن الطلب أكثر من العرض فمثلا خلال الفترة الممتدة بين شهر ماي وجوان يم تسجيل أكثر من 100 طلب على الإيجار، في حين فإن العرض لا يمثل إلا نسبة 5 بالمئة من مجموع الطلب، من جهة أخرى فقد أضاف عضو الفيدرالية (أنه لا وجود لبورصة العقار في الجزائر تتحكم في الأسعار، فقد أصبح سوق العقار يخضع للمافيا المتخصصة في المجال. من جهة أخرى اعتبر أن الغلاء الذي يعرفه سوق العقار في الجزائر، راجع إلى قانون العرض والطلب، فالطلب أكثر من العرض، بالإضافة إلى عدم وجود قوانين تضبط هذا المجال، فالدولة لا تراقب سوق العقار لأنها لا تتبع القوانين المخصصة له، بالإضافة إلى هذا فإن برنامج المليون السكن لم ينجح، فالأسعار بقيت على حالها ومن أجل حل هذا المشكل يجب بناء أكبر قدر ممكن لأن سكان الجزائر يتكاثرون بشكل كبير.