بدا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة متأثّرا كثيرا بوفاة مستشاره عبد اللطيف رحّال الذي توفي يوم الاثنين عن عمر ال 92 سنة، وقد عبّر عن هذا التأثّر في برقية تعزية بعث بها إلى أفراد عائلة الدبلوماسي والمستشار برئاسة الجمهورية الراحل رحّال رثاه فيها مؤكّدا أن الفقيد (علَم من أعلام الجزائر وأحد رجالات الدولة المخلصين البارزين). جاء في برقية الرئيس بوتفليقة: (تلقّيت بعميق الحزن والأسى نعي المشمول بعفو اللّه ورضوانه، أخي وصديقي الأثير عبد اللطيف رحّال، الذي بانتقاله إلى عفو اللّه فقدت الجزائر علَما من أعلامها وأحد رجالات الدولة المخلصين البارزين، إذ كان نِعم القدوة الحسنة في البرّ بالوطن والدفاع عن مصالحه فتأسّت به أفواج لا تحصى من خيرة الإطارات الجزائرية)، وأضاف أنه (فضلا عمّا يعلمه الخاص والعام من تكامل خلال الخير واجتماع مناقب الفضل في فقيدنا، ومن صفاء نفسه وعفاف مذهبه واكتمال حلمه وسعة علمه وكمال حنكته في القيام بأعباء خدمة الدولة ومعرفته بأسرار السياسة وفنون الدبلوماسية، كان ذا خصال إنسانية رفيعة وقناعات وطنية متشبّعة أيما تشبّع بقيم الجزائر ومرجعياتها الصحيحة وأمجادها الأثيلة). وتابع الرئيس بوتفليقة قائلا إن الفقيد (صار نموذجا لخادم الدولة الحريص الأمين الذي يعمل بعيدا عن الأضواء ولا يألو جهدا في أداء ما عليه أحسن أداء مسخّرا كل ما شهد له به من رجاحة فكر ومن كفاءة عالية وما جبل عليه من مواهب شتى في مختلف مناصب المسؤولية التي تبوّأها ضمن الهيئة التنفيذية، وكذا في مجال الدبلوماسية، حيث تألّق في إسماع كلمة الجزائر، ما أكسبه تقدير كل من عملوا أو تعاملوا معه، إن على المستوى الوطني أو العربي أو الإفريقي أو الدولي). وقال رئيس الدولة في برقيته: (واليوم نفاجأ برحيله عن دنيانا، فيا له من خبر ينزل علينا كالصاعقة، فيخرس اللّسان ويشلّ الفكر وتذهل النفس، فهل في مقدورنا أن نعبّر عن هول الرزء الذي أصابنا في صميمنا؟ وهل في استطاعتنا أن نحمل اللفظ ما نحمل من حزن على فقيدنا؟ وهل يستطيع الصبر أن يجد له مكانا في قلوبنا والأسى يملأها والألم يعصرها؟ وهل يمكن للأيّام والأعوام أن تنسينا الخطب الذي حلّ بنا؟ هيهات هيهات لا شيء من هذا يمكن أن يعزينا في الرّاحل عنّا أو يخفّف من حزننا عليه). وواصل الرئيس بوتفليقة استذكاره لمناقب الفقيد قائلا: (فلم يكن أخا كريما وصديقا عزيزا وأبا حانيا فحسب، بل كان ركنا من أركان دولتنا ورجلا من رجالات الجزائر الكبار الذين خدموها بإخلاص وكفاءة واقتدار)، وأضاف أن (في المناصب العليا التي تقلّدها، كما في المهام السامية التي اضطلع بها، كما في المحافل الدولية التي مثّل الجزائر فيها، كان الرجل الإداري الذي لا يضاهى والدبلوماسي القدير الذي لا يجارى والحكيم الذي لا رأي يعلو فوق رأيه، خاصّة في باريس وفي منظمتي الأمم المتّحدة بنيويورك واليونيسكو التي شهد له فيها الجميع بأنه كان خير من دافع فأفحم عن كل القضايا في العالم النامي). وجاء في برقية رئيس الجمهورية: (وداعا أيّها الأخ العزيز والصديق العظيم، لقد كنت لي نِعم الناصح المعين عقودا من الزمن، وستبقى كذلك أسترشد بآرائك السديدة وأستمدّ من تجربتك الطويلة ومن حنكتك وحصافتك، ستبقى بجانبي وعلى يميني وما بقي لي من عمر في هذه الدنيا، فطوبى لك في جنّات النعيم، وسلام عليك بين الأبرار والصديقين). وخلص الرئيس بوتفليقة إلى القول: (إثر هذا الرزء الفادح لا يسعني إلاّ التسليم بقضاء اللّه وقدره، ومشاطرتكم مشاعر الحزن وأتقدّم إليكم جميعا ومن خلالكم إلى كل أقارب الفقيد ورفاقه في دواليب الدولة وأصدقائه جميعا بخالص التعازي وأحرّ مشاعر التعاطف، سائلا العليّ القدير أن يرزقنا عن فقده جميل الصبر وحسن العزاء ويجزيه الجزاء الأوفى عمّا أسداه لوطنه من جلائل الأعمال ويتغمّده بواسع رحمته ويتقبّله في عداد الصالحين من عباده المنعم عليهم بالجنّة والرضوان، الذين يجدون ما عملوا من خير محضرا ويلقون نضرة وسرورا، إنه سميع مجيب).