رسم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة خارطة طريق سنة 2015، حين أكد أن الجزائر تمتلك الأدوات اللازمة لتخطي (أزمة البترول) دون صعوبات كبرى، وفي الوقت نفسه دون المساس بحق المواطن في التنمية وحق الفقراء في التضامن والتكافل الاجتماعي، وفي المقابل أعطى الرئيس تعليمات صارمة للوزراء بهدف ترشيد الإنفاق الحكومي والاكتفاء بالمصاريف الضرورية. رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة دعا يوم الثلاثاء الماضي الجزائريّين إلى التحلي ب(الوعي) و(التجند) من أجل التوصل بسرعة إلى اقتصاد أقوى واستكمال الإصلاح السياسي الديمقراطي في ظل التمسك بالعدالة الإجتماعية وذلك رغم التهديدات التي يمثلها انهيار أسعار النفط على إمكانيات الدولة)، واعتبر متتبعون كلام الرئيس بمثابة رسالة طمأنة لعموم الجزائريّين، وخارطة طريق للجزائر في ظل (أزمة البترول). وأكد رئيس الجمهورية الذي خاطب الأمة في ختام آخر مجلس للوزراء لهذه السنة أن (وعي الجميع وجهودهم سيسمح كذلك بالتعجيل بالإصلاحات الإقتصادية اللازمة وببناء اقتصاد وطني متنوع وتنافسي في ظل التمسك الدائم بالعدالة الإجتماعية والتضامن الوطني). وبعد أن أكد أنه (على قناعة) بأن الجزائر ستتمكن من تجاوز الاضطرابات الخطيرة التي تشهدها سوق المحروقات الدولية دون صعوبات كبرى، أوضح الرئيس بوتفليقة أن ديناميكية التنمية لن تتوقف وأن سياسة استحداث مناصب الشغل للشباب وبناء تجهيزات اجتماعية كبرى لفائدة كافة السكان ستتواصل . ومن شأن الإجراءات العاجلة التي أعلن عنها على أعلى مستوى في الأيام الأخيرة والمتعلقة بترشيد النفقة العمومية وتحسين التحصيلات الجبائية لتعويض تراجع مداخيل النفط أن تساعد في استمرار جهود التنمية والتوازن الاجتماعي مثلما أكده الرئيس بوتفليقة. كما أعرب الرئيس بوتفليقة عن ارتياحه بشأن السلم والاستقرار اللذين حظي بهما البلد خلال سنة 2014 وسط محيط دولي تعتريه الشكوك معلنا أن سنة 2015 ستشهد استكمال ورشة مؤسساتية من خلال مراجعة الدستور خلال الأشهر المقبلة . ومن شأن المشاورات بشأن مراجعة الدستور التي أطلقت في 2011 واستؤنفت في منتصف ماي 2014 بمشاركة جزء هام من الطبقة السياسية والجمعوية أن تتواصل بمشاركة قوى سياسية كانت حتى الساعة قد ترددت في الانضمام لها. في هذا السياق، أكد الرئيس بوتفليقة أن الباب مايزال مفتوحا أمام الذين لم يشاركوا في هذه المشاورات التي تعكس روح الديمقراطية وتجري في ظل احترام الإختلافات . وللرد على منتقدي هذه المبادرة السياسية أكد رئيس الدولة أن مشروع مراجعة الدستور ليس في خدمة سلطة أو نظام ما مثلما يزعم هنا وهناك فهو يطمح بالعكس إلى تعزيز الحريات والديمقراطية . في كلمات أرادها رسالة قوية باتجاه الأطراف المترددة بشأن مشروع يفترض أنه يحظى بأكبر قدر ممكن من الإجماع أوضح رئيس الجمهورية أن النص الجديد لا يرمي لتعزيز استقلالية القضاء والحريات فحسب بل وكذلك مكانة المعارضة السياسية حيث أن الأمر يتعلق بضبط التنافس والاعتراض السياسيين عن طريق الديمقراطية. خبراء يثمنون قرارات بوتفليقة يجمع الملاحظون وعديد الخبراء الاقتصاديين أن ما جاء في بيان رئاسة الجمهورية عقب انعقاد مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إنما ينم عن صحة اقتصادية ومالية وجب التنويه لها، خصوصا وأن الاجتماع أتبع بخطاب كتابي للرئيس مؤداه أن الجزائر تتمتع بقدرات هامة لمواجهة تراجع أسعار النفط في السوق الدولية شريطة تضافر جهود جميع الجزائريات والجزائريين لرفع تحدي مواصلة البناء والحفاظ على المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وفي الصدد، يرى أستاذ القانون الدستوري بوجمعة صويلح أن أهم ما جاء في بيان الرئاسة بخصوص مجلس الوزراء هو الدعوة لمواصلة مسار الإصلاحات السياسية اعتمادا على الثبات والاستقرار الأمني للوطن، ولعل -يؤكد الأستاذ- تعديل الدستور يدخل في هاته الخانة من حيث كونه إقرار لوثيقة دستورية للتفتح على الحريات وتعزيز دولة القانون من جانبه وبخصوص الشق المالي والاقتصادي الذي تطرق إليه مجلس الوزراء يرى المحلل الاقتصادي محمد حميدوش أن مصطلح الأزمة لا يقع على الحالة المالية التي تتمتع بها الجزائر ولتأكيد ما ذهب إليه، أجرى المتدخل ضمن رهانات اقتصادية للقناة الأولى مقارنة بوضع الجزائر سنة 1994، حيث انهارت أسعار البترول إلى ما دون ال15 دولاراس في وقت كانت فيه الجزائر تتخبط في المديونية وإعادة الجدولة المتكررة ومن هذا المنطلق يرفض الأستاذ حميدوش نعت الراهن الجزائري بالمتأزم. الرأي ذاته ذهب إليه عضو نادي التفكير حول المؤسسة حسان خليفاتي والذي يرى بأن الاقتصاد الجزائري ليس في وضعية متدهورة كما تريد بعض الأوساط إشاعته وقال الاقتصاد الجزائرية لا يحتضر ، مفضلا أن ترفع الهمم للعمل على رفع وتيرة الإنتاج الوطني بتنويع الاستثمار وتشجيعه خصوصا وأن الاقتصاد الجزائري في أمسّ الحاجة إلى استثمارات أبنائه والتخلي عن ما تدرّه المحروقات على الوطن من عملة صعبة .