بقلم: محمد قروش توسّع رقعة الاحتجاجات في الجنوب مؤشّر لا يبشّر بخير إذا ما استمرّ الحال على حاله ولم تتّخذ الدولة الإجراءات اللاّزمة لتخفيف التوتّر في هذه المناطق الجزائرية التي تعدّ مصدر قوت الجزائريين ودعامة اقتصادها ومنبع بترولها وغازها وطاقتها. كان الكثيرون يعوّلون على توقّف الاحتجاجات ورجوع المواطنين إلى بيوتهم بعد أيّام من اندلاع الاحتجاجات ضد الغاز الصخري في هذه المناطق، غير أن أزمة الاتّصال التي قضت على كلّ خيوط التواصل بين المحتجّين والسلطات وتناقض المبادرات أدّت إلى توسّع الاحتجاجات وزيادة حدّتها وانتشارها إلى كثير من مناطق الجنوب لتشمل عين صالح وتمنراست وورفلة وأدرار وتصل حتى إلى مشارف الحدود الجنوبية للبلاد. وممّا زاد من حدّة هذه الاحتجاجات التهويل الإعلامي الكبير والتسابق الحزبي والسياسي ودخول كثير من (الخلاّطين) على الخطّ وتزاحم التصريحات التي زادت من صبّ الزّيت على النّار، ممّا أدّى إلى تأجيج الأوضاع وإصرار المحتجّين على مواصلة حركتهم والتشبّث بمطالبهم. ولعلّ محاولة الحكومة إصلاح الأوضاع عن طريق تحويل النقاش من مشكلة الغاز الصخري إلى تنمية الجنوب والنهوض بمناطقها لم تؤت ثمارها، بل زادت من انفجار الاحتجاجات في مناطق أخرى، لكن هذه المرّة ليس ضد الغاز الصخري، بل ضد عدم ترقية بعض المناطق والبلديات إلى ولايات منتدبة أو حتى ضد ضمّ بعضها إلى دوائر أخرى، وبذلك أصبحت الحكومة في مواجهة عدّة أزمات عوض أزمة واحدة فاختلطت احتجاجات الغاز الصخري باحتجاجات نقص التنمية بأخرى تطالب بحقّها في الترقية إلى ولاية، وهكذا بدأت نقطة الزّيت التي انفجرت في عين صالح بالاتّساع إلى مناطق أخرى، سواء بتلقائية شعبية أو بفعل فاعل من مصلحته أن تزيد الأمور اشتعالا. وهكذا يلاحظ المتتبّع اليوم أن الجنوب الجزائري من غرداية إلى عين صالح إلى تمنراست إلى أدرار وصولا إلى تين زيواطين قد أصبح يشكّل حالة خطيرة من اللاّ استقرار نتيجة الغضب الشعبي الذي تزيد رقعته اتّساعا يوما بعد يوم، ممّا خلق حالة من التضامن التلقائي بين سكان هذه المناطق وأدّى إلى توحيد الشعور الجهوي الذي قد يمثّل خطرا واضحا على أمن البلاد الداخلي ووحدتها الوطنية في حال استمراره وتصاعده أو استغلاله من قِبل أطراف تسعى إلى زعزعة البلاد انطلاقا من جنوبها الكبير، تضاف إلى ذلك مشاكل الحدود الجنوبية مع مالي والنيجر وليبيا التي أصبحت مصدرا لكثير من المخاطر المتّصلة بالإرهاب والتهريب والهجرة. كلّ هذه المؤشّرات تؤكّد أن الجنوب الجزائري أصبح اليوم على فوهة بركان يحتاج إلى مخطّط استراتيجي سريع وفعّال لحلّ القضايا المطروحة لاحتواء الاحتجاجات المتصاعدة وتقديم الحلول الناجعة للمشاكل المطروحة قبل فوات الأوان، وبذلك قطع الطريق أمام كلّ محاولات تحوير مطالب السكان إلى اتجاهات أخرى قد تؤدّي إلى ما لا يحمد عقباه.