تواصل وزارة المجاهدين (توثيق) الجرائم البشعة التي نفّذها الاستدمار الفرنسي في الجزائر بجمع شهادات مجاهدين، تعرّض بعضهم لأشنع أنواع التعذيب والتنكيل وكان بعضهم الآخر شاهدا على جرائم مروّعة ارتكبتها الدولة الفرنسية التي تحاول اليوم الظهور بمظهر البلد المتحضّر الذي يحارب الإرهاب وهي التي كانت دولة إرهابية بالمعنى التام للكلمة. وزير المجاهدين الطيّب زيتوني صرّح أمس الأحد بالنعامة بأن دائرته الوزارية استلمت مؤخّرا من جامعة قسنطينة 160 ساعة من تسجيلات جديدة خاصّة بشهادات حيّة لمجاهدين تؤرّخ لمسار الثورة التحريرية المجيدة يوثّق بعضها جانبا من جرائم فرنسا في الجزائر. وأوضح الوزير خلال تفقّده لعدد من الهياكل التابعة لقطاعه في اليوم الثاني والأخير من زيارته للولاية أن هذه التسجيلات تضاف إلى نحو 4 آلاف ساعة أخرى من الشهادات الحيّة المسجّلة كانت قد جمعتها وزارة المجاهدين سابقا في إطار جمع أكبر عدد ممكن من الشهادات من أفواه المجاهدين والمجاهدات الذين عايشوا مختلف مراحل الثورة التحريرية وما سبقها. وتوثّق هذه التسجيلات -كما أضاف الوزير- وقائع لما تكبّده الجزائريون من ويلات المستعمر الفرنسي أثناء إحتلاله للجزائر. وذكر السيّد زيتوني أنه سيتمّ في القريب تزويد التلفزيون الجزائري ب 10 أشرطة وثائقية تروي تاريخ الجزائر إبّان فترة الاحتلال الفرنسي وتؤرّخ لوقائع تاريخية لثورة التحرير المظفّرة وجرائم ضد الإنسانية كان قد ارتكبها الاستعمار في حقّ الشعب الجزائري تندرج في إطار ترسيخ تاريخ كفاحه في ذاكرة الأجيال الصاعدة. كما تعتزم وزارة المجاهدين قريبا -حسب السيّد زيتوني- فتح فضاءات جديدة مجهّزة بوسائل سمعية بصرية للبثّ ومعارض جهوية تفتح بصفة دائمة ومجّانا للجمهور، خصوصا اطفال المؤسسات التربوية حول الذاكرة الوطنية من 1830 إلى 1962 عبر ولايات قسنطينة ووهران وورفلة، علاوة على إطلاق مسابقات عبر روضات الأطفال حول الراية الوطنية ومقاطع من النشيد الوطني وإنتاج أشرطة وثائقية تعرف بمجاهدي و تضحيات كل ولاية من ولايات الوطن. ومن بين المشاريع الأخرى لوزارة المجاهدين تنظيم ندوة دولية في الجزائر حول جرائم موثّقة للتعذيب كان قد اقترفها المستعمر ووجود عملين سينمائيين تاريخيين حول العقيد لطفي والعربي بن مهيدي في المراحل الأخيرة من الإنتاج، كما يجري إعداد 150 إصدار تاريخي جديد باللّغات العربية والفرنسية والإنجليزية ستطبع وتوزّع بمناسبة ستينية الثورة التحريرية على طلبة الجامعات وتلاميذ المؤسسات التربوية. وكان السيّد زيتوني اطّلع على نشاط ملحقة النعامة لتجهيز معطوبي وضحايا ثورة التحرير وذوي الحقوق التي دخلت مرحلة الاستغلال منذ 1996 واستفادت مؤخّرا من عدّة تجهيزات جديدة، منها قاعة للتدليك الطبّي والتأهيل الحركي كما تتكفل بصناعة وتركيب الأعضاء والأحذية الإصطناعية والمتابعة الطبية والأجهزة المساعدة على المشي للمجاهدين وذوي الحقوق وضحايا الألغام لولايات النعامة والبيّض وبشار وتندوف وسعيدة، حسب الشروحات المقدمة للوفد الوزاري. واختتم الوزير زيارته للولاية بتفقّده مقرّ مديرية المجاهدين وتنشيط ندوة إذاعية تفاعلية عبر أثير إذاعة النعامة المحلية. وأبرز السيّد زيتوني بالمناسبة أهمّية تدارك التأخّر في كتابة تاريخ الثورة التحريرية الذي يعدّ أولوية ضمن عمل الوزارة، داعيا إلى ضرورة تبليغ هذا التراث الوطني لأجيال المستقبل لبثّ روح حبّ الوطن والوفاء للشهداء. وكان وزير المجاهدين الطيب زيتوني قد دعا مساء السبت إلى تدوين شهادات صانعي أمجاد الثورة الذين لازالوا على قيد الحياة وتسجيلها (بصدق ونزاهة) لفائدة الأجيال الصاعدة، وشدّد على أن (تكون المتاحف التاريخية ومراكز التعذيب والمؤسسات والمعالم التاريخية مفتوحة وتوفّر عبرها التجهيزات السمعية البصرية الضرورية لإجراء المزيد من الدراسات من طرف الباحثين ونقل الشهادات الحيّة للمجاهدين ومعطوبي حرب التحرير وممّن تعرضوا للتعذيب لتمحيص تاريخ الثورة المجيدة). وأشار السيّد زيتوني لدى لقائه مع قدامى المجاهدين ببلديتي عسلة والعين الصفراء إلى أن الجزائر تتوفّر على أرشيف مادي هامّ يمثّل تراثا تاريخيا يتوجّب المحافظة عليه من كلّ تشويه، مؤكّدا استعداد الوزارة لتحويل مركز الاعتقال والتعذيب (الدزيرة) الذي كان محلّ معاينته إلى متحف بعد ترميمه وفق دراسة دقيقة تحافظ على طابعة الأصلي بالتنسيق مع من تبقّى من المجاهدين الذين تعرّضوا للتعذيب في هذا المركز.