بدأت جماعة الحوثي التي استولت على السلطة في اليمن في سبتمبر الماضي، مدّ خطوط وعلاقات اقتصادية جديدة مع إيران ودول حليفة لها، لا سيّما روسياوالصين، وذلك بعد قرارات (العزلة الاقتصادية) التي اتّخذها الحوثيون في حقّ اليمن قبل يومين، حيث منعت الجماعة استيراد عدد كبير من السلع الاستهلاكية، في مخالفة صارخة لاتّفاق انضمام اليمن إلى منظّمة التجارة العالمية. وتأتي التحالفات الاقتصادية التي يسعى الحوثيون لرسمها مع بعض الدول في وقت أخرجت فيه إلى العلن تحالفها السياسي مع الرئيس المخلوع علي عبد اللّه صالح الذي انضمّ بحزبه إلى الحوثيين، معلنا أوّل من أمس السبت عدم اعترافه بالرئيس الشرعي للبلاد عبد ربه منصور هادي. ووقّعت جماعة الحوثيين المسلّحة أوّل من أمس في طهران اتّفاقية مع إيران لتسيير أربعة عشر رحلة أسبوعيا في كلّ اتجاه لطيران اليمنية والإيرانية إلى مطارات صنعاء وصعدة وطهران. في ذات السياق، قالت مصار موثوقة ل (العربي الجديد) إن وفدا يضمّ ممثّلين عن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده الرئيس المخلوع وجماعة الحوثيين وصل إلى روسيا لبحث التعاون المشترك في المجال الاقتصادي. وأوضح المصدر أن الزيارة اقتصادية وقد سبقتها اتّصالات تؤكّد فتح مجالات للتبادل التجاري والاقتصادي بين الطرفين. وقال مصدر آخر في قطاع النفط اليمني إن جماعة الحوثيين وعدت الحكومة الروسية بمنح الشركات الروسية حقّ امتياز التنقيب وإنتاج النفط في عدّة قطاعات نفطية غادرتها الشركات الأجنبية المشغّلة بعد تدهوّر الأوضاع. وأضاف المصدر ل (العربي الجديد): (في اعتقادنا أن جماعة الحوثيين تفكّر في منح شركة غاز بروم الروسية حقّ امتياز الإنتاج في القطاع 10 بديلا لشركة توتال الفرنسية التي ينتهي عقدها في ماي 2015). وهاجم زعيم جماعة أنصار اللّه (الحوثيين) عبد الملك الحوثي الخميس الماضي السعودية وأمريكا، متحدّثا عن فتح علاقات اقتصادية مع الدول والشعوب الأخرى. وقلّل الحوثي من مغادرة السفارات الخليجية والأجنبية للعاصمة اليمنية صنعاء وانتقال بعضها إلى عدن، مشيرا إلى أن البدائل كثيرة، وأن الشعب اليمني يستطيع الاعتماد على نفسه، وأن البلد يمتلك ثروات هائلة واستشهد بالآية القرآنية: {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم اللّه}. واعتبر محلّلون اقتصاديون أن حديث زعيم الحوثيين عن بدائل اقتصادية جديدة لدول الخليج والدول الأوروبية يعني بها إيرانوروسياوالصين. وذكر تقرير حديث نشره موقع (إنترناشونال بيزنس تايمز) الأمريكي أن جماعة الحوثي تبحث عن شراكة اقتصادية جديدة مع الصينوروسيا. ونقل التقرير عن مصدر وثيق الصلة بالحوثيين أن ممثّلين عن الحكومتين الصينية والروسية منعوا استيراد عدد كبير من السلع الاستهلاكية، في مخالفة صارخة لاتّفاق انضمام اليمن واجتمعوا بشكل منفصل مع قادة الجماعة الشهر الماضي لبحث إقامة تحالفات اقتصادية قبل أربعة أيّام من إعلان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته في 22 جانفي. ويقول محلّلون إن حكومتي روسياوالصين تحاولان اغتنام الفرصة لبناء علاقة مع الحوثيين مع التركيز بصفة خاصّة على صناعات النفط وصيد الأسماك. * المال الصيني والروسي لتعويض المساعدات السعودية أمّا بالنّسبة للحوثيين فيعوّلون على المال الصيني والروسي في تعويض المساعدات السعودية التي توقّفت الشهر الماضي. وذكر التقرير الأمريكي أن ممثّلين روسا اجتمعوا مع قادة الحوثيين في بداية جانفي الماضي وزاروا وزارتي النفط وصيد الأسماك وناقشوا إمكانية ضخّ استثمارات تجارية في صناعة صيد الأسماك. والتقى ممثّلون صينيون مع الحوثيين مطلع فيفري الجاري، وفقا لبيان للسفارة الصينية في اليمن. وقال السفير الصيني تيان تشي إن التعاون في المجال الاقتصادي يمكن أن يعزّز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين. وتعدّ الصين الشريك التجاري الأوّل لليمن، وارتفع حجم التبادل التجاري بين اليمن والصين خلال عام 2014 إلى 2.5 مليار دولار، منها 955 مليون دولار واردات. وتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2013، أكثر من خمسة مليارات دولار وفقا لوزارة الصناعة اليمنية. ويرى مراقبون أن روسيا التي لا تمثّل شريكا تجاريا كبيرا مع اليمن، لكنها بدأت الاهتمام بتعزيز علاقاتها التجارية مع مناطق جديدة للتقليل من أثر العقوبات الاقتصادية الغربية والأمريكية الأخيرة. وتعتبر روسيا اليمن سوقا خصبة لمبيعات الأسلحة، إذ كان الاتحاد السوفياتي المزوّد الرئيس للأسلحة إلى اليمن الجنوبي قبل الوحدة مع الشمال، لكن هذا لن يحدث حتى انتهاء الأزمة ويتمّ الاعتراف بالسلطة اليمنية الجديدة دوليا. وكان وفد روسي قد وصل إلى العاصمة صنعاء ديسمبر الماضي لإجراء زيارة لمنطقة مران في صعدة شمال اليمن معقل جماعة الحوثي، وقالت جماعة الحوثيين حينها إن الوفد قام بزيارة إلى ميناء الحديدة (غرب البلاد) والتقى أعضاء المكتب السياسي للحركة الحوثية في صنعاء وناقش معهم قضايا عديدة. وتوجّه الوفد بعد ذلك إلى صعدة للقاء زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي وقام بزيارة لمنطقة مران التي قتل فيها زعيم الحركة حسين الحوثي. * حروب النفط تأتي تحرّكات الحوثيين المكثّفة مع روسياوالصينوإيران في وقت تتعمّد فيه قطع علاقات اليمن التجارية والاقتصادية مع الخارج. وقالت اللّجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين أوّل من أمس السبت إنها قرّرت منع استيراد الخضار والفواكه والمعلّبات التي يتمّ إنتاجها محلّيا بمختلف أنواعها، وكذلك المياه المعدنية والغازية وبعض مواد البناء كالرخام والجرانيت وأحجار الزينة والطلاء وغيرها من المواد المشابهة التي تنتج محلّيا. وكلّف الحوثيون وزارة الصناعة والتجارة والاتحادات المتخصّصة بإعداد قوائم بالمواد المستوردة لجميع السلع والأصناف التي يوجد لها مثيل محلّيا.