* المدير العام السابق لمستشفى مايو متهم بتبديد 17 مليار/ * مرضى استهلكوا حلويات فاخرة و190 ألف خبزة و13 الف دجاجة بمليار ونصف/ يواصل أخطبوط الفساد ببسط يده على كثير من مؤسسات الدولة وهيئاتها، ولم تنج المستشفيات من أيادي العابثين الذين يُبددون أموال الدولة، وفي هذا السياق عالجت الغرفة الجزائية الثالثة لدى مجلس قضاء العاصمة في ساعة متأخرة من نهار أول أمس ملف جديد من ملفات الفساد والتلاعب بالمال العام من خلال إبرام صفقات مخالفة للتشريع والتنظيم المعمول بهما والتي طالت المستشفى الجامعي محمد لمين دباغين باب الوادي (مايو سابقا) على خلفية اختلاس أكثر من 17 مليار سنتيم من ميزانية المستشفى في صفقات تجهيز المستشفى بعتاد طبي وأجهزة إعلام آلي، وتموين المستشفى بوجبات وهمية باسم المرضى عن طريق عقود مع شركات ومموّنين احتكم فيها إلى المحاباة كشرط لإبرامها والتي وضعت المدير العام السابق ب.عبد السلام في قفص الاتهام. تحريك القضية كان بتاريخ 08 مارس 2008 عندما حرر المدعو ب.بلعباس مفتش سابق بالمفتشية العامة للمالية بوزارة الصحة رفقة ز.يزيد تقريرا بناء على تعليمات الوزير الأسبق جمال ولد عباس بعد ورود معلومات عن وجود خروقات في تسيير ميزانية مستشفى مايو بناء على رسالة وجهها له كل من مدير المالية والمراقبة ب.حسين و ع. ليندة عون إداري اتهم فيها المدير العام بإبرام صفقات مشبوهة خلال التسيير المالي لسنة 2007، وعليه تولت الفرقة المالية والاقتصادية للشرطة القضائية لمقاطعة باب الوادي التحري في الملف. المدير دفع 10 ملايير سنتيم مقابل عتاد طبي لم يستلم وقد خلصت التحقيقات إلى اتخاذ المدير العام ب.عبد السلام لتدابير احتيالية جديدة مسّت صفقة تمويل مصلحة طب العظام بأجهزة طبية، مقابل خدمة غير مؤداة من خلال إبرام عقود عن طريق (المحاباة)، مع ثلاث شركات خاصة على رأسها شركتي أبروكوم ، الكائن مقرها بمدينة مزغران بولاية مستغانم، وقد قدرت قيمة الصفقة بأكثر من 9 ملايير و400 مليون سنتيم، حيث تفيد الوثائق المحاسبية وكذا الصكوك التي أصدرها المتهم، الحاملة لختمه وإمضائه، وطلبات الشراء ووصولات الدفع، أنه وبتاريخ 31 مارس من سنة 2009، أصدر صكا تحت رقم 096111 ، والحامل لمبلغ 94.035.509.56 دينار جزائري، أي ما يفوق التسعة ملايير سنتيم لفائدة ثلاث شركات، أين استحوذت شركة أبروكوم على حصة الأسد، من خلال حصولها على مبلغ 86.782.782، 82 دينار، وهي الشركة التي أُبرمت معها ثلاثة عقود، بهدف تموين مصلحة طب العظام بأجهزة وعتاد طبي، غير أن المركز الإستشفائي لم يتحصل إلا على جزء بسيط منها، وذلك بتاريخ 24 أوت 2008، في حين سدد ثمنه شهر مارس 2008، أما الجزء المتبقي تم الحصول عليه، بعد تدخل مصلحة الفرقة الإقتصادية لأمن ولاية الجزائر، وتم استلامه يوم 18 مارس من سنة 2010، بمعنى أن المستشفى أصدر الفواتير قبل طلبات الشراء والمحاسب صادق على الصك دون استلام البضائع. وقد مسّ هذا الإجراء غير القانوني كمًا هائلا من الفواتير والطلبات قدرت ب18 حوالة فاقت قيمتها الإجمالية 17 مليار و500 مليون سنتيم التي من خلالها تم الاستفادة من مبالغ مالية هائلة بطرق ملتوية، كما أفضت التحقيقات إلى أن الحوالات الخاصة ب18 فاتورة، تم توقيعها من طرف نائب مدير المصالح الاقتصادية في الفترة الممتدة من 9 جانفي إلى 15 مارس من سنة 2008، دون أن تكون مطابقة للقيمة المحولة من خزينة المؤسسة باستثناء حوالة واحدة تحمل رقم 2780، مؤرخة في 10 جانفي 2010 بقيمة فاقت 800 مليون سنتيم وهي القيمة التي دفعت لصالح شركة اكسبونسماند المتعلقة بفوترة صفقة متضمنة الحصول على جهاز لازار خاص بالعيون. وشملت التحريات أيضا صفقة اقتناء عتاد الجراحة والعلاج من شركة اكسبونسماند ذات الطابع المحلي لتمويله بأجهزة القلب، طب العيون، والأشعة وكل ما يتعلق بالعتاد الطبي الجراحي، مؤكدة أن المستشفى لم يتسلم هذه الأجهزة رغم دفعه مبالغ ضخمة، إضافة إلى ذلك فقد مسّ الإجراء أيضا شركة سيتا سارل ، التي كانت قد أصدرت عرض خدمات بأكثر من مليارين سنتيم غير مرقم ومؤرخ في 31 ديسمبر سنة 2008، والذي تم على إثره إصدار أمر بالقيام بمهمة في 22 فيفري 2009، ليتم بموجبه دفع المبلغ عن طريق حوالة رقم 2296 حوالي شهر من بعد بدون إنجاز الأشغال، وهي الإجراءات التي تم فيها خرق المادة 12 و20 من قانون الصفقات العمومية. وفيما يخص صفقة اقتناء أجهزة الإعلام الآلي البالغ عددها 200 جهاز بقيمة قدرت ب2 مليار سنتيم، فقد توصلت لجنة التفتيش إلى أنه لم يتم احترام الإجراءات المتعلقة بالصفقات العمومية والمحاسبة العامة، بمعنى دون استشارة أولية ودون وصل طلب. حلويات فاخرة للمرضى.. ومسّت الخروقات أيضا صفقات تموين المستشفى بوجبات الطعام لمرضى المستشفى، حيث نهب المال العام باسمهم بدعوى تقديم وجبات خاصة بفطور الصباح تحوي حلويات شرقية مصنوعة من اللوز وحلويات أخرى مالحة خاصة بالسهرات، من بينها البتيزا ولي كيش وبخاصة الحلويات الفاخرة (المكارون). وذلك بموجب التوقيع والمصادقة على ثلاثة محاضر اجتماع غير مرقمة وغير مسجلة، حملت فقط إمضاءات أعضاء الإجتماع الذي ترأسه المدير العام السابق رفقة ثلاثة من إطارات المستشفى، من بينهم المكلف بالمصالح الاقتصادية، حيث تم دفع مبالغ مالية هائلة فاقت المليار و500 مليون سنتيم لبعض الممونين وهم أصحاب المخابز وقصابات بيع الدواجن، مقابل أن يتحصل المستشفى على أنواع الحلويات الموجهة لفطور الصباح الخاص بالمرضى الإستشفائيين، وهي الحلويات التي تجاوزت مبلغ 600 مليون سنتيم، حيث توضح الوثيقة رقم 0901 الحاملة لختم وتوقيع صاحب المخبزة أن المستشفى تسلم من الفاتورة رقم 1 إلى غاية الفاتورة رقم 5 التي تخص أسبوعا واحدا أزيد من 90 ألف حبة هلاليات وأزيد من 30 كلغ من الحلويات المصنوعة باللوز، على أساس أنها تقدم كفطور صباح للمرضى الذين لا يفوق عددهم 600 مريض، وتسلم المستشفى في نفس الفاتورة صنف آخر من الحلويات المسماة بتي فور بقيمة 1000 دينار للكيلوغرام الواحد، إلى جانب 4 كلغ من الكروكي الكيلو الواحد قدر ب1000 دينار، فضلا عن 4 كلغ من الحلويات المصنوعة من اللوز (macarons les) بقيمة 1800 دينار للكيلوغرام إلى جانب 400 وحدة من الحلويات الشرقية باللوز بمبلغ 50 دينار للحبة، وليس هذا فحسب بل جاء واضحا في الفاتورة أن المستشفى صرف الملايير من أجل تقديم حلويات المملحة خاصة بالسهرات للمرضى، إذ تكشف ذات الوثيقة أن محلات ش زودت المستشفى ب800 وحدة من ما يعرف ب لي مونشو فضلا عن 800 وحدة من البيتزا الصغيرة الخاصة بالسهرات والحفلات و800 وحدة من لي كيش ، وهي الفاتورة التي قدرت تكلفتها ب1.302.444.00 دينار وهي نفس القيمة التي حملتها الفاتورات الأربع، كما استهلك المستشفي أكثر من 190 ألف خبزة في 10 أيام التي تجاوزت قيمتها مبلغ 00.2294875 دينار، ابتداء من 21 إلى 30 ديسمبر 2008، أي بمعدل 19 ألف خبزة في اليوم الواحد. كما استهلك مرضى المستشفى أكثر من 13 ألف دجاجة و200 ألف حبة بيض في يوم واحد بموجب تسع مرقمة من 20 إلى 29 استفاد كل يوم من 13 ألف و170 دجاجة فارغة قدر مبلغ الدجاجة الواحدة ب290 دينار فضلا عن حصوله على 200 ألف حبة بيض بقيمة 9.5 دينار للبيضة الواحدة، وهو ما يعني بعملية حسابية بسيطة أن قيمة الفاتورة فاقت 600 مليون سنتيم. المدير السابق ينفي.. والنيابة تلتمس إدانته ب03 سنوات حبسا وخلال مواجهة المتهم بجرم تبديد أموال عمومية، استغلال الوظيفة وإبرام صفقات مخالفة لتنظيم والتشريع المعمول بهما والتزوير في كتابات محاسباتية، أنكر ذلك جملة وتفصيلا حيث صرح أنه نشب خلاف إشرافه على تسيير المستشفى منذ 1998 إلى غاية 2010 بين مدير المالية والمراقبة ونائب مدير المصالحة الاقتصادية وأنه هو من تطلب تدخل وزارة الصحة لكشف ملابسات الاتهامات التي وجهت له على إثر ذلك الخلاف، وأن جميع الصفقات تم وفق قانون الصفقات العمومية. من جهتهم أعضاء لجنة فتح الأظرفة الذين حضروا كشهود أجمعوا على أن المدير لم يمارس عليهم أي ضغوطات لمنح الصفقات لمؤسسة معينة، وهو ما أكد عليه رئيس مصلحة جراحة العظام البروفيسور (بن كباش) أن العتاد الذي تم اقتناؤه تم معاينته من قبل الأطباء من حيث مطابقته لمعايير الجودة والنوعية، غير أن ممثل الحق العام لم تقنعه تصريحات المتهم وطالب بتسليط عقوبة 03 سنوات حبسا نافذا و200 ألف دينار غرامة مالية في حقه.