تحذير من (عسكرة) التشريعات الصحفية هكذا تحوّلت المحاكم في مصر إلى أداة لقصف الأقلام وترهيب الصحفيين * الصحفيون في عصر السيسي.. 700 مقتول ومسجون ومفصول تحوّلت المحاكم المصرية في عصر السيسي إلى أداة هامّة في قائمة القمع الطويلة التي ينتهجها نظام الانقلاب منذ استحواذه على الحكم، فمنذ البداية عرف كيف يسدّد هدفه بإتقان مدروس بشكل مسبق، فلقد شكّل لنفسه جمهورية إعلامية تنتصر له وباقي الرافضين للأوضاع مصيرهم كان بين السجن والقتل. ق.د / وكالات أجمع مراقبون وصحفيون ومراكز ومؤسسات مصرية وعالمية معنية بحرّية الصحافة على أن الصحافة المصرية تعيش أسوأ أيّامها حاليا تحت حكم قائد الانقلاب عبدالفتّاح السيسي، مشيرين إلى مقتل أكثر من عشرة صحفيين وإعلاميين واعتقال أكثر من مائة صحفي وفصل أكثر من 600 صحفي في الفترة ما بعد 3 جويلية 2013 وحتى الآن، وحذّروا من اتجاه السلطات المصرية إلى عسكرة التشريعات الصحفية، وذلك بانفراد السلطات المصرية بوضع تلك التشريعات، مشيرين إلى أن هذه السلطات أغلقت أيضا نحو 15 إصدارا صحفيا، فضلا عن أنها تسيء معاملة الصحفيين في محابسهم. * تنديد دولي اعتبرت منظمة العفو الدولية، أن السلطات المصرية تستخدم المحاكم لكبت الصحافة، وأدرجت في تقرير اليوم الأحد أسماء 18 صحفيا وإعلاميا سجنوا وعشرات آخرين يواجهون تحقيقات جنائية. وذكرت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن عدة صحفيين احتجزوا منذ فترات طويلة دون توجيه اتهامات لهم أو إجراء محاكمات لهم، ومن بينهم مصور مصري يعرف باسم شوكان محتجز منذ أكثر من 600 يوم، وأضافت أنه (في مصر اليوم أي شخص يتحدى الرواية التي تروج لها السلطات رسميا أو ينتقد الحكومة أو يكشف انتهاكات حقوق الانسان معرض لخطر الزج به في السجن وغالبا مايحتجز لأجل غير مسمى دون اتهام أو محاكمة أو احالته للقضاء بتهم ملفّقة)، وعزز وجهة نظر الجماعات الحقوقية، بأن الحكومة تحد من الحريات التي تم اكتسابها بعد ثورة جانفي 2011 حكم صدر العام الماضي بالسجن ما بين سبع سنوات وعشر سنوات على ثلاثة من صحفيي قناة (الجزيرة) بتهمة نشر أكاذيب . وتم ترحيل الاسترالي بيتر غريست في فيفري في حين تجري إعادة محاكمة المصري الكندي محمد فهمي والمصري باهر محمد بعد أن وجدت محكمة عيوبا إجرائية في القضية الأصلية. ومن بين الحالات الأخرى التي أشار إليها تقرير منظمة العفو، حكم صدر بالسجن 25 عاما على 14 صحفيا وإعلاميا الشهر الماضي بتهمة نشر معلومات كاذبة والتحريض على العنف. وفي قضية منفصلة يواجه خمسة صحفيين من صحيفة "المصري اليوم( المؤيدة للنظام الحالي في مصر، تحقيقا جنائيا بعد اتهامهم قوات الأمن بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان. واعتقل مصور صحفي آخر خلال احتجاج بالقاهرة في ديسمبر 2013 أكثر من 18 شهرا قبل توجيه اتهامات له ثم تبرئته في نهاية الأمر الأسبوع الماضي. وذكرت منظمة العفو إن معظم الإدانات تفتقر إلى الأدلة واعتمدت فقط على شهادات قوات الأمن، وأضافت أنه منذ منتصف 2013 قُتل مالا يقل عن ستة صحفيين أثناء تغطيتهم احتجاجات في مصر بيد قوات الأمن أو خلال اشتباكات بين المتظاهرين. ومن جانبها، أوضحت نقابة الصحفيين المصريين أن توسع الجهات التنفيذية في تقديم بلاغات ضد الصحافة والصحفيين، هو باب جديد لمصادرة الحرية لا بد من غلقه، وأنه كان الأجدر بوزارة الداخلية التحقيق في الوقائع المنشورة عن انتهاكات الشرطة في جريدتي الدستور والمصري اليوم وتقديم إجابات للرأي العام بدلا من التسرع بمقاضاة الزملاء واستخدامه كوسيلة لإسكات الصحفيين. وجددت النقابة رفضها اتجاه سلطات التحقيق للتغول على نصوص القانون، التي تمنع الحبس الاحتياطي في قضايا النشر بإصدار قرارات بإخلاء السبيل بكفالة مالية في بعض القضايا مؤخرا، وآخرها قضية رئيس تحرير صحيفة (الدستور) أول أمس. وقرر مجلس نقابة الصحفيين مخاطبة النائب العام بمذكرة قانونية تتمسك بالضمانات التي كفلها القانون في قضايا النشر، والتي جاءت لدعم الحريات العامة وضمان حرية التعبير للمواطنين كافة وليس الصحفيين فقط في عهد السيسي.. الموت عقوبة الصحافة. وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أصدر المرصد العربي لحرية الإعلام تقريرا رصد فيه مقتل صحفي مصري مؤخرا هو شريف الفقي، ليلحق بعشرة صحفيين سبقوه على الدرب، دون أن يعاقب أي من قتلتهم، وليحبس منذ مطلع هذا العام سبعة صحفيين جدد بالمخالفة للدستور المصري، ذاته ليرفعوا عدد السجناء إلى 109 صحفيين. وتناول التقرير أحكام الإعدام التي تُعد الأولى من نوعها على صحفيين، مشيرا إلى أنه قبل أقل من شهر من الاحتفال بذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة حكمت محكمة مصرية يوم 11 أفريل 2015 على أحد الصحفيين بالإعدام، وهي المرة الأولى التي يحكم فيها بالإعدام ضد في مصر، وحكمت لأول مرة أيضا في التاريخ المصري بالسجن المؤبد على 13 صحفيا آخرين جريمتهم نشر الأخبار والصور والفيديوهات لاعتصام سلمي جرى في عام 2013. وأشار التقرير إلى إغلاق بعض الوسائل الصحفية، وأن الحالة الأبرز هي إغلاق قناة رابعة الفضائية، وسبقها إغلاق قناة سوريا الغد التي تبث من مصر. وفي سياق متصل، أكدت لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة تعرض 600 صحفي مصري للتشريد، بعد حرمانهم من حقوقهم المادية والأدبية، وعدم حصولهم على رواتبهم منذ ما يزيد على أربع سنوات، فضلا عن إغلاق 15 جريدة، وتزايد حالات استهداف الصحفيين واحتجازهم، وسط غياب الشفافية في التعامل مع قضايا الصحفيين من الناحية القانونية. وقالت اللجنة -في بيان لها ، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة- إن الأوضاع الحالية التي تشهدها مصر، لا تنبئ بتحسن أحوال الصحافة والصحفيين. وقال مقرر اللجنة بشير العدل إن مصر تشهد تراجعا مستمرا خاصة في مجال حقوق الصحفيين، معتبرا أن الجهات المسؤولة تخلت عن الصحفيين، وفي مقدمتها أجهزة الدولة الرسمية، والمؤسسات الصحفية المملوك أغلبها لأصحاب رؤوس الأموال الخاصة، فضلا عن جهات أخرى كالمجلس الأعلى للصحافة، ونقابة الصحفيين، من مسؤوليتها تجاه الصحفيين. * عسكرة التشريعات كان رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، أصدر قرارا بتشكيل لجنة لصياغة وتحديد التشريعات الصحفية المطلوبة، لعرضها عليه قبل إصدارها رسميا من قبل السيسي، بعيدا عن نقابة الصحفيين والمؤسسات التي لها الحق في ذلك. لكن نقابة الصحفيين -أكدت في اجتماع برئاسة النقيب يحيى قلاش- استمساكها بحقها الثابت، الذى يكفله القانون والدستور، في كونها صاحبة الاختصاص الأصيل في مناقشة وإعداد أي تشريعات تتعلق بالمهنة، سواء لجهة تنظيمها، أم لجهة التشريعات المؤسسة للمجالس والهيئات الجديدة المعنية بشؤون الصحافة والإعلام.