شيئاً فشيئاً تتسع مساحة تواجد الحجاب في المؤسسات الرسمية للدولة في تركيا العلمانية، فقد بات ممكناً للعاملات في شركة الخطوط الجوية التركية العمل بحجابهن وفق التعديلات الجديدة على اللوائح الخاص بملابس العاملين في الشركة. ووفقاً لما نقلته صحيفة "وطن" التركية، فإن التعديلات على لوائح العمل التي جرت في 26-11-2010 لم تعد تتضمن مادة تقول: "يجب الكشف عن الشعر بصفة دائمة خلال العمل". غير أن الصحيفة لفتت إلى أن التعديلات تخص الموظفات اللواتي لا يشترط لهن ملبس موحد مخصص للعمل مثل المضيفات اللواتي يخضعن للائحة منفصلة. ورداً على سؤال وجهته صحيفة "جمهوريت" إلى وزير النقل، بينالي يلديريم، بهذا الشأن قال إن لوائح الزي الخاص بالخطوط الجوية التركية "لا تعنيني في شيء، وليست مبلغ اهتمامي، بل ما يعنيني هو مستوى الخدمة التي تقدمها الشركة". وكانت الموظفات المحجبات بالشركة اللواتي يعملن على الأرض خارج الطائرة يضطررن إلى خلع الحجاب قبل الدخول إلى العمل، ولكن بعد هذه التعديلات بات باستطاعتهنَّ العمل بحجابهن. وتملك الدولة حصة قدرها 49.12% في الخطوط الجوية التركية التي تعد رابع أكبر شركة طيران في أوروبا. ويعدُّ هذا التعديل أحدث انفراجاً في الحصار على ارتداء الحجاب في المؤسسات الرسمية والحياة العامة في تركيا؛ وسبقه هذا العام عدة انفراجات أخرى، أبرزها قرار مجلس التعليم العالي بمنع أساتذة الجامعات من طرد أي طالبة محجبة من قاعة الدراسة، على أن يخضع من يخالف ذلك منهم لتحقيق رسمي. كما ظهرت خير النساء، عقيلة الرئيس التركي عبد الله غول، بحجابها في الاحتفال الرسمي للدولة بعيد إعلان الجمهورية، وهي أول مرة تظهر امرأة محجبة في هذا الاحتفال المعتاد أن يحضره قادة الجيش وقادة الدولة، وقد رفض قادة الجيش حضور الاحتفال لأول مرة؛ احتجاجاً على وجود خير النساء. ويشكِّل حظر ارتداء الحجاب للطالبات والعاملات في الجامعات والعاملات في المؤسسات الحكومية أزمة اجتماعية وسياسية تؤرق المجتمع منذ بدئه بأوامر من الجيش- حامي النظام العلماني- عام 1997، خاصة مع اضطرار فتيات كثيرات إلى الوقوف عند حد التعليم الثانوي لرفضهن دخول الجامعة بدون حجاب، أو اضطرار الآباء إلى تكبد ما يفوق طاقتهم من أموال لبعث فتياتهم لتلقي التعليم في جامعات خارج البلاد. وتضطر بعض الفتيات التركيات المتمسكات بتلقي التعليم داخل الجامعات التركية إلى ارتداء القبعات أو الشعر المستعار (الباروكة) كأضعف الحلول للتحايل على قرار منع الحجاب. غير أنه بعد قرار مجلس التعليم العالي بات الأمر أيسر بالنسبة للطالبات المحجبات في الجامعات، وإن كان مدى التيسير في هذا الأمر يخضع في بعض الأحيان لأهواء رؤساء الجامعات وموقفهم من الحجاب. ويقول المتدينون الأتراك إن الحظر انتهاك لحقوقهم الفردية، بينما يقول العلمانيون إن "الحظر لازم للدفاع عن الجمهورية العلمانية" التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923 على أنقاض السلطنة العثمانية ذات آخر خلافة إسلامية منذ عهد النبوة. * يشكِّل حظر ارتداء الحجاب للطالبات والعاملات في الجامعات والعاملات في المؤسسات الحكومية أزمة اجتماعية وسياسية تؤرق المجتمع منذ بدئه بأوامر من الجيش- حامي النظام العلماني- عام 1997، خاصة مع اضطرار فتيات كثيرات إلى الوقوف عند حد التعليم الثانوي لرفضهن دخول الجامعة بدون حجاب، أو اضطرار الآباء إلى تكبد ما يفوق طاقتهم من أموال لبعث فتياتهم لتلقي التعليم في جامعات خارج البلاد.