أكّد المفكّرون المشاركون من الندوة الدولية للوسطية على ضرورة أن يتفتّح دعاة التيّار الوسطي على المجتمع وعدم اقتصار خطابهم على النّخبة· في هذا الصدد، أوضح عضو المجلس التنفيذي للمنتدى العالمي للوسطية الدكتور منتصر الزيّات في محاضرة بعنوان الخطاب الوسطي ودوره في مواجهة الغلو أن أكبر خطأ وقع فيه دعاة الوسطية هو انغلاقهم على أنفسهم وبعدهم عن المجتمع، مؤكّدا في هذا الإطار أن هؤلاء الدعاة محتاجين إلى التحدّث إلى النّاس والتحاور مع الأنظمة الحاكمة· ودعا المحامي المصري المفكّرين الوسطيين إلى الاندماج في المجتمع باعتبارهم جزء منه ليسهل عليهم تبليغ أفكارهم إلى جميع عناصره باختلاف مستوياتهم وتوجّهاتهم، مشدّدا على ضرورة التحاور مع حملة الأفكار المخالفة لإرساء أسس الأمّة المتوازنة التي لا تميل إلى التساهل المفرط ولا إلى التشدّد المتطرّف· كما ركّز المحاضر على ضرورة العمل على إعادة الاعتبار للإسلام في داخل العالم الإسلامي لأنه لن يكون له نصيب من المهابة في الخارج ما لم ينجح دعاة الوسطية في ترسيخ مبادئه في الداخل· كما نادى الدكتور الزيّات في محاضرته إلى ضرورة استغلال دعاة التيّار الوسطي لمختلف وسائل الإعلام لتبليغ رسالتهم في الداخل والخارج، خصوصا من خلال الدراما التي تعتمد على الإبداع، مشيرا إلى أن علماء الدين أداروا ظهورهم لهذا الجانب رغم أهمّيته· ومن ناحيته، أكّد المفكّر الجزائري الدكتور عزّ الدين بن زغيبة في محاضرة ألقاها بعنوان دور تيّار الوسطية في نهضة الأمّة أن التوسّط والإنصاف من أهمّ مقاصد الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن كلّ أمور الشريعة تتضمّن الدّعوة إلى السماحة والتخفيف ورفع الحرج· وأوضح المحاضر أن الخالق عزّ وجلّ أراد أن تكون شريعته عامّة على الخلق دائمة في الزمن، لذلك جاءت سهلة كي لا يتخلّف عنها الخلق ويطبّقونها، معتبرا أن علماء الدين اتّجهوا منذ نزول الرسالة المحمّدية إلى التوفيق بين الفقه والواقع الذي يعيشه الأفراد من خلال الاجتهاد· أمّا الدكتور هايل عبد الحفيظ داود من الاردن فأكّد في محاضرته حول الخطاب الوسطي في العلاقة مع الآخر أن المسلمين مطالبون في العصر الحالي بتوضيح بعض المسائل في التعامل مع الآخر انطلاقا من مبادئ الرّحمة وعدم الإكراه في الدين والعدل والمساواة في الكرامة الإنسانية والتعاون بين النّاس جميعا على اختلاف أديانهم وأعراقهم على فعل الخير· واعتبر الدكتور داود أن الخطاب الموجّه لغير المسلمين يخضع لقواعد متعدّدة أهمّها فهم النصوص القرآنية التي تدعو إلى الجهاد فهما صحيحا، مشيرا إلى أن غير المسلمين يختلفون وينقسمون إلى أصناف متعدّدة ولا يمكن التعامل معهم بنفس الطريقة· وقدّم ذات المحاضر قواعد عامّة يجب التقيّد بها في التعامل مع غير المسلمين على مختلف أصنافهم أهمّها الوفاء بالعهود والمواثيق وتحريم الغدر والخيانة، مؤكّدا أن الشريعة الإسلامية لم تبح مقاتلة غير المسلمين لأنهم على غير دين الإسلام لكن أباحت ذلك ضد بعض الأصناف منهم لاعتدائهم على النّاس واستباحتهم لأرواح البشر·