من عظمة الدين الإسلامي تفريج الكربات وعظم أجرها عند الله عز وجل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة). والفرج هو الخلل بين الشيئين وفاتحات الأصابع يقال لها: التفاريج. أما ابن منظور فقد عرف تفريج الكربات بأنه: كشف الهم وإذهاب الغم ودفع الضرر. أخوك مهموم وأنت تفرج همه وتذهب غمه وترفع عنه هذا الضرر والكربات جمع كربة وهي تدل على الشدة والقسوة والكرب هو الحزن والغم لذلك قال ربنا عز وجل: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْب ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ}.. [الأنعام:64] {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ}.. [الأنبياء:76] {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ}.. [الصافات:75-76] {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ}.. [الصافات :114-115]. إذاً: تفريج كربات المسلمين: أنك ترى مسلماً في شدة وضيق وحزن وغم فتأخذ بيده فتفرج همه وتحل مشكلته هذا هو الذي غاب عن مجتمع المسلمين ولذلك علمنا النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخلق. فعن عبد الله بن أبي قتادة: (أن أبا قتادة طلب غريماً له) أي: رجلاً عليه دين لأبي قتادة فتوارى المدين من الدائن (ثم وجده فقال له: إني معسر) أي: أن المدين يقول لأبي قتادة: إني معسر فقال: (آلله!) يعني: أستحلفك بالله أنك معسر قال: آلله فقال أبو قتادة: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه. فأبو قتادة له دين على رجل فقابل الرجل فهرب منه فلما أمسك به قال له: إني معسر وربنا يقول: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَة فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة }.. [البقرة:280] فإمهال المعسر أمر مطلوب فلما استحلفه أبو قتادة على أنه معسر قال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر) ومعناه: كأن نَفَسَ المعسر محبوس بصاحب الدين وإن يسر له وأمهله في السداد فكأنه أعطاه نفساً (فلينفس عن معسر أو يضع عنه) أي: يضع عنه الدين. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: (لا إله الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم). رواه البخاري ومسلم. وعن طلحة بن عبيد الله: (أن عمر رضي الله عنه رآه كئيباً فقال: ما لك يا أبا محمد لعله ساءتك امرأتك قال: لا وأثنى على أبيها أبو بكر خيراً ولكني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا فرج الله عنه كربته وأشرق لونه فما منعني أن أسأله عنها إلا القدرة عليها حتى مات قال عمر إني لأعلمها: هي قول العبد: لا إله إلا الله) أي: (من كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله دخل الجنة).