الهجمات متواصلة والحصار مستمرّ عشر سنوات على انسحاب الاحتلال الصهيوني من غزّة تحوّل كنيس سابق في غزّة إلى مستودع بينما أصبحت دار للحضانة مبنى أداريا. فبعد عشر سنوات من انسحاب الاحتلال من القطاع الفلسطيني لم يترك الوجود الإسرائيلي فيه سوى غضب المستوطنين الذين تمّ أجلاؤهم وجدلا تاريخيا حول فكّ الارتباط هذا. أمّا بالنّسبة لفلسطينيي القطاع فقد حملت السنوات العشر التي تلت الخامس عشر من أوت 2005 حروبا ضد غزّة وإغلاقا من جميع الجوانب بفعل الحصار المفروض على القطاع وإغلاق مصر لمعبر رفح بالإضافة إلى الركود الاقتصادي ففي ذلك اليوم بدأ جيش الاحتلال في اليوم الذي حدّدته حكومة أرييل شارون وبعد أشهر من التخطيط بإجلاء ثمانية آلاف مستوطن بالقوّة من قطاع غزّة. وقال الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) في باريس كريم بيطار إن شارون أراد أن يظهر من خلال ما وصفه ب (مأساة الإخلاء النفسية) بأنه من غير الممكن إطلاقا إجلاء مئات آلاف المستوطنين من الضفّة الغربية والقدس الشرقية المحتلّتين وأضاف: (باعتراف المستشار الرئيسي لشارون دوف فاسيغلاس كان الانسحاب يهدف خصوصا إلى تجميد عملية السلام إلى ما لا نهاية ووأد أيّ إمكانية لقيام دولة فلسطينية). وقامت دولة الكيان عند الانسحاب بهدم كلّ شيء باستثناء بعض المباني بينها بلدية مستوطنة غوش قطيف الذي أصبح اليوم فرعا لجامعة الأقصى في خانيونس. وحلّت أشجار الفاكهة المختلفة محلّ المناطق التي (كان يعيش المستوطنون فيها متحصّنين بحماية الدبّابات الإسرائيلية) كما قال عبد الرحمن النجّار الذي يزرع التين والكركديه. واستقرّ آلاف من الفلسطينيين في هذه المناطق في أحياء جديدة. وبعد انسحاب الاحتلال فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العدو اللدود للصهاينة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت في 2006 ومن ثَمّ سيطرت على القطاع. وشنّت دولة الاحتلال ثلاثة حروب ضد القطاع في هذه الفترة كما فرضت الدولة العبرية حصارا على القطاع في 2006 بعد أسر أحد جنودها أطلق سراحه في 2011 وهي تفرض رقابة صارمة على مجاله الجوّي ومياهه الإقليمية وحركة التجارة والتنقّلات. وأيّا كانت نوايا شارون فإنه لم يتمكّن من البقاء لرؤيتها تتحقّق وتوفّي في 2014 بعد أن قضى ثماني سنوات في غيبوبة. وبعد مرور عشر سنوات على الانسحاب من قطاع غزّة ما زال الاحتلال والاستيطان مستمرّين في الأراضي الفلسطينية ويبدو السلام بعيد المنال. ويستغلّ رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو الانسحاب من غزّة بينما تستمرّ الصواريخ في السقوط على الاحتلال ويستمرّ خطر اندلاع حرب جديدة كحجّة لتبرير عدم رغبة الاحتلال في الانسحاب من الضفّة الغربية المحتلّة. وكان نتنياهو استقال من منصبه كوزير في حكومة شارون لمعارضته الانسحاب من قطاع غزّة.