لا بدّ من الإعلان عن الأمر رسمياً: إنه عصر جيف بريدجز، ونحن كلنا نعيش في عالمه اليوم. ما من ممثّل آخر ينعم بسنةٍ أفضل مما يفعل جيف بريدجز الذي يبلغ 61 عاماً. فقد شكّل فوزه بجائزة أوسكار الحدث الأبرز في احتفال توزيع الجوائز، ذلك عن دوره في فيلم «قلب مجنون» (Crazy Heart) الذي يروي قصّة مُغنٍّ سابق تحوّل إلى سكّير، وقد صدر الفيلم في شهر ديسمبر الماضي. أخيراً، صدر لبريدجز فيلمان آخران انتظرهما الجميع على أحرّ من الجمر: جزء جديد من سلسلة الخيال العلمي بعنوان «ترون: الإرث» (TRON: Legacy) وفيه يستعيد بريدجز دوره كمهندس لنسخة محوسبة مبتكرة، ونسخة عن الفيلم الغربي True Grit. يضع بريدجز صوته على إعلانات خاصة بالبطاريات والسيارات المستوردة. وقد نشر كتاباً يتضمّن صوراً التقطها في مواقع التصوير، وهو يعمل الآن على إصدار ثاني ألبوم له. كذلك، ظهر على غلاف مجلّة «جي.كيو.» في العدد المخصص لاختيار رجل العام. وقد يكون تعاونه الناجح مع الأخوين كوين في فيلم «ليبوسكي الكبير» (The Big Lebowski) أحد أشهر الأعمال الكوميدية في تاريخ السينما. أصبح بريدجز، في مرحلة متأخرة نسبياً من مسيرته المهنية التي امتدّت على مدى نصف قرن، أحد الثوابت في حياتنا إلى حدّ أنّ الجمهور مقتنع بأنه يعرفه جيداً. لكنّ هذا الرجل ليس من يظنّه كثر. كان بريدجز، خلال مقابلة أُجريت معه عبر الهاتف أخيراً، سعيداً بالتحدّث عن أحبّ شخصية إلى قلبه، أي الرجل الودود الذي يحب التسكّع. حتى أنه أدى أدواراً متنوعة استناداً إلى تلك الشخصية في أفلام «ركوب الأمواج» (Surf's Up) و{الرجال الذين يتأملون الماعز» (The Men Who Stare at Goats) و{ترون: الإرث» (TRON: Legacy). (سيعيد هذه التجربة حين يضع صوته على شخصية الرجل الهيبي فان فيلمور في الفيلم المرتقب «سيارات الجزء 2» (Cars 2). لكن عودته إلى العمل مع الأخوين كوين في True Grit تؤكّد القدرات التمثيلية الهائلة التي يتمتع بها هذا الممثل الذي طالما استُخّف بموهبته. يؤدي بريدجز دور روستر كوغبيرن، مارشال أمريكي تكلّفه شابة شجاعة من ولاية أركانسان (تؤدي دورها الممثلة المبتدئة هايلي ستاينفلد) بملاحقة المجرم الذي قتل والدها. فاز جون واين بجائزة أوسكار عن أدائه شخصية كوغبيرن في نسخة فيلم True Grit التي صدرت عام 1969. لكن يقول بريدجز إن تجسيده هذه الشخصية الخاص لا يرتكز على أداء واين بل على رواية تشارلز بورتيس التي ألهمت الأخوين كوين لصنع الفيلم. يتابع بريدجز، الذي يتكلم بنبرة متكلفة كرجلٍ أصبح صوته أجشّاً بسبب الكحول والسجائر، قائلاً: «ينعكس الحوار الوارد في الرواية ضمن السيناريو الذي كتبه الأخوان كوين. من الرائع إنتاج فيلم مستوحى من رواية لأن هذه الأخيرة توفّر معلومات كثيرة عن الشخصية التي نؤديها وعن خلفيّتها. تبدأ عملية التمثيل دوماً انطلاقاً من المواد المتوافرة في متناول الممثل، أي الكتاب أو السيناريو، ما يتيح له الاطّلاع على رأي الشخصيات الأخرى به أو ما يظنه هو عن نفسه. عندها أستطيع التفكير بمختلف جوانب ذاتي، ما يخوّلني ربط هذه المعلومات بالشخصية التي أؤديها أو الأشخاص الآخرين. ثم ألجأ إلى المخرج لتخطي الفكرة التي كوّنتُها بنفسي عن الشخصية، ما يعني أنني لا أجسّد شخصيتي فحسب». في الأفلام، يظهر بريدجز بصورة الرجل العفوي الذي يسهل التعامل معه. أما في الحياة الواقعية، فهذا الممثل الذي ترشّح لنيل جائزة الأوسكار خمس مرّات متزوّج منذ 33 عاماً، وهو والد لثلاث فتيات، وناشط في الأعمال الخيرية المعنية بالإغاثة من المجاعة. وُلد بريدجز ونشأ في لوس أنجلس. وهو يقسم وقته بين منزله الواقع بالقرب من سانتا بربرا في كاليفورنيا، ومزرعته في مونتانا. لا عجب إذاً في أنّ سيرته الذاتية غنية بأفلام الغرب الأمريكي على اختلاف أنواعها، بما فيها أفلام «عرض الصورة الأخيرة» (The Last Picture Show)، و{رانشو ديلوكس» (Rancho Deluxe)، و{بوابة الجنّة» (Heaven's Gate) و{بيل الجامح» (Wild Bill). يختم بريدجز قائلاً: «مثّل والدي (لويد بريدجز) في فيلم كلاسيكي من أفلام الغرب الأمريكي بعنوان «منتصف الظهر» (High Noon). هو من علّمني كل ما أعرفه عن التمثيل. بالتالي، ثمة تقنية معيّنة يجب اعتمادها. لكن لا يزعجني إن اعتبر الناس أنّ موهبة التمثيل تأتي بالفطرة».