كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنَّ كلَّ البشر يُذنبون وأنَّ القضية التي ينبغي أن ننشغل بها هي قضية التوبة عندما يحدث الذنب لهذا قال فيما رواه الترمذي وقال الألباني: حسن عَنْ أنس رضي الله عنه: كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ . لهذا لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل مع المذنبين كأشرار يحتاجون المقاومة إنما كمرضى يحتاجون العلاج لهذا كان ينهى عن لعنهم أو إبعادهم عن دائرة المؤمنين فقد روى البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لاَ تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . وفي رواية لأبي يعلى الموصلي -بسند صحيح- قَالَ: لاَ تَلْعَنُوهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعنه وأخبر أن الرجل يحبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وليس شربه للخمر مانعًا له من هذا الحبِّ وهذا أمر يستغربه كثير من الناس لأن شرب الخمر كبيرة خطيرة وقد روى النسائي -وقال الألباني: صحيح- عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْر و رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي فَيَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا . ومع ذلك ينهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن لعن الرجل ويُثْبِت له حبَّ اللهِ ورسوله والواقع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يُريد أن يُعِين الشيطانَ على المسلم ولو كان عاصيًا وقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ. فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ . فالرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان لا يُفَرِّط في إقامة الحدِّ على المخطئ فإنه لا يُريد أن يُبْعِده عن دائرة المؤمنين لأن لعنه وطرده سيبعث به إلى صحبة الأشقياء والمجرمين أمَّا استيعابه في الصفِّ المسلم فسيكون سببًا في توبته وإنابته. فلْنَكُفَّ ألسنتنا عن أعراض المذنبين فلعلَّ قلوبهم تحبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولْنحرص على دعوتهم إلى الخير.