تصريحات نارية واتهامات متواصلة بين إيرانوالرياض *** تتصاعد حدة التوتر بشكل متسارع بين أكبر قوتين سُنّية وشيعية في العالم الإسلامي ففي ساعات قليلة تلت واقعة إعدام إرهابيين من بينهم أحد رموز الشيعة في المملكة شهدت إيران اعتداء على القنصلية السعودية ومن ثَمّ قرار الرياض بقطع العلاقات وفيما تضامنت بعض الدول بإظهار اعتراضها من خلال استدعاء سفراء إيران وبين هذا وذاك فإن التصريحات النارية والاتهامات المتبادلة زادت من التشنج وأعلنت عن مرحلة ملتهبة في المنطقة. ق.د / وكالات وصل عدد من الرعايا السعوديين إلى العاصمة الرياض قادمين من طهران بعد قرار السعودية قطع علاقاتها مع إيران وتأتي هذه التطورات بُعيْد تصريحات لوزير الخارجية السعودي قال فيها إن المملكة ستقطع كل العلاقات التجارية مع إيران وستوقف الرحلات الجوية منها وإليها وإن المملكة ستفرض حظرا على سفر الأشخاص إلى إيران وبناء على ذلك أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني السعودي أنها وجهت هيئة الناقلات الوطنية وجميع الناقلات بتعليق ومنع جميع رحلاتها من إيران وإليها. وأكدت تلك الهيئة السعودية -في بيان صحفي- أن القرار اتخذ بناءً على ما أعلنته الرياض من قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران وعليه تم توجيه الناقلات الوطنية وجميع الناقلات بتعليق ومنع جميع رحلاتها من إيران وإليها. وأوضحت الهيئة أن الناقلات الوطنية ستتخذ الإجراءات اللازمة بغية عدم تضرر المسافرين ممن لديهم حجوزات مسبقة بالتنسيق مع المسافرين. وكانت الرياض قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران وطالبت أعضاء البعثة الدبلوماسية الإيرانية بمغادرة المملكة خلال 48 ساعة وذلك على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها السفارة في طهران والقنصلية السعودية في مشهد يوم السبت. * الجبير: (لن نسمح لإيران بزعزعة استقرار المنطقة) قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن المملكة لن تسمح لإيران بزعزعة استقرار المنطقة وطالب الوزير إيران بأن تقرر ما إذا كانت دولة تحترم المواثيق الدولية أم ثورة وذلك عقب قرار السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وأضاف أن (على الإيرانيين أن يتصرفوا كبلد طبيعي عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا دولة وفي هذه الحالة عليهم أن يتصرفوا وفق هذا الأساس وأن يحترموا المواثيق الدولية والقوانين والمعاهدات). ومن جانبها قالت طهران إن قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع إيران سياسة غير عقلانية تزيد التوتر في المنطقة. وفي مؤتمر صحفي عقدته الخارجية الإيرانية قال الناطق باسم الخارجية حسين جابر أنصاري إن قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع إيران يندرج في سياق السياسات غير العقلانية التي من شأنها دعم عدم الاستقرار وزيادة منسوب التوتر في المنطقة. وأضاف الناطق باسم الخارجية الإيرانية أن الدبلوماسيين الإيرانيين لا يزالون داخل الأراضي السعودية وأن طهران تواصل اتصالاتها لترتيب عودة البعثة السعودية إلى إيران معتبرا أن الحكومة الإيرانية قامت بواجباتِها بشأن حماية البعثة الدبلوماسية السعودية. من جهته قال مصدر في الخارجية الروسية إن موسكو مستعدة للعب دور الوسيط عند الضرورة لتحسين العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية واقترح إشراك مجلس الأمن الدولي لتخفيف حدة التوتر في منطقة الخليج. * تفاصيل الاعتداءات كان رئيس الدائرة الإعلامية في وزارة الخارجية السعودية أسامة نقلي فصل في بيان ملابسات ما وقع من اعتداءات على السفارة السعودية في طهران وقال إن المحتشدين أمام السفارة السعودية اقتحموا المبنى وإن القائم بأعمال السفارة تواصل مجددا مع الخارجية الإيرانية إلا أنه لم يجد منها أي تجاوب. وتابع أن القائم بالأعمال بالنيابة حاول الحصول على حماية لزيارة مقر السفارة لتفقده إلا أنه لم يتمكن من ذلك إلا بعد عصر يوم الأحد حيث وجد أن المبنى طاله الخراب والدمار وتم تكسير محتوياته ونهب وسرقة ما به من أجهزة وعتاد. وفي ما يتعلق بالاعتداءات على القنصلية العامة في مدينة مشهد قال نقلي إن سيارة أجرة اقتحمت وبشكل مباشر بوابة الحاجز الأمني للقنصلية في محاولة لاقتحام بوابتها الداخلية دون أن تمنعها السلطات الإيرانية من ذلك وأضاف أن حشودا تجمعت أمام مبنى القنصلية تقدر بأكثر من ألفي شخص وقامت برشق المبنى بالحجارة والعبوات النارية الحارقة وحاولت مجموعة منهم اقتحام المبنى ولم تقم السلطات الإيرانية بأي جهد لمنع مثل هذه الأعمال الإجرامية أو اعتقال المتسببين فيها وقال إنه بناء على هذه الاعتداءات قامت المملكة باتخاذ إجراءات شملت استدعاء السفير الإيراني لدى المملكة وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة حملت فيها النظام الإيراني مسؤولية هذه الاعتداءات بكاملها كما قامت بإحاطة مجلس الأمن الدولي بهذه الاعتداءات وكل من مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. * الكويت تستدعي سفيرها من طهران أعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية أن الوزارة استدعت صباح أمس الثلاثاء سفيرها في إيران على خلفية الاعتداءات التي قامت بها جموع من المتظاهرين باقتحام سفارة السعودية والاعتداء على قنصليتها العامة في مشهد وممارسة التخريب وإضرام النيران فيهما لما يمثله ذلك من خرق صارخ للأعراف والاتفاقيات الدولية وإخلال جسيم بالتزامات إيران الدولية بأمن البعثات الدبلوماسية وسلامة طاقمها. وسلمت الخارجية الكويتية سفير ايران لدى الكويت مذكرة احتجاج خطية احتجاجا على الانتهاكات ضد السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مشهد وما يمثله ذلك من انتهاك للمواثيق والأعراف الدولية. يذكر أنه بعد أقل من 24 ساعة على قرار السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية وطرد الموظفين الدبلوماسيين الإيرانيين كرت سبحة مواقف عربية مشابهة تراوحت بين قطع للعلاقات وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي. فقد التحقت كل من البحرين والسودان بالرياض وقررا قطع العلاقات مع طهران أما الإمارات فاستدعت السفير الإيراني سيف الزعابي وأبلغته بخفض مستوى التمثيل وتقليص عدد البعثة. كما استنكرت باكستان الاعتداء على سفارة المملكة العربية السعودية في العاصمة الإيرانيةطهران واعتبرت أن الهجوم على السفارة السعودية يتعارض مع الأعراف الدولية كما حثت على حل الخلافات عبر الوسائل السلمية. * إيران: السعودية لا يمكنها التغطية على (جريمتها) بقطع العلاقات نقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عن الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله أمس الثلاثاء خلال اجتماع مع وزير الخارجية الدنمركي في طهران إن السعودية لا يمكنها التغطية على (جريمة اعدام رجل الدين البارز الشيخ نمر النمر بحد السيف بقطع العلاقات مع طهران). * المعلمي: (لا نريد اعتذارا.. نريد أفعالا لوقف الانتهاكات) طالب مندوب السعودية في الأممالمتحدة عبد اللّه المعلمي مجلس الأمن بإدانة الاعتداءات التي تعرضت لها السفارة السعودية والقنصلية السعودية في إيران واصفا الاعتداء بالانتهاك الخطير للمواثيق والأعراف الدولية. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده المعلمي في الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء من مقر مجلس الأمن الدولي بنيويورك. وطالب المعلمي إيران بالالتزام بحماية المنشآت الدبلوماسية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وباحترام مبدأ حسن الجوار قولا وفعلا. وأضاف المعلمي: (لا نريد اعتذارا من إيران وإنما نريد أفعالاً لوقف الانتهاكات). وكانت إيران قد بعثت برسالة إلى مجلس الأمن الدولي أعلنت فيها عن أسفها للاعتداء على السفارة السعودية وتعهدت فيها بعدم تكرار الاعتداء على البعثات الدبلوماسية. * هذه خسائر إيران بعد اعتذارها للسعودية أكد خبير مصري في الشؤون الدولية أن اعتذار إيران عن الاعتداءات على سفارة السعودية في طهران يعد اعترافا ضمنيا من إيران بتورطها في الحادث ويحملها جملة من الخسائر القانونية والمادية خاصة بعد إدانة مجلس الأمن الدولي الاثنين بأقصى حزم ممكن الاعتداءات على البعثتين الدبلوماسيتين السعوديتين في طهران ومشهد وطلبه من طهران حماية المنشآت الدبلوماسية والقنصلية طبقاً لالتزاماتها الدولية. وقال الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية في تصريحات خاصة ل(العربية.نت( إن الاعتذار الإيراني لمجلس الأمن وهو الجهاز الرئيسي في الأممالمتحدة المعني بحفظ السلم والأمن الدوليين يكشف عن الحقائق القانونية والوقائع المادية الآتية: أولا: إقرار أن إيران تأتي في مقدمة كافة دول العالم التي انتهكت حرمة وحصانة المقار الدبلوماسية والقنصلية فالحادث الأخير لم يكن الأول في التاريخ الإيراني الأسود في ذلك الصدد. ثانيا: إن تعهد إيران لمجلس الأمن بعدم تكرار هذه الانتهاكات الجسيمة في المستقبل يعد أقصى ما تقدمه الدولة من أشكال جبر الضرر لكن ليس مجلس الأمن هو الوجهة الصحيحة لتقديم ذلك التعهد فهذا عناد وإصرار وتكبر لا يصدر إلا عن الدول التي تنهج نهجا موتورا غريبا غير طبيعي ولم تألفه جماعة الأمم المتمدنة التي يستحيل علي إيران أن تكون أحد أعضائها. ثالثا: ثبت يقينا ودون حاجة لبينة أو قرينة فليس بعد الإقرار الإيراني أية بينة أو قرينة أن إيران خرجت بل خرقت قواعد القانون الدولي والدبلوماسي ومن قبلهما قواعد الأخلاق الدولية فضلا عن قواعد المجاملات الدولية بين الأمم. رابعا: إن السعودية الدولة ذات السيادة العضو في منظمة الأممالمتحدة والتي لحق بها ذلك الضرر الجسيم المؤكد المباشر من إيران لها كل السلطة والأهلية في قبول شكل واحد من أشكال جبر الضرر أو ترفضه حيث لها أن تطالب إيران بالاعتذار الأدبي والتعويض المالي وإعادة الحال إلى ما كان عليه وإعادة بناء وترميم المقار الدبلوماسية والقنصلية ومقاضاة المسؤولين عن ارتكاب الحادث والتعهد بعدم تكرار هذه الانتهاكات الجسيمة في المستقبل.