بعد سنتين كاملتين على بدء انهيار الأسعار ** _ مصطفى مقيدش: التدابير غير كافية... ويجب تشغيل محركات أخرى للنمو -- تمر اليوم سنتان كاملتان عن تاريخ بدء انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية ما فتح الباب أمام خبراء وفاعليين اقتصاديين لتقييم مدى نجاعة التدابير التي اتخذتها الحكومة لحماية لقمة عيش الجزائريين والخوض في النموذج الجديد للإقتصاد الوطني والظروف اللازمة لتحقيقه. قال مصطفى مقيدش نائب رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي إنه حان الوقت لتقييم مدى نجاعة التدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الأزمة المالية بعد عامين تماما من انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية في ال 15 جوان 2014. ودعا مقيدش أمس إلى الإسراع في تنفيذ نموذج النمو الاقتصادي الذي تبنته الثلاثية ال 19 رغم أن النقاش خلال الثلاثية الأخيرة أظهر نوعا من عدم الاتفاق النهائي على هذا النموذج سيما في تحديد الأهداف المرجوة والأرقام المراد تحقيقها ومدى تهيئة الظروف اللازمة لتطبقيه مضيفا أن ما يهم أساسا ليس قبول أو رفض هذا النموذج الجديد وإنما مدى فعاليته واجنداته ما يستلزم حسب الخبير مباشرة إصلاحات مالية وتصحيح الوضع الاقتصادي. وقال الخبير الاقتصادي إنه يجب إعداد حصيلة أولية لتقييم الاجراءات التي اتخذتها الجزائر لمواجهة تداعيات أسعار النفط بعد عامين تماما من بداية الأزمة (15 جوان 2014) وأكد أنه قبل عام من الآن أساءت السلطات العمومية تقدير حجم ومدى الازمة المالية غير انها استدركت ذلك في قانون المالية 2016 وتجلى ذلك في القيود المفروضة على الميزانية مشيرا إلى أن العجز في الميزان التجاري المتوقع للعام الجاري يقارب ال 25 مليار دولار غير أن التقديرات تشير إلى أنه سيبلغ 30 مليار دولار بنهاية العام. إجراءات غير كافية وأكد نائب رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي في تصريح للقناة الإذاعية الثالثة أن الإجراءات والترتيبات التي اتخذتها السلطات لم تكن كافية لمواجهة آثار انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية داعيا إلى تشغيل محركات أخرى من النمو لتعبئة موارد إضافية في الميزانية وسد العجز وتحسين مناخ الاعمال الذي اعتبره لا يحفز حاليا على استقدام استثمارات أجنبية أو تشجيع الاستثمارات المحلية خاصة ما تعلق بالعقار فرغم القرارات التي اتخذتها الدولة في اوت 2015 وتمكين الولاة من صلاحيات منح العقار الصناعي إلا ان الأمور لازالت تراوح مكانها وضيعنا وقتا كثيرا بسبب البيروقراطية على حد قول مقيدش. ويرى مقيدش أن إعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي وتوجيهه للفئات المحتاجة فعلا أحد أهم المحاور الأساسية للإصلاحات فضلا عن ضرورة ترشيد النفقات العمومية وكذا مراجعة أسعار الوقود مرة أخرى باعتبار الزيادات المقررة في قانون المالية 2016 غير كافية بدليل اعتراف الوزير الأول عبد الملك سلال خلال اجتماع الثلاثية ال 19 بعدم انخفاض مستوى الاستهلاك رغم الزيادة في أسعار الوقود التي تبقى جد منخفضة على غرار تسعيرة الكهرباء والغاز. تغيير الكوادر لبعث الإصلاحات ضخ رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قبل أيام روحا جديدة في القطاعات المسند إليها التعامل مع الأزمة المالية التي خلفها تراجع أسعار البترول في الأسواق العالمية بعزله لثلاث مسؤولين كبار أولهم محافظ البنك المركزي المعمر في مركزه محمد لكصاسي ووزيرا المالية والطاقة ولم يتضمن بيان الرئاسة في المناسبتين سببا للتغييرات بيد أن مخرجات اجتماع الثلاثية الأخير تشير حسب مراقبين لدخول عصر اقتصادي جديد وفق نموذج مختلف وكوادر جديدة لمجابهة المحنة النفطية. ومازال النفط والغاز يمثل نحو 60 بالمائة من ميزانية الجزائر ونحو 95 بالمائة من صادراتها. ورغم تراجع احتياطات بلادنا من العملة الصعبة إلا أنها لازالت تبلغ نحو 140 مليار دولار كما تراجعت عائدات الطاقة بنحو 50 بالمائة خلال عام 2015. هذه الأرقام الصادمة جعلت حكومة سلال تتخذ بعض الإجراءات للتكيف مع تراجع الدخل منها زيادة أسعار منتجات الوقود والطاقة المدعومة والحد من مشروعات البنية الأساسية وخفض الإنفاق في الميزانية في انتظار تدابير إصلاحية أخرى لخفض الاعتماد على عائدات النفط والغاز وتحرير الاقتصاد الوطني.