تبدو السلطات العليا في البلاد مصّرة، أكثر من أي وقت مضى، على حماية القدرة الشرائية للمواطن، ومنع المضاربين من العبث بقدرته الشرائية، وهو ما دفع وزارة التجارة إلى إعداد إطار قانوني لتسقيف أسعار المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، وهي محاولة جديدة من الحكومة لإطفاء نار الأسعار، تجسيدا لتوجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي أمر بوضع حد للمضاربة في الأسعار· وكشف وزير التجارة السيد مصطفى بن بادة أمس الأربعاء بالجزائر أن دائرته الوزارية تعكف على إعداد الإطار القانوني الخاص بتأطير أسعار المواد واسعة الاستهلاك، مشيرا إلى أنه سيتم عرضه على الحكومة في غضون الأسابيع المقبلة· وأوضح الوزير -في تصريح صحفي على هامش التوقيع على اتفاقية تعاون بين المركز الوطني للسجل التجاري ووزارة البريد وتكنولوجيا الإعلام والاتصال- أنه سيتم في مرحلة أولى إصدار مرسوم تنفيذي سيكرس تسقيف أسعار الزيت عند 600 دينار لصفيحة 5 لترات و90 دينارا للكيلوغرام من السكر وهذا من ضمن جملة من النصوص التنظيمية التي توضح دور الدولة في هذا الإطار· وقال السيد بن بادة إن هذا الإجراء يندرج ضمن تطبيق القوانين الخاصة بالمنافسة والممارسات التجارية التي صدرت سنة 2008 مشيرا إلى إمكانية قيام السلطات العمومية بتطبيق نفس المبدأ (تسقيف الأسعار) على مواد أساسية أخرى في حال وجود قرار سياسي· وستتضمن النصوص القانونية التي تعكف الوزارة على إعدادها أيضا تحديد تركيبة أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية وهوامش الربح للمتعاملين التجاريين وكيفية تعويض هؤلاء المتعاملين في حال تجاوز الأسعار السقف المحدد لها ودور الدولة لدى تدخلها في هذا الإطار· جدير بالذكر أن قانون المنافسة والذي يكرس مبدأ العرض والطلب في تحديد الأسعار ينص كذلك على استثناءات تسمح للسلطات العمومية بالتدخل لتأطير الأسعار من خلال تسقيفها والموافقة عليها وتحديد هوامش الربح والتي سمحت لوزارة التجارة مؤخرا بالتدخل لوقف ارتفاع أسعار السكر والزيت التي عرفت ارتفاعا كبيرا· بخصوص هذه النقطة أوضح وزير التجارة أن ارتفاع سعر السكر والزيت في 1 جانفي الفارط بلغت نسبته 23 بالمائة بالمقارنة مع السعر الذي كان مطبقا عليهما قبل 24 ساعة (31 ديسمبر 2010) مشددا على أن هذا الارتفاع كان غير طبيعي ومصطنع· من جهة أخرى، أبرز الوزير بن بادة أهمية تفعيل مجلس المنافسة مؤكدا أنه طلب تخصيص مجلس وزاري مشترك لإعادة بعث هذه الهيئة· وليست هذه أول مرة تتدخل فيها الحكومة لكبح جماح الأسعار الملتهبة، حيث سبق أن أعلن الجهاز التنفيذي عن العديد من الإجراءات الرامية إلى حماية المستهلكين من جشع التجار، ومن أبرز هذه الإجراءات تلك المتخذة قبل أسابيع، والتي تلخصت في تسقيف أسعار الزيت والسكر، وهو ما أثار ارتياحا كبيرا في الشارع الجزائري· وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد أمر الحكومة، أكثر من مرة، بحماية القدرة الشرائية للمواطن، بواسطة الزيادة في أجور الموظفين من جهة، وكذا تشديد المراقبة على أسعار المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، من جهة ثانية، وهو ما انعكس بالإيجاب على الأحوال المعيشية للجزائريين الذين مازالوا رغم ذلك يأملون أن تتحسن أمورهم بشكل أكبر··