بينهم 250 أسيرا من أصحاب المؤبدات..الإفراج عن 1968 أسيرا فلسطينيا مقابل 20 أسيرا إسرائيليا    ترامب سمح لها بإعادة النظام في غزة.. "حماس" تحصل على تفويض أمريكي مؤقت    هولندا : مناورات الناتو للردع النووي بمشاركة 14 دولة    جلاوي يؤكّد ضرورة المتابعة الدقيقة للمشاريع    السوق المالي الجزائري يشهد تحوّلاً عميقاً    ميدالية فضية للجزائر    حريصٌ على تحقيق عدالة مستقلة ونزيهة    الرئيس يعزّي أمير قطر    مجلة الجيش تفتح النار على العملاء    سفير فلسطين يُثمّن موقف تبّون    بلايلي وبونجاح يُصابَان    مكالمة هاتفية بين الوزير الأول سيفي غريب ونظيره المصري مصطفى مدبولي لتعزيز التعاون الثنائي    تطلق مسابقة لتوظيف وتكوين أعوان الشرطة    رئاسة الجمهورية تعزي في وفاة عميد الصحافة الجزائرية أبو بكر حميدشي    الصالون الوطني للزربية والنسيج بداية من اليوم    دمية "لابوبو".. لعبة بريئة أم خطر ثقافي وعقائدي يهدد الشباب    وفاة رجلين اختناقا بغاز المدفأة في الخروب بقسنطينة    وزير الأشغال العمومية يؤكد من الجلفة على ضرورة احترام الآجال المحددة لتجسيد مشاريع القطاع    العثور على الطفل المفقود بالشلف متوفى وفتح تحقيق للكشف عن ملابسات القضية    شباب يعتنقون خرافات من ثقافة الجاهلية الإسرائيلية والهندوسية    تقرير "كوسوب" لعام 2024:"تحول عميق" يشهده السوق المالي الجزائري    الجزائر كيّفت إطارها القانوني مع الرهانات الجديدة    300 متخصص ضمن الشبكة الجزائرية لصنّاع المحتوى    4 قتلى و238 جريح في 24 ساعة    تقرير المصير والاستقلال حق ثابت للشعب الصحراوي    نشتغل على 80 مشروعا في مختلف المجالات    يوم دراسي حول الصيرفة الإسلامية    مشروع جزائري - عماني لصناعة الحافلات والمركبات الخدماتية    "راحة القلب والروح" تغمر الجزائريين    توقُّع زراعة 50 ألف هكتار من الحبوب    تألّق عمورة وغويري يعقّد عودة سليماني ل"الخضر"    بول بوت يتحدى بيتكوفيتش في قمة الأمل الأخير    عنف بلا آثار وندوب لا تشفى    زروقي محبط لاستبعاده من المنتخب الوطني    وزير الصحة يلتقي نقابة الأسلاك المشتركة    نزهة على بساط التراث والطبيعة    قصص صغيرة عن حدث جزائري قارّ    حصن المعذبين إرث تاريخي يُنظَّف بأيدي الأجيال    اجتماع بوزارة الأشغال العمومية لمناقشة مشاريع القطاع بولاية الجلفة تحسبا لزيارة ميدانية للوزير جلاوي    رقم قياسي للمنتخبات العربية المتأهّلة    بلمهدي يزور جامع سفير    الخضر يستعدون لمواجهة أوغندا    تنصيب وفد التحضير للحج    تمديد فترة إيداع العروض التقنية والمالية    "المخزن يظهر للعيان بأن ما يبيعه لشعبه وللعالم مجرد أوهام    المجتمع الرقمي له تأثيره وحضورُ الآباء ضروري    الاتحاد البرلماني العربي يرحب باتفاق وقف الحرب على غزّة    اجتماع تنسيقي بين ثلاث وزارات    اجتماع بين3 قطاعات لضمان صيانة التجهيزات الطبية    رئيس الجمهورية يهنئ المنتخب الوطني عقب تأهله إلى كأس العالم 2026    الفريق أول السعيد شنقريحة يهنئ المنتخب الوطني بمناسبة تأهله إلى كأس العالم 2026    خديجة بنت خويلد رضي الله عنها    فتاوى : كيفية تقسيم الميراث المشتمل على عقار، وذهب، وغنم    مهرجان الجزائر الدولي للفيلم يفتح باب التسجيل للمشاركة في أول دورة من "سوق AIFF" المخصص للسينمائيين    نعمل على توفير جميع الإمكانيات لهيئة التفتيش    الأدب ليس وسيلة للمتعة فحسب بل أداة للتربية والإصلاح    فتاوى : إنشاء صور لذوات الأرواح بالذكاء الاصطناعي    هذه مخاطر داء الغيبة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا بكى النبي حتى ابتلت الأرض
نشر في أخبار اليوم يوم 24 - 01 - 2017


الرسول كأنك تراه
هكذا بكى النبي حتى ابتلت الأرض
البكاء نعمة عظيمة امتنّ الله بها على عباده قال تعالى: {وأنه هو أضحك وأبكى} (النجم: 43) فبه تحصل المواساة للمحزون والتسلية للمصاب والمتنفّس من هموم الحياة ومتاعبها.
ويمثّل البكاء مشهدًا من مشاهد الإنسانية عند رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ حين كانت تمرّ به المواقف المختلفة فتهتزّ لأجلها مشاعره وتفيض منها عيناه ويخفق معها فؤاده الطاهر.
ودموع النبي _ صلى الله عليه وسلم _ لم يكن سببها الحزن والألم فحسب ولكن لها دوافع أخرى كالرحمة والشفقة على الآخرين والشوق والمحبّة وفوق ذلك كلّه: الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى.
فها هي العبرات قد سالت على خدّ النبي _ صلى الله عليه وسلم - شاهدةً بتعظيمه ربّه وتوقيره لمولاه وهيبته من جلاله عندما كان يقف بين يديه يناجيه ويبكي ويصف أحد الصحابة ذلك المشهد فيقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء _ وهو الصوت الذي يصدره الوعاء عند غليانه - رواه النسائي.
وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها موقفًا آخر فتقول: قام رسول الله _ صلى الله عليه وسلم - ليلةً من الليالي فقال: (يا عائشة ذريني أتعبد لربي) فتطهّر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بلّ حِجره ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ لحيته ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض وجاء بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال له: (أفلا أكون عبدًا شكورًا؟) رواه ابن حبّان.
وسرعان ما كانت الدموع تتقاطر من عينيه إذا سمع القرآن الكريم روى لنا ذلك عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اقرأ عليّ) قلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال: (نعم) فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} (النساء: 41) فقال: (حسبك الآن) فالتفتّ إليه فإذا عيناه تذرفان رواه البخاري.
كما بكى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ اعتبارًا بمصير الإنسان بعد موته فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فجلس على شفير القبر _ أي طرفه - فبكى حتى بلّ الثرى ثم قال: يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا رواه ابن ماجة وإنما كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام بمثل هذه الشدّة لوقوفه على أهوال القبور وشدّتها ولذلك قال في موضع آخر: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا) متفق عليه.
وبكى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ رحمةً بأمّته وخوفًا عليها من عذاب الله كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه يوم قرأ قول الله عز وجل: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} (المائدة: 118) ثم رفع يديه وقال: (اللهم أمتي أمتي) وبكى.
وفي غزوة بدر دمعت عينه - صلى الله عليه وسلم _ خوفًا من أن يكون ذلك اللقاء مؤذنًا بنهاية المؤمنين وهزيمتهم على يد أعدائهم كما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: (ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح) رواه أحمد.
وفي ذات المعركة بكى النبي _ صلى الله عليه وسلم - يوم جاءه العتاب الإلهي بسبب قبوله الفداء من الأسرى قال تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} (الأنفال: 67) حتى أشفق عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كثرة بكائه.
ولم تخلُ حياته _ صلى الله عليه وسلم _ من فراق قريب أو حبيب كمثل أمه آمنة بنت وهب وزوجته خديجة رضي الله عنها وعمّه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه وولده إبراهيم عليه السلام أو فراق غيرهم من أصحابه فكانت عبراته شاهدة على مدى حزنه ولوعة قلبه.
فعندما قُبض إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم _ بكى وقال: (إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) متفق عليه.
ولما أراد النبي _ صلى الله عليه وسلم - زيارة قبر أمه بكى بكاءً شديدًا حتى أبكى من حوله ثم قال: (زوروا القبور فإنها تذكر الموت) رواه مسلم.
ويوم أرسلت إليه إحدى بناته تخبره أن صبيًا لها يوشك أن يموت لم يكن موقفه مجرد كلمات توصي بالصبر أو تقدّم العزاء ولكنها مشاعر إنسانية حرّكت القلوب وأثارت التساؤل خصوصًا في اللحظات التي رأى فيها النبي _ صلى الله عليه وسلم - الصبي يلفظ أنفاسه الأخيرة وكان جوابه عن سرّ بكائه: (هذه رحمة جعلها الله وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) رواه مسلم.
ويذكر أنس رضي الله عنه نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - لزيد وجعفر وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه يوم مؤتة حيث قال عليه الصلاة والسلام: (أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة فأصيب - وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله) رواه البخاري.
ومن تلك المواقف النبوية نفهم أن البكاء ليس بالضرورة أن يكون مظهرًا من مظاهر النقص ولا دليلًا على الضعف بل قد يكون علامةً على صدق الإحساس ويقظة القلب وقوّة العاطفة بشرط أن يكون هذا البكاء منضبطًا بالصبر وغير مصحوب بالنياحة أو قول ما لا يرضاه الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.