السؤال ما معنى دبر كل صلاة ؟ هل معناه قبل السلام من الصلاة أم بعده ؟ الجواب: الحمد لله أولا: دبر الصلاة: عقبها وخلفها أو آخرها. وقد ورد الترغيب في الذكر والدعاء دبر الصلوات في عدة أحاديث منها: 1- ما رواه البخاري (6330) ومسلم (594) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاة إِذَا سَلَّمَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ). 2- وروى البخاري (6329) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. قَالَ: كَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالُوا: صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ قَالَ أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَمْر تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ وَلَا يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ بِهِ إِلَّا مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاة عَشْرًا وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا). وللبخاري (843): (تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ). ولمسلم (595): (تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً). 3- وروى مسلم (596) عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاة مَكْتُوبَة : ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً). والمراد بدبر الصلاة في هذه الأحاديث: عقب الصلاة وخلفها أي: بعد السلام كما جاء مصرحا به في بعض الروايات وكذلك ما جاء في قراءة آية الكرسي والمعوذات دبر الصلاة فإن المراد بذلك بعد السلام. 4- وروى أبو داود (1522) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَل رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: (يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فَقَالَ: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاة تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود. ورواه النسائي (1303) بلفظ: (فَلَا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلَاة رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) وصححه الألباني في صحيح النسائي. والمراد بدبر الصلاة هنا: آخر الصلاة قبل التسليم لأن دبر الشيء يكون منه ويتأكد هذا بقوله في رواية النسائي: (في كل صلاة). قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (1/294): (ودبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده وكان شيخنا [أي ابن تيمية] يرجح أن يكون قبل السلام فراجعته فيه فقال: دبر كل شيء منه كدبر الحيوانو انتهى. 5- وروى الترمذي (3499) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟ قَالَ: (جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ) والحديث حسنه الترمذي والألباني في صحيح الترمذي. والظاهر أن المراد بدبر الصلاة هنا: قبل السلام. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: والظاهر أن المراد بدبر الصلوات المكتوبة في حديث أبي أمامة إن صح آخر الصلاة انتهى. مجموع فتاوى ابن عثيمين (13/268). وقد ذكر أهل العلم في ذلك: أن ما ورد في النصوص مقيداً بدبر الصلاة فإن كان ذِكْراً (كالتسبيح والتحميد والتكبير وقراءة آية الكرسي والمعوذات) فالمراد بدبر الصلاة هنا : بعدها. وإن كان دعاءً فالمراد بدبر الصلاة: آخرها أي قبل التسليم. إلا إذا جاء ما يدل على أن هذا الدعاء المعين يقال بعد التسليم كقوله صلى الله عليه وسلم (استغفر الله ثلاثاً) فهذا دعاء ولكن دلت السنة على أنه يقال بعد السلام. وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما المراد بدبر الصلاة في الأحاديث التي ورد فيها الحث على الدعاء أو الذكر دبر كل صلاة ؟ هل هو آخر الصلاة أو بعد السلام؟ فأجاب دبر الصلاة يطلق على آخرها قبل السلام ويطلق على ما بعد السلام مباشرة وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بذلك وأكثرها يدل على أن المراد آخرها قبل السلام فيما يتعلق بالدعاء كحديث ابن مسعود رضي الله عنه لما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم التشهد ثم قال: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو) وفي لفظ: (ثم ليتخير بعد المسألة ما شاء). متفق على صحته. ومن ذلك: حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد صحيح. ومن ذلك: ما رواه البخاري رحمه الله عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول دبر كل صلاة : (اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من أن أُرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر) . أما الأذكار الواردة في ذلك فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ذلك في دبر الصلاة بعد السلام . ومن ذلك أن يقول حين يُسلم : أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً ثم ينصرف الإمام بعد ذلك إلى المأمومين ويعطيهم وجهه ويقول الإمام والمأموم والمنفرد بعد هذا الذكر والاستغفار : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله . لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن . لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد . ويستحب أن يقول المسلم والمسلمة هذا الذكر بعد كل صلاة من الصلوات الخمس ثم يُسبح الله ويحمده ويكبره ثلاثاً وثلاثين ثم يقول تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . وهذا كله قد ثبتت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُستحب أن يقرأ بعد ذلك آية الكرسي مرة واحدة سراً ويقرأ : (قل هو الله أحد) والمعوذتين بعد كل صلاة سراً مرة واحدة إلا في المغرب والفجر فيُستحب له أن يكرر قراءة السور الثلاث المذكورة ثلاث مرات ويُستحب أيضاً للمسلم والمسلمة بعد صلاة المغرب والفجر أن يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات زيادة على ما تقدم قبل قراءة آية الكرسي وقبل قراءة السور الثلاث . عملا بالأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك انتهى . والله اعلم من موقع الاسلام سؤال وجواب للشيخ المنجد