هذا واجبنا نحو العلماء أبو ذر القصراوي الجزء الثاني والأخير أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بطاعة العلماء في المعروف وأوجب على من لا يعلم منهم أمور الدين أن يسألوهم قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء: 59] وقال تعالى: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 83] قال الإمام البغوي: (اختلفوا في أولي الأمر قال ابن عباس وجابر رضي الله عنهم: هم الفقهاء والعلماء الذين يعلمون الناس معالم دينهم وهو قول الحسن والضحاك ومجاهد ودليله قوله تعالى: ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم. وقال أبو هريرة: هم الأمراء والولاة) وقال الإمام ابن باز: وأولو الأمر هم: العلماء والأمراء أمراء المسلمين وعلماؤهم يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بطاعة الله وليس في معصية الله فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف وقال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النحل: 43] قال الإمام السعدي: (وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم وأنه بذلك يخرج الجاهل من التبعة فدل على أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم والاتصاف بصفات الكمال. وأفضل أهل الذكر أهل هذا القرآن العظيم فإنهم أهل الذكر على الحقيقة وأولى من غيرهم بهذا الاسم ولهذا قال تعالى: وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ أي: القرآن الذي فيه ذكر ما يحتاج إليه العباد من أمور دينهم ودنياهم الظاهرة والباطنة لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ وهذا شامل لتبيين ألفاظه وتبيين معانيه (وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) فيه فيستخرجون من كنوزه وعلومه بحسب استعدادهم وإقبالهم عليه). خاتمة إن علماء بهذه الصفات يحرم على المؤمن الطعن فيهم والسخرية منهم واغتيابهم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْم عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات:11] قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) [الحجرات: 12] قال الإمام ابن عساكر: (اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة فإن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب (فليحذر الذي يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [النور:63]).