الشيخ: قسول جلول بعض الأشخاص يريدون أن يؤسس لنا فكرة أن المجتمع المسلم مجتمع الأوساخ معاذ الله أن يكون كذلك لأن المجتمع المسلم هو مجتمع نظيف الروح نظيف النفس (النظافة من الإيمان) جملة يعرفها كل مسلم ولكن هناكخلافاً حول ما إن كان النبي (ص) قد قالها بالفعل أم لا. وفق العلماء فإنها لم ترد هكذا حرفياً ولكن النبي تحدث عن النظافة وربطها بالإيمان. ففي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري أن النبي قال (الطهور شطر الإيمان). الطهور هو الطهارة والطهارة في الإسلام تشمل الطهارة المعنوية من رجس الكفر والمعصية والرذيلة كما تشمل الطهارة الحسية أي النظافة وهي شرط لصحة الصلاة وهي طهارة الثوب والبدن والمكان. !! وباب الطهارة هو أول ما يدرس في الفقه الإسلامي لأنه مدخل ضروري للصلاة والصلاة مفتاح الجنة ومفتاح الصلاة الطهور. وأن النظافة من أهم القيم الإسلامية التي يدعو لتحقيقها الإسلام لأنها جزء لا يتجزأ من الإيمان فمن يؤمن بأركان الإسلام يؤمن بالنظافة والطهارة . الأمر الذي جعل النظافة تحظى باهتمام بالغ في الشريعة الإسلامية اهتمام لا يدانيه اهتمام من الشرائع الأخرى فلم يعد ينظر إليها على أنها مجرد سلوك مرغوب فيه أو متعارف عليه اجتماعياً يحظى صاحبه بالقبول الاجتماعي فقط بل جعلها الإسلام قضية إيمانية تتصل بالعقيدة يُثاب فاعلها ويأثم تاركها في بعض مظاهرها فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ: بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ (رواه البخاري ومسلم . ومن مظاهر اهتمام الإسلام بها جعلها سمة من سمات الرجال وهذه السِّمة جعلتهم ينالون شرف محبة الله تعالى لهم قال تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْم أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} التوبه:108 كما جعلها سبحانه وتعالى شرطاً لإقامة عمود الدين -الصلاة- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرضى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} المائدة:6 كما أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل هذا التكلف من قبيل الحرج والعناء على المؤمنين ولكن تشريفاً وتكريماً لهم قال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}المائدة:6 وهذه الطهارة التي يريدها الله من عباده- ليست مقصورة على الجوانب المادية فقط من طهارة البدن والثوب قال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:4] وغير ذلك من المظاهر المادية وإنما هي عامة تشمل المظاهر المعنوية أيضاً فالإنسان الذي لا يكذب يُوصَف بأنه نظيف اللسان والذي لا تمتد يده إلى حق غيره يُوصَف بأنه نظيف اليد. والمتأمِّل حال الطهارة والنظافة في القرآن الكريم يجد أن الله سبحانه وتعالى يُعاقِب على عدم الالتزام بها أشد وأبلغ عقاب وقد أهلك الله سبحانه وتعالى أُمَّة كاملة لنجاستهم وعدم طهارتهم وهم قوم لوط عليه السلام قال تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ . فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيل )) الحجر:73 وقد حرّم الله إتيان المرأة حال حيضها لأنه أذى وبعد انتهاء الحيض شريطة الطهارة قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ اَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة:222 . ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم النظافة نصف الإيمان حيث قال صلى الله عليه وسلم: الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن -أو: تملأ- ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حُجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها رواه مسلم فإن كانت بعض الأديان أولت النظافة جزء من اهتمامها فقد جعلها الإسلام نصف الإيمان كما جعلها شرط لبعض العبادات ويكفي هذا الحديث في الكلام عن اهتمام الإسلام بالنظافة. ومن خلال ما سبق يتبين لنا مدى تقدير الإسلام للنظافة لأنها من العوامل الأساسية في الحفاظ على الصحة والوقاية مما قد يضرُ البدن وحث الغسل وندب إليه في مناسبات عدة وخاصة مواطن الاجتماع والازدحام كالجمع والعيدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدُكم الجمعةَ فليغتسلْ رواه البخاري ومن مظاهر النظافة في الشريعة الإسلامية سنن الفطرة وهي عبارة عن بعض السلوكيات التي تعتني بنظافة الإنسان وهي معروفة عند القارئ الكريم كما دعا الإسلام إلى التطيب بالمسك وغيره من أنواع الطيب الذي يسرُّ النفس ويُبهجها ويبعث على النشاط والقوة ويسرُ المؤمنين ويؤلف بينهم ودعا إلى.نظافة المسكن: عن صالح ابن أبي حسان قال سمعتُ سعيد بن المسيب يقول: إن اللهَ طيّبٌ يحبّ الطيبَ نظيفٌ يُحِبُّ النظافةَ كريمٌ يحبُ الكرم جوادٌ يُحِبّ الجودَ فنظفُوا -أراه قال: أفنيتكُم- ولاتشبّهوا باليهودِ يجب أن نُعلِّم أبنائنا معنى النظافة وأنها ليست كلمة تقال وإنما هي سلوك يظهر ونُعلِّمهم أيضاً أنها من الدين ونُبيّن لهم مخاطر التهاون في النظافة وأن نكون نحن قدوتهم في ذلك