الصورة الأولى عن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال : يا محمد فقال : ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً ) رواه البخاري . الصورة الثانية : عن ابن عمر رضي الله عنهما ( أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة . فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان ) رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لهما ( وجدت امرأة مقتولة في بعض تلك المغازي . فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان ). الصورة الثالثة : عن أنس بن مالك رضي الله عنه : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له : أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري . الصور الرابعة : عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما ) رواه البخاري . ..... النهي عن الغَضَب في السنة النبوية - عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني قال : ((لا تغضب فردد مرارًا قال : لا تغضب)) [رواه البخارى] . قال الخطابي : (معنى قوله : ((لا تغضب)) اجتنب أسباب الغَضَب ولا تتعرَّض لما يجلبه) [فتح البارى لابن حجر] . وقال ابن التين : (جمع صلى الله عليه وسلم في قوله : ((لا تغضب)) خير الدنيا والآخرة لأنَّ الغَضَب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من الدين) [فتح البارى لابن حجر] . - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((ليس الشَّديد بالصُّرَعة إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغَضَب)) [رواه البخارى ومسلم] . قال ابن بطال : (أراد عليه السلام أن الذي يقوى على ملك نفسه عند الغضب ويردها عنه هو القوى الشديد والنهاية في الشدة لغلبته هواه المردي الذي زينه له الشيطان المغوي فدل هذا أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو لأن النبي عليه السلام جعل للذي يمكل نفسه عند الغضب من القوة والشدة ماليس للذي يغلب الناس ويصرعهم) [شرح صحيح البخارى لابن بطال] . أقوال السلف والعلماء في الغَضَب : - قال عمرُ بنُ عبد العزيز : (قد أفلحَ مَنْ عُصِمَ من الهوى والغَضَب والطمع) [شرح صحيح البخارى لابن بطال] . - وقال الحسن : (أربعٌ من كُنَّ فيه عصمه الله من الشيطان وحرَّمه على النار: مَنْ ملك نفسَه عندَ الرغبة والرهبة والشهوةِ والغَضَب) [شرح صحيح البخارى لابن بطال] . - (وحكي أن الفضيل بن عياض كان إذا قيل له : إنَّ فلانًا يقع في عرضك يقول : والله لأغيظنَّ مَن أمره يعني : إبليس ثم يقول : اللهم إن كان صادقًا فاغفر لي وإن كان كاذبًا فاغفر له . - وقال جعفر بنُ محمد : الغَضَبُ مفتاحُ كلِّ شرّ ) [جامع العلوم والحكم لابن رجب] . - وقال عبد الملك بن مروان : (إذا لم يغضب الرجل لم يحلم لأن الحليم لا يعرف إلا عند الغَضَب) [روضة العقلاء لابن حبان البستى] . - وقيل لابنِ المبارك : (اجْمَعْ لنا حُسنَ الخلق في كلمة قال : تركُ الغَضَب) جامع العلوم والحكم لابن رجب] . - وقال الحسن : (المؤْمن حَليم لا يَجهل وإن جُهل عليه وتلا قولَ الله عزَّ وجلَّ : وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان: 63]) [العقد الفريد لابن عبد ربه] .