في اليوم الثاني من زيارته إلى الناحية العسكرية الخامسة، أشرف الفريق أحمد ڤايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، على انطلاق مجريات تنفيذ التمرين البياني بالذخيرة الحية، المعنون "الثبات 2019". في البداية ورفقة اللواء عمار عثامنية قائد الناحية العسكرية الخامسة، وبحضور اللواء حسان علايمية قائد الناحية العسكرية الرابعة، استمع السيد الفريق إلى عرض قائد الفرقة الأولى مدرعة مدير التمرين، الذي قدم الفكرة العامة للتمرين وخطة ومراحل تنفيذه ميدانيا. وبميدان الرمي للناحية العسكرية الخامسة، تابع السيد الفريق عن كثب الأعمال القتالية التي قامت بها الوحدات المقحمة في هذا التمرين البياني بالذخيرة الحية، والذي شاركت فيه الوحدات العضوية والوحدات الفرعية التابعة للفرقة الأولى مدرعة، مدعمة بوحدات جوية من طائرات مقاتلة وحوامات إسناد ناري. يعتبر هذا التمرين التكتيكي، الذي ينفذ تبعا لسلسلة التمارين البيانية بالذخيرة الحية المنفذة مؤخرا على مستوى النواحي العسكرية الرابعة والثانية والأولى على التوالي، مناسبة لإظهار القدرات والكفاءات القتالية للإطارات والأفراد وكذلك التحكم في الوسائل الكبرى ومنظومات الأسلحة لمختلف أصناف القوات بغية الوقوف على مدى الجاهزية العملياتية والقتالية لوحدات هذه الفرقة وتدريب القادة والأركانات على تنسيق الجهود والتعاون بين مختلف الأسلحة والقوات، وهي الأعمال التي اتسمت بحق باحترافية عالية في جميع مراحل التمرين وبمستوى تكتيكي وعملياتي جد عالي يعكس جدية الجانب التخطيطي والتنظيمي والتحضيري. في نهاية التمرين، وفي لقاء تقييمي مع أفراد الوحدات المشاركة، ثمّن السيد الفريق الجهود الكبرى المبذولة طوال سنة التحضير القتالي، مهنئا جميع المشاركين على النجاح الذي حققوه ميدانيا من خلال تنفيذ هذا التمرين. بعدها وبالمدرسة العليا للقوات الخاصة ببسكرة ترأس السيد الفريق لقاء توجيهيا ألقى خلاله كلمة تابعها أفراد جميع وحدات الناحيتين العسكريتين الرابعة والخامسة عن طريق تقنية التخاطب المرئي عن بعد، أكد في بدايتها أن النهج التواصلي الذي يتبناه مع أفراد الجيش الوطني الشعبي عبر كافة النواحي العسكرية، ينبع من حرصه على إسداء التوجيهات والتوصيات الضرورية، المتعلقة بالتحضير القتالي للقوات، عبر إجراء تمارين بيانية بالذخيرة الحية، بغرض اختبار وتقييم مستوى الجاهزية ودرجة الاحترافية العالية، التي بلغتها قواتنا واستعدادها الدائم لتأمين حدودنا الوطنية المديدة وما حققته من نتائج حاسمة في ميدان مكافحة الإرهاب، مجددا التأكيد على حرص قيادة الجيش الوطني الشعبي على مرافقة جهاز العدالة في أداء مهامها النبيلة والحساسة، بعد أن تحررت من كل القيود والضغوطات، بعيدا عن الانتقائية والظرفية ودون استثناء أي ملف، وبعيدا عن أي ظلم أو تصفية حسابات: "وبخصوص محاسبة كل من تورط في نهب المال العام وتبديد خيرات البلاد، والتي تعد من أهم المطالب التي رفعها الشعب الجزائري بإلحاح، منذ انطلاق مسيراته السلمية، أودّ أن أشير إلى أن مصالح وزارة الدفاع الوطني تحوز على معلومات مؤكدة حول عدة ملفات فساد ثقيلة، اطلعت عليها شخصيا، تكشف عن نهب الأموال العامة بأرقام ومبالغ خيالية، وانطلاقا من حرصنا الشديد على حماية الاقتصاد الوطني، فقد تولت مصالح الأمن وضع هذه الملفات تحت تصرف العدالة، لدراستها والتحقيق بشأنها ومتابعة كل المتورطين فيها. وسيبقى الجيش الوطني الشعبي بالمرصاد، وفقا لمطالب الشعب الملحة ولما يخوله الدستور وقوانين الجمهورية، يتحمل مسؤوليته أمام التاريخ، حيث قدمت قيادة الجيش الوطني الشعبي الضمانات الكافية وتعهدت بمرافقة جهاز العدالة في أداء مهامها النبيلة والحساسة، بعد أن تحررت من كل القيود والضغوطات والإملاءات، بعيدا عن الانتقائية والظرفية ودون استثناء أي ملف، وبعيدا عن أي ظلم أو تصفية حسابات، كما نؤكد على ضرورة تفادي التأخر في معالجة هذه الملفات، بحجة إعادة النظر في الإجراءات القانونية التي تتطلب وقتا أطول، مما قد يتسبب في إفلات الفاسدين من العقاب. ولابد من الإشارة إلى أن هذه العملية لا زالت في بداياتها وسيتم، إن شاء الله، تطهير بلادنا نهائيا من الفساد والمفسدين، ونحن في الجيش الوطني الشعبي لم ولن نسكت عن الفساد، بل قدمنا المثال وكنا سباقين في محاربته من خلال إحالة إطارات عسكرية سامية على القضاء العسكري، متمثلين في القادة السابقين للنواحي العسكرية الأولى والثانية والرابعة والدرك الوطني والمدير السابق للمصالح المالية، الذين تأكد تورطهم في قضايا فساد بالأدلة الثابتة". السيد الفريق أكد على تمسك الجيش الوطني الشعبي بالمسار الدستوري، والذي يستوجب العمل على تهيئة الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن، باعتبارها الحل الأمثل للخروج من الأزمة: "إن التمسك الشديد لقيادة الجيش الوطني الشعبي بالدستور الذي زكاه الشعب من خلال ممثليه في البرلمان ينبع من كون أي تغيير أو تبديل لأحكامه ليست من صلاحية الجيش الوطني الشعبي، بل هي من الصلاحيات المخولة للرئيس المنتخب مستقبلا وفقا للإرادة الشعبية الحرة، هذا الموقف المبدئي يعد علامة فالقة ودائمة على مدى تصميم الجيش الوطني الشعبي على أن لا يحيد عن الدستور، مهما كانت الظروف والأحوال، ومن يقول عكس ذلك فهو مجحف في حق الجيش ومواقفه الثابتة، لاسيما أولئك الوصوليين الذين استفادوا من خيرات البلاد على أكثر من صعيد ويريدون اليوم تقديم الدروس للجيش الوطني الشعبي وقيادته، وإننا لا نقبل بل نرفض هذه السلوكيات الانتهازية جملة وتفصيلا لأنها لا تخدم الجزائر ولا تسهم فعليا في حلّ أزمتها، لذا يتعين على الجميع التحلي بالتعقل والتبصر وتجنب الدخول في متاهات، وصراعات هامشية لا طائل منها ولا تخدم المصلحة العليا للوطن والتي من شأنها إطالة عمر الأزمة، وإننا ننتظر من كل المواطنين الغيورين على مستقبل وطنهم، تضافر الجهود الصادقة لإيجاد أحسن السبل للوصول بالبلاد إلى بر الأمان. ومن هذا المنظور، واحتراما للدستور ومؤسسات الدولة، وجب علينا جميعا العمل على تهيئة الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن، باعتبارها الحل الأمثل للخروج من الأزمة والتصدي لكل التهديدات والمخاطر المحدقة ببلادنا وإفشال كافة المخططات المعادية الرامية إلى الوقوع في فخ الفراغ الدستوري والزج بالبلاد في متاهات الفوضى وزعزعة استقرارها، فهذه الآلية الدستورية هي التي تسمح بانتخاب رئيس جمهورية له الشرعية والصلاحيات لتحقيق المطالب الشعبية المشروعة المتبقية، وهي كذلك القاعدة الأساسية لانطلاق بلادنا من جديد في مسيرة التنمية والبناء. وفي هذا الصدد، فقد أكدت في لقاء سابق بأننا بصدد تفكيك الألغام التي يعرف الشعب الجزائري من زرعها في كامل مؤسسات الدولة وأن هذه الأزمة، التي كنا في غنى عنها، تم افتعالها بهدف زرع بذور عدم الاستقرار في الجزائر، من خلال خلق بيئة مناسبة للفراغ الدستوري، فهؤلاء الذين تسببوا عن قصد في نشوب هذه الأزمة هم أنفسهم من يحاول اليوم اختراق المسيرات ويلوحون بشعارات مشبوهة ومغرضة يحرضون من خلالها على عرقلة كافة المبادرات البناءة التي تكفل الخروج من الأزمة، وقد برهنوا بذلك بأنهم أعداء الشعب، الذي يدرك جيدا بالفطرة، رفقة جيشه، كيف يحبط هذه المؤامرات ويصل بالبلاد إلى بر الأمان".