آجال الترشح لها تنتهي اليوم هل تُجرى الرئاسيات في موعدها؟ س. إبراهيم تدور تساؤلات جادة وملحة بشأن إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسيات في موعدها الدستوري بالنظر إلى الدعوات المتصاعدة إلى تأجيلها ريثما تتوفر الشروط اللازمة وتنتهي آجال إيداع التصريح بالترشح لرئاسة الجمهورية لدى المجلس الدستوري تحسبا للانتخابات الرئاسية المفترض إجراؤها يوم 4 جويلية المقبل في منتصف ليلة يوم السبت المقبل وذلك طبقا للمادة 140 من القانون العضوي المتضمن القانون الانتخابي. وتنص هذه المادة على ان التصريح بالترشح يجب ان يودع في ظرف ال 45 يوما على الأكثر الموالية لنشر المرسوم الرئاسي المتضمن استدعاء الهيئة الانتخابية. وكان رئيس الدولة عبد القادر بن صالح قد وقع بتاريخ 9 أفريل 2019 هذا المرسوم الرئاسي المتضمن استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية ونشر غداة ذلك في الجريدة الرسمية. كما تنص المادة 141 من قانون الانتخابات على أن المجلس الدستوري يفصل في صحة الترشيحات لرئاسة الجمهورية بقرار في أجل أقصاه 10 أيام كاملة من تاريخ إيداع التصريح بالترشح. وحتى يوافق المجلس الدستوري على ملف المترشح يجب على هذا الأخير أن يقدم قائمة ب600 توقيع فردي من منتخبين بالمجالس الشعبية المحلية او البرلمانية موزعين على 25 ولاية على الاقل أي بقائمة تضم 60000 توقيع فردي على الاقل لمنتخبين يتم الحصول عليها عبر ما لا يقل عن 25 ولاية مع عدد ادنى للتوقيعات المطلوبة لكل ولاية والذي لا يمكن ان يقل عن 1500. اما الوثائق الأخرى المطلوبة للملف فهي شهادة الجنسية الجزائرية الأصلية للمعني وتصريح شرفي يؤكد أن ديانته الإسلام وتصريح علني حول ممتلكاته الثابتة والمنقولة داخل وخارج البلاد وشهادة المشاركة في ثورة اول نوفمبر 1954 للمرشحين المولودين قبل جويلية 1942 وشهادة عدم تورط والدي المرشح المولود بعد الفاتح جويلية 1942 في أعمال معادية للثورة. وتشير الحصيلة الأخيرة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية لعملية تسليم استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية للراغبين في الترشح للانتخاب لرئاسة الجمهورية إلى إيداع سبعة وسبعين (77) رسالة نية ترشح. ومن بين رسائل النية المودعة هناك ثلاثة (03) لرؤساء أحزاب سياسية وهي التحالف الوطني الجمهوري جبهة المستقبل والجبهة الجزائرية للتنمية والحرية والعدالة . احترام الدستور لتفادي أخطار اللاإستقرار وفي الوقت الذي تشرف فيه آجال إيداع تصريحات الترشيح على الانتهاء فإن الساحة السياسة تعرف انقساما بين الأحزاب المساندة للحل الدستوري للأزمة لاسيما تلك التي كانت ضمن التحالف الرئاسي (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحزب تجمع امل الجزائر والجبهة الشعبية الجزائرية) والتشكيلات والشخصيات المعارضة المطالبة بمرحلة انتقالية لا تسيرها وجوه من النظام . اما احزاب اخرى فتتبنى بالمقابل موقفا اقل صلابة فمع انها مع الحل الدستوري الا انها لمحت بانها لا تعارض تأجيل الانتخابات. من جهته دعا رئيس الدولة عبد القادر بن صالح يوم 05 ماي إلى الحوار الذكي والبناء ذي النية الصادقة من أجل توفير الشروط الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في الآجال المحددة . كما أعرب حزب جبهة التحرير الوطني (الذي يمثل الأغلبية في البرلمان) والذي انتخب مؤخرا محمد جميعي أمينا عاما جديدا للحزب عن ارتياحه ل ترجيح الحل الدستوري لتجاوز الأزمة الراهنة وتحقيق الغايات الطموحة والمشروعة التي ينشدها الشعب الجزائري. واعتبر الحزب أن الاقتراحات الظرفية والمبادرات الجوفاء خاصة تلك التي تهدف إلى الوصول إلى فراغ دستوري ليست كفيلة بتحقيق تطلعات الشعب مؤكدا أن الحلول الكفيلة بإيجاد مخارج آمنة للأزمة هي تلك المستنبطة من الدستور والتي تستند إلى اجتهادات من داخله وليس من خارجه . من جهته عبر التجمع الوطني الديمقراطي عن قناعته بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية بغية الخروج من المرحلة الحالية والدخول بعد ذلك في مرحلة إصلاحات جذرية جادة . وسجلت الحركة الشعبية الجزائرية من جهتها تمسكها بالحل السياسي في إطار الدستور والذي يسمح بتجنيب الوطن عواقب وخيمة من شأنها رهن مستقبله وذلك من خلال تنظيم انتخابات رئاسية عن طريق آليات مستقلة. كما دعا حزب تجمع أمل الجزائر إلى العمل في إطار الدستور مؤكدا هذه المقاربة تُعد الحل الأمثل والأسلم للخروج من الأزمة وكذلك العودة السريعة للمسار الانتخابي . من جهة أخرى حذرت جبهة المستقبل من عواقب المرحلة الانتقالية وما ينجر عنها من سلبيات في كل المجالات . وعبر التحالف الوطني الجمهوري عن التزامه بالحل الدستوري والانتخابي وعن مشاركته في هذه الانتخابات الرئاسية سواء أجريت في وقتها المحدد أو أجلت لعدة أسابيع أخرى . وأشادت هذه التشكيلات السياسية بالتزام قائد الأركان بمرافقة الحراك الشعبي إلى غاية تحقيق أهدافه وبتمسكه باحترام أحكام الدستور لتجنيب البلد المخاطر التي تزعزع استقراره. المعارضون: تنظيم الرئاسيات مستحيل سياسيا وتقنيا في صفوف المعارضة يُعتقد أن تنظيم الانتخابات الرئاسية أمر مستحيل سياسيا وتقنيا في السياق الحالي بحيث اقترح المدافعون عن هذه الفكرة وهم المؤيدون للحل السياسي عدة خرائط طريق لقيادة المرحلة الانتقالية. ومن هذا المنطلق اقترحت حركة مجتمع السلم (حمس) التي ترافع من أجل تأجيل الرئاسيات لمدة 6 أشهر تعيين رئيس يحظى بالتوافق الوطني لتسيير مرحلة انتقالية إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية . من جهته اعتبر حزب العمال أن الحل الأفضل للأزمة يكمن في انتخاب جمعية تأسيسية سيادية وتغيير النظام من خلال إعادة بناء سياسي ومؤسساتي وكذا إعداد دستور جديد. في حين دعت جبهة القوى الاشتراكية التي لطالما طالبت بانتخاب جمعية تأسيسية إلى حوار تتمثل وسائله في ندوة سيادية وعقد سياسي واتفاقية وطنية لمتابعة المرحلة الانتقالية ومراقبتها . أما التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية فقد رافع من أجل خارطة طريق من شأنها أن تعيد للشعب الجزائري حقه في تسيير انتقال فاصل من خلال ممثلين وآليات من اختياره . وبالنسبة لحزب طلائع الحريات فإنه و في السياق الحالي وفي غياب أدنى اتفاق حول التحضير للانتخابات وعملية تنظيمها ومراقبتها فإن إجراء الرئاسيات في الأجل المحدد هو أمر بعيد بل وبعيد جدا عن أن يكون الحل للأزمة. فهي بذلك تشكل مخاطرا حقيقية تزيد الطين بلة داعية إلى ضرورة عقد حوار وطني تراه ضرورة ملحة قصوى بهدف الوصول إلى خارطة تضمن للدولة ديمومة مؤسساتية انتقالية إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية المقبل .