بقلم: عبد اللطيف خضر* منذ العام 1956 استقرت في حي الشيخ جراح 28 عائلة فلسطينية مهجرة من أراضي العام 1948 إبان النكبة حيث وفرت الحكومة الأردنية الأرض وقامت الأونروا ببناء المنازل لصالح العائلات التي كانت تدفع إيجاراً رمزياً للحكومة الأردنية. وحيث كان الاتفاق ينص على أن يتم نقل ملكية الأرض إلى السكان خلال ثلاث سنوات جاءت نكسة عام 1967 للحيلولة دون إتمام الاتفاق ونقل الملكية للعائلات الفلسطينية. بدأت مؤسسات استيطانية صهيونية منذ العام 1972 حملتها للسيطرة على حي الشيخ جراح حيث تقدمت بدعاوى قضائية تزعم ملكية الأراضي المقام عليها المنازل لليهود منذ القرن التاسع عشر. ورغم الإثباتات المقدمة للمحاكم الإسرائيلية حول ملكية الأرض إلا أنها حكمت بملكية الأرض للمستوطنين واستند الحكم القضائي الذي رفض الاعتراف بالوثائق الفلسطينية إلى قانون الشؤون القانونية والإدارية في إسرائيل المُقر عام 1970 والذي يحكم باسترداد اليهود للأراضي التي يزعمون فقدانها قبل عام 1948. وفي حين اعتمدت المحاكم الإسرائيلية وثائق الجمعيات الاستيطانية المطعون في صحتها إلا أنها رفضت كافة الوثائق المقدمة من العائلات الفلسطينية والتي يعود بعضها إلى الحقبة العثمانية. وجعلت سلطات الاحتلال الإسرائيلية من محاكمها أداة لتهويد المدينة وفرض السيادة الإسرائيلية بحكم الأمر الواقع على نحو يخالف أحكام القانون الدولي الإنساني حيث تميزت المحاكمات بمحاباة واضحة وصريحة للمستوطنين على حساب الفلسطينيين أصحاب الحق الذين لم تكن لديهم فرص متكافئة لتقديم حججهم وإثباتاتهم التي تفند مزاعم المستوطنين. وفي عام 2012 بدأ المقدسيون (المهددون بالطرد من منازلهم) محاولات قضائية عبر رفع دعوى أمام المحكمة المركزية الإسرائيلية ضد الجمعيات الاستيطانية إلا أن المحكمة ردت الدعوى ليستأنف الفلسطينيون القرار أمام المحكمة العليا الإسرائيلية التي أيدت قرار المحكمة المركزية وبالنتيجة النهائية أقرت بملكية المستوطنين للأراضي حتى دون أن تنظر في الوثائق التي لدى الفلسطينيين! مؤخراً تم تسليم عدد من العائلات الفلسطينية إخطارات بإخلاء منازلهم لتسليمها للمستوطنين فقدم الفلسطينيون طعوناً على تلك الإخطارات لدى المحكمة العليا الإسرائيلية رغم القناعة بتآمر تلك المحاكم على الفلسطينيين حيث قدم الفلسطينيون وثائق جديدة أفرزتها الحكومة الأردنية تثبت وجود عقود إيجار من الحكومة الأردنية للعائلات الفلسطينية المهددة في حي الشيخ جراح. تأتي محاولات ترحيل سكان الشيخ جراح ضمن مخطط استيطاني يرمي لتفريغ الحي بالكامل وبناء عشرات الوحدات الاستيطانية مكانه نظراً لأهمية الحي في قلب المناطق الفلسطينية داخل القدس. ترتكب قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكات صارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وكذلك القرارات الدولية ومنها قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بتغيير معالم مدينة القدسالمحتلة لا سيّما القرارات: (252/68 267/68 271/69 298/71 465/80 2334/2016) والتي أكّدت على بطلان جميع الإجراءات التشريعية والإدارية والأعمال التي اتخذتها وتتخذها سلطات الاحتلال من أجل تغيير وضع القدس بالإضافة إلى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة (2253 و2254 لعام 1967 72/15 و10/19 لعام 2017). كثفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية من حملتها التي تهدف إلى تهويد مدينة القدسالمحتلة عبر رفع وتيرة عمليات هدم منازل الفلسطينيين فيما أسهمت القوانين العنصرية الإسرائيلية في منح القضاء الإسرائيلي دوراً كبيراً في تنفيذ تلك السياسات رغم مخالفتها الصارخة لأحكام القانون الدولي الإنساني. وبذلك ينبغي التأكيد على أن ما يحدث في حي الشيخ جراح من طرد ممنهج للسكان يمثل جريمة ضد الإنسانية بموجب ميثاق روما الأساسي (مادة 7/1/د) وجريمة حرب وفق ذات النظام (مادة 8/2/أ/7 و8/2/ب/8). *التوصيات والسبل القانونية المتاحة للفلسطينيين 1) الضغط على السلطة الفلسطينية والسلطات الأردنية من أجل عقد جلسة طارئة لجامعة الدول العربية للبحث في الاعتداءات الإسرائيلية في الشيخ جراح. 2) حث الجانبين الفلسطيني والأردني على تقديم شكاوى الى المحكمة الجنائية الدولية. 3) التواصل مع الكويت بصفتها عضو حالي في مجلس الأمن وبحث إمكانية عقد جلسة خاصة في المجلس لمناقشة الأوضاع في الشيخ جراح والحشد لإصدار بيان ختامي يدين الممارسات الإسرائيلية. 4) الدعوة لعقد جلسة طارئة لمجلس حقوق الإنسان بخصوص الاعتداءات الإسرائيلية في الشيخ جراح. 5) تكثيف حملات الدعم والمناصرة بالتعاون مع المؤسسات الحقوقية حول العالم المؤيدة للقضية الفلسطينية. 6) تقديم شكاوى لدى المحكمة الجنائية الدولية من قبل كافة المؤسسات الحقوقية الصديقة والمناصرة. 7) مخاطبة كافة الدول العربية والصديقة ومطالبتهم بالتحرك لوقف الاعتداءات على المدينة المقدسة. 8) توقيع عريضة باللغات الرئيسية على موقع آفاز لمطالبة الاحتلال بوقف الاعتداءات على القدس والحشد للتوقيع للعريضة عبر دعاية على منصات التواصل الاجتماعي في كل دول العالم. 9) الحصول على توكيلات من المتضررين وأصحاب المنازل موضوع نزع الملكية لتقديمها أمام الهيئات الدولية والوطنية السياسية والقانونية والقضائية.