العلاقات الجزائرية الصومالية "متينة وأخوية"    وزارة التضامن الوطني تحيي اليوم العالمي لحقوق الطفل    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    أيام إعلامية حول الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي والتصريح بالممتلكات وتقييم مخاطر الفساد    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى أين يتجه صدام سد النهضة بين مصر وإثيوبيا؟
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 07 - 2021


مراصد
إعداد: جمال بوزيان
الآن وقد هدأت عاصفة مجلس الأمن..
إلى أين يتجه صدام سد النهضة بين مصر وإثيوبيا؟
تمثل ندرة المياه مصدراً للتوترات الجيوسياسية حول العالم ويبدو أن الفشل في التوصل لحل دولي يفرضه مجلس الأمن يهدد باقتراب لحظة صدام تبدو حتمية بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وتناولت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية الموقف المتأزم مستخدمة وصف الصدام المصري الإثيوبي حول سد النهضة في تقرير لها استعرض تاريخ العلاقة بين القاهرة وأديس أبابا منذ قرون مضت وكيف تحول الموقف بصورة درامية في العقد الأخير.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن النزاع يتصاعد على نهر النيل أطول نهر في العالم مقترباً من ذروته. وعلى المحك يتفاقم الخطر على حياة وسبل عيش الملايين من الناس الذين يعتمدون على مياهه .
السبب الرئيسي للصراع بشأن سد النهضة
الموقف المصري الحالي من سد النهضة الإثيوبي مختلف بشكل عام عن المواقف السابقة بشأن نفس القضية بين البلدين فالقاهرة الآن لا تعترض على إنشاء أديس أبابا لسد النهضة من حيث المبدأ لكنها تريد اتفاقاً قانونياً ملزماً يضمن لها حصتها التاريخية من مياه النهر خصوصاً في مواسم الجفاف والجفاف الممتد.
وتتركز اعتراضات مصر حالياً على مساعي إثيوبيا لبدء تشغيل السد بطريقة أحادية. وتقول إثيوبيا إنه مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية تأمل في أن يؤدي إلى نهضة اجتماعية واقتصادية في البلاد غير أن وجه الاعتراض المصري أن إثيوبيا تفعل ذلك بلا اتفاق ملزم يحفظ حقوق القاهرة في مياه نهر النيل.
وفي هذا السياق وبعد أن بدأت إثيوبيا في الملء الثاني بالفعل باتت مصر تعتبر هذا المشروع تهديداً قد يُفضي إلى قطع جميع المصادر الرئيسية للمياه تقريباً عن سكان البلاد الذين يتزايد عددهم بسرعة لاسيما أن مصر كانت لها سيطرة كبيرة على الوصول إلى مياه نهر النيل منذ الأزل.
وبشكل أكثر عمومية أصبحت ندرة المياه تمثل مصدراً للقلق الجيوسياسي والاقتصادي والتجاري في جميع أنحاء العالم في وقت تتسارع فيه الزيادة السكانية مع الحاجة المتزايدة إلى أنشطة الزراعة والصناعة التي تعتمد على المياه اعتماداً أساسياً.
ومن هذه الزاوية يبرز الخلاف على نهر النيل بوصفه أحد بؤر التوتر الرئيسية في العالم حول حقوق المياه وقد اشتدت الخلافات في السنوات الأخيرة حول كمية المياه التي يُمكن لكل دولة على طول نهر النيل وروافده الاستفادة منها.
أخطرت الحكومة الإثيوبية نظيرتَها المصرية رسمياً في 5 جويلية بأنها بدأت المرحلة الثانية لملء الخزان العملاق الذي يقع خلف السد دون اتفاق ملزم حتى الآن مع مصر والسودان بشأن كمية المياه التي ستُخصَّص لكل دولة بمجرد ملء السد. وقال مسؤولون إثيوبيون إنهم يأملون أيضاً في إجراء تجارب لتوليد الطاقة الكهرومائية من السد هذا العام.
ماذا الآن وقد أعاد مجلس الأمن القضية للمربع صفر؟
من جانبها قالت وزارة الخارجية المصرية إن خطوة استئناف ملء الخزان بعد إتمام المرحلة الأولى العام الماضي بلا اتفاق ملزم هي خطوة تهدد الأمن والسلام في المنطقة.
وسعت مصر والسودان إلى حشد ضغوط على الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى للمعاونة في منع إثيوبيا من ملء السد قبل أن تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق ملزم قانوناً بشأن تشغيله. فيما أيَّد أعضاء مجلس الأمن الدولي يوم الخميس 8 جويلية جهودَ الاتحاد الإفريقي للتوسط في النزاع وهو ما يعني عملياً إعادة المفاوضات إلى المربع الأول.
ورغم تشديد الرئيس الأمريكي جو بايدن على اهتمام الولايات المتحدة بالتوصل إلى حل دبلوماسي يلبي الاحتياجات المشروعة للدول الثلاث فإن مناقشات مجلس الأمن أظهرت بوضوح أن الاتجاه العام للدول الكبرى هو عدم التدخل في النزاع رغم أن مصر والسودان وإثيوبيا تتفاوض منذ أكثر من عقد كامل دون الوصول لاتفاق.
وحالياً تستهلك مصر التي يزيد عدد سكانها على 100 مليون نسمة نحو 84 مليار متر مكعب من المياه وبحسب بيانات وزارة الري المصرية فإنها تحتاج إلى نحو 114 مليار متر مكعب كل عام يأتي منها نحو 55.5 مليار متر مكعب من نهر النيل وهو ما يعني أن أي نقصان في حصة مصر من مياه نهر النيل يمثل تهديداً وجودياً للبلاد بحسب وصف المسؤولين المصريين.
سد النهضة
فالدولة المصرية تعتمد على نهر النيل في أكثر من 90 بالمائة من احتياجاتها من المياه العذبة ولتلبية بقية احتياجاتها تعتمد مصر على إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وتحلية مياه البحر وكذلك توفير المياه العذبة عن طريق الاعتماد بدرجة أكبر على استيراد احتياجاتها الغذائية (ما يُعرف باستيراد الماء الافتراضي).
كيف وصلت الأمور لهذا الطريق المسدود؟
تعتبر إثيوبيا وهي دولة يبلغ عدد سكانها قرابة 115 مليون نسمة وكانت حتى وقت قريب أحد أسرع الاقتصادات نمواً في العالم السد حافزاً لتسريع عملية تحول البلاد من الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد الصناعي وتأمل أن يقطع مشروع سد النهضة بها شوطاً طويلاً في سد عجز الطاقة.
تتدفق المياه إلى نهر النيل من روافد 10 دول ووفقاً لمجموعة متنوعة من الاتفاقيات طويلة الأمد يجب إطلاق كمية معينة من المياه من كل دولة ما يضمن بدرجة أساسية تدفقاً ثابتاً لدولة المصب الأخيرة مصر.
وتتمتع مصر بحقوق تاريخية في استخدام مياه النيل فقد أعطت اتفاقية عام 1929 التي شملت المملكة المتحدة (الاحتلال البريطاني) التي حكمت معظم منطقة النيل في ذلك الوقت مصر الحقَ في نقض أي مشروعات لبناء سدود حتى في دول المنبع ما دامت تؤثر على كمية المياه التي ستصل إليها بصفتها دولة المصب.
ووفقاً لاتفاقية عام 1959 تتلقى مصر 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل سنوياً وتسحب السودان 18.5 مليار متر مكعب. ولا تمثل مياه نهر النيل مصدراً للمياه في إثيوبيا لتعدد مواردها المائية الأخرى لكن السد الجديد ستكون له سعة تخزين تصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه بينما تعاني مصر شحاً في إمدادات المياه وتتوقع الأمم المتحدة أنها ستواجه مشكلات أكثر وعورة حيال ندرة المياه بحلول عام 2025.
طالبت دول منطقة منابع النيل بمزيد من الحقوق لها في مياه النيل وفي التسعينيات احتشدت معاً لمعارضة ما تدعيه من سيطرة لمصر على حوض النيل وحق النقض الذي تحوزه ضد مشروعات بناء السدود المهددة لحصتها على طول النهر.
ولطالما كان الخلاف حول الوصول إلى نهر النيل مصدرَ قلق وتوترات في العلاقات بين مصر وإثيوبيا وهي علاقات تعود إلى عصور قديمة وتعد من بين أقدم العلاقات في القارة الإفريقية وقبل قرون هدد إمبراطور إثيوبي بقطع مياه النهر المتدفقة إلى مصر.
وفي عام 1979 سعت مصر إلى منع خطط إثيوبيا الناشئة لبناء سد على نهر النيل فيما عارضت إثيوبيا خطةً مصرية لتحويل مسار النهر لري شبه جزيرة سيناء وهي خطوة زعمت إثيوبيا أنها قد تخفض مستويات المياه في حوض النيل.
وازدادت العلاقات تدهوراً بعد محاولة لاغتيال الرئيس المصري الراحل حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 1995 عندما نصب مسلحون كميناً لموكبه خلال زيارة للاجتماع مع زعماء أفارقة.
وفي عام 2011 عندما كانت مصر في غمار احتجاجات الربيع العربي بدأت إثيوبيا مشروعها العملاق لبناء السد. وأبرمت إثيوبيا صفقةً مع شركة Webuild وهي شركة إيطالية لها باع في بناء السدود ومحطات توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا.
وفي عام 2015 وقّعت إثيوبيا ومصر والسودان إعلان مبادئ أعطى الأولى الحق في إكمال سد النهضة دون الإضرار بدولتي المصب وهو الاتفاق الذي تقول أديس أبابا الآن إنها ملتزمة ببنوده بينما تتهمها القاهرة والخرطوم بالعكس. وكان من المفترض أن تؤدي جولات المفاوضات اللاحقة إلى توقيع اتفاق كامل لكن لا تزال الخلافات قائمة بشأن تدابير التعامل مع فترات الجفاف وحل النزاعات وما إذا كان الاتفاق سيتمتع بالإلزامية القانونية.
هل لا يزال الحل الدبلوماسي قائماً؟
تريد مصر والسودان اتفاقاً ملزماً فيما تفضل إثيوبيا أن تحظى بمزيد من المرونة وقد وقف السودان إلى جانب كل طرف في نقاط مختلفة من المواجهة. وقالت الأمم المتحدة هذا الشهر إن أعمال بناء السد شارفت على الانتهاء وذكرت وسائل إعلام إثيوبية أن 80 بالمائة من أعمال بناء السد تمَّت.
وعندما بدأت إثيوبيا في ملء السد في جويلية 2020 سعت مصر إلى وساطة دولية. وحشدت مصر دعماً من جامعة الدول العربية للضغط على إثيوبيا لوقف الملء حتى التوصل إلى اتفاق ملزم وحصلت مصر على دعم كبير لكن ليس دعم السودان الذي كان يخشى صراعاً عربياً مع إثيوبيا. وفي جوان حاولت مصر دون جدوى إقناع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتدخل.
وقالت حفصة حلاوة وهي محللة معنية بشؤون القرن الإفريقي وزميلة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط للصحيفة الأمريكية إن المشكلة الرئيسية لمصر هي أنه حتى الآن لم يُوقع اتفاق ملزم ولم تُعقد دراسات تامة حول قدرة تأثير السد على تدفق النيل وتأثيره المادي على دول المصب.
تعثرت المحادثات منذ أن بدأت إثيوبيا في ملء السد دون اتفاق منذ العام الماضي. وأدى استئناف الملء واحتمال أن يبدأ السد في توليد الطاقة قريباً إلى تصعيد الضغوط المحيطة بالمحادثات.
في إثيوبيا أصبح السد الذي سيكون الأكبر في إفريقيا عند اكتماله محلّ فخر ويعمل نحو 8500 عامل ليلاً ونهاراً لإتمام بنائه. وتبشر الحكومة الإثيوبية بأهمية السد لما سيوفره لها من نفوذ سياسي بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية والاجتماعية.
وفي المقابل يقول مسؤولون سياسيون في مصر إن الحكومة لديها القدرة على إيقاف المشروع بالقوة إذا لزم الأمر. وكان السيسي استبعد في السابق إمكانية اللجوء إلى عمل عسكري ضد إثيوبيا قائلاً إنه يفض المفاوضات لكن مع انهيار المحادثات مع إثيوبيا هذا العام عاد السيسي ليقول إن كل الخيارات مفتوحة .
في الوقت نفسه اتجهت مصر إلى تحديث أنظمة الري في البلاد والتحول إلى الري بالتنقيط الأقل هدراً والأكثر كفاءة من أنظمة الري بالغمر القديمة. والري هو الخيار الوحيد للإنتاج الزراعي على نطاق واسع في مصر ويساعد خزان السد العالي في أسوان البلاد على التخفيف من آثار نقص المياه في فترات الجفاف. كما أطلقت مصر كذلك حملةَ توعية عامة تهدف إلى حثِّ السكان على الحفاظ على المياه.
وفي حين أن النيل هو مصدر المياه الأساسي لمصر فإن دول حوض النيل الأخرى وعلى رأسها إثيوبيا تتلقى المياه أيضاً من مصادر عديدة أخرى مثل الأمطار والمياه الجوفية والبحيرات والأنهار غير أن إثيوبيا شهدت عدة موجات جفاف مدمرة تلاها نقص في إمدادات الغذاء ومجاعات.
الخلاصة هنا أن إثيوبيا تعتبر إعادة مجلس الأمن قضية السد إلى الاتحاد الإفريقي يمثل نجاحاً لدبلوماسيتها بينما ترى مصر أن المفاوضات لا يمكن أن تستمر للأبد مع الإصرار على أن جميع الخيارات مطروحة للحفاظ على حقوقها المائية والسؤال الآن يتعلق بمدى اقتراب لحظة الصدام التي يبدو أنها باتت حتمية.
===
أخبار اليوم ترصد مقالات أهل القلم
رؤية باحث في التاريخ لمنظومة حُكم سياسي في مصر
ترصد أخبار اليوم كل حين مقالات الكُتاب في مجالات الفكر والفلسفة والدِّين والتاريخ والاستشراف والقانون والنشر والإعلام والصحافة والتربية والتعليم والأدب والترجمة والنقد والثقافة والفن وغيرها وتنشرها تكريما لهم وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها ثانية بأدواتهم ولاطلاع القراء الكرام على ما تجود به العقول من فكر متوازن ذي متعة ومنفعة.
لجزء الثاني والأخير
الشعب يريد استعادة النظام
بقلم: المهندس الباحث وائل بهجت شاهين
شكل حكومة المشايخ:
كان شكل حكومة العرب كان مختلفا عن كل الحكومات العالمية ذلك لان الحب الأبوي والاحترام البنوي هو الذي حدد شكلها وأضاف إلى أن هاتين الرابطتين هما اللتان تربطان بين المجتمع العربي ككل. وذلك لأن الأسرة تطيع من بينها هذا الشخص من أفرادها بسبب ما جذب لنفسه من أكبر قدر من الاهتمام بفضل عدة أمور هي: حكمته قدراته الشخصية ثروته كبره في السن الذي يكسبه لقب شيخ.
هذه المواصفات يمكن أن نأخذ بها حالياً وان استبدلنا في حالات معينة كبر السن بسعة الثقافة وعلو الدرجة العلمية التي تكسب صاحبها خبرات عديدة أو يُضاف لها ما تقتضيه الحاجة.
في نظام الحكم العربي القديم كانت القبائل كبيرة العدد وفي حالة قلة عددها أو ضعفها بشكل يصعب معه حماية نفسها بنفسها فإنها تنضم لقبيلة أخرى ويعطي أكبر الشيوخ نفوذا اسمه للقبيلة التي تكونت من هذا الاتحاد.
سلطة الشيوخ في نظام حكمهم:
في نظام الحكم هذا الذي لفت أنظار المستشرقين له فدرسوه واستفادت منه أمتهم في تطوير نظامهم السياسي وتنظر له الآن شعوبنا باحترام ولا يفضله زعمائنا كانت سلطة شيخ القبيلة محدودة فيما يخص (الأفراد) على خلاف سلطة (الزعيم) التي قادتنا إلى مؤخرة الأُمم.. في المقابل كان يملك شيخ القبيلة نفوذا كبيرا في الأمور المتصلة بالصالح العام مثل:
صلاحياته في إصدار قرارات السلم وقرارات الحرب لذا أسندت للرئيس في شكل النظام وزارات (الجيش الخارجية الداخلية).
أمور كان عليها شيخ القبيلة:
لا يتقاضى شيخ القبيلة راتبا عن وظيفته ويتكون دخله مثل باقي العربانمن: منتجات قطعانه الزراعة الوقتية نصيبه من الأسلاب ضريبة المكوس التي يدفعها المارون بأرض القبيلة.
سلطة شيخ القبيلة وطريقة عزله:
كانت سلطته تنظم طبقا للعادة وليست ثمة قوانين تحددها بشكل قاطع ولكن إذا ما دفعته نزواته وكثرة حاشيته وأصدقائه وخدمه على إساءة التصرف واستخدام سلطته وجعلته بمنأى عن تحقيق أهداف القبيلة فكان يُرى على الفور جمهرة من العائلات تنفصل عنه وترتضي لنفسها شيخا آخر.
هذا يجعل من الشعب في نظام حكم القبيلة هو الذي يمنح ويسلب السلطة من الشيوخ حال خروجهم عن النظام العام الذي حددوه لأنفسهم.
مميزات نظام الحكم عند العرب الأوائل:
هنا الخص في نقاط ما قاله دي بوا إيميه في حديثه الخاص بهذا الشأن وأعلق عليها. يقول انه كلما أطلنا التفكير في هذا النظام السياسي كلما تبينت لنا عدة أمور هي:
قلة وسائل القهر في حكومة المشايخ حيث لا توجد سجون في مخيماتهم يمكن أن يزج إليها بالبراءة الطليقة لتجاور الجريمة البشعة.
في حين أنه في نظام الزعيم السياسي كثر بناء المعتقلات والسجون.
لا توجد في نظام القبيلة السياسي سرايات أو قصور يستطيع الحاكم فيها أن يخفي أفعاله عن كل الانظار.
هذا أيضا على عكس نظام الزعيم الذي يسهل فيه التفوه على شعبه بأقوال لا تمُر على مصافي فلاتر الصدق والأمانة مثل: (أنتم فقراء مفييشمعندييش..).. ويعنفهم ويعطي لهم ظهره في لقاءاته بهم وفي المقابل وجدناه يزيد من رواتب ما تسمى الصفوة والمقربين وتُبنى قصورا لا يستفيد منها الشعب.
على الجانب الآخر نجد المستشارة الألمانية ميركل تقود أكبر اقتصاد في أوروبا منذ 16 سنة وتعيش إلى الآن في شقة بالإيجار!.
يمضي الشيخ العربي حياته في الهواء الطلق دون حرس ودون موكب ويشهد رجال القبيلة على كل أفعاله وأقواله وبناء على ذلك لا يستطيع أن يخفي شيئا عن رقابة الرأي العام. ولا أن يغطي على سوءة من سوءات سلطته تحت قناع الصالح العام. كما أن رعاياه ليسوا عديدين لحد يستطيع معه عن طريق لعبة اقتسام المصالح أن يضرب بعضهم ببعض.
إن هذا ما أخذه الغرب عنا بعد أن فقهوا قول من قال: (حكمتَ فعدلتَ فأمِنتَ فنمتَ يا عُمر !) لذا طبقوه في بلادهم وصدروا لنا النظام السياسي الجمهوري الذي أثبت فشله لما فيه من مركزية عاجزة جعلت رعايا الحاكم كثيرة جدا لحد لا يمكنه من أن يحيط بكل مشاكلهم علما. حاليا مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي تكاد تسمع تنهيدات المقربين في تعليقاتهم على فيديوهات أو صور لسياسي دولة ما يذهب لعمله بواسطة دراجته الهوائية أو يتمشى في بلدته ويلتقط الصور مع رعاياه. فيغلق بعضُهم هاتفه ويصاب بالإحباط بعد أن تخلل لأذنيه صوت شرطي الذي أمره ذات يوم بغلظة (وسع الطريق يالاعلشان الباشا يعدي).
فيقول المواطن المُحبط ليتنا مثلهم. ويغفل أنه من الأولى أن يقول: ليتنا كأجدادنا!.
الحياة الشخصية لشيخ القبيلة:
ذكرت المصادر التاريخية أن شيوخ القبيلة لا تختلف حياتهم الخاصة عن باقي القبيلة إلا في أمور بسيطة مثل:
يتناول شيخ القبيلة غذاء أوفر لحد ضئيل كما يرتدي ملابس أفضل وأسلحة أكثر انتقاء.
ولا أرى في ذلك حرج في حين أنه ينفق على حياته الشخصية من ماله الخاص وليس من أموال القبيلة.
مهما كان لشيخ القبيلة من خدم فقد لُوحِظَ عليه التواضع وخدمته لنفسه في بعض الأمور مثل تنظيف سلاحه وتقديم الطعام لخيله وتسريجها بنفسه.
في جمهوريات الانقلاب نجد من يطعم (الزعيم) ويسقيه وينظف له سيارته ويقودها له بمقابل تدفعه القبيلة. عفوا (الجمهورية) من ثروات شعبها التي يعيش معظمها تحت خط الفقر.
تعد لشيخ القبيلة زوجته وبناته الطعام كما أن هن من يغزلن ملابسه ويغسلنها وسط المخيم ويذهبن حاملات الجرار ليجلبن المياه من العين له أو ليجلبن لبن القطيع.
يعني في نظام شيخ القبيلة السياسي لا: (قصور خدم مواكب)..أما في نظام الزعيم تجد نفقات على ذلك. وفي المقابل لا: (حرية رأي صحة تعليم خدمات اجتماعية). وتقف أنت على قَدم واحد في أتوبيس نقل عام تتصبب عرقا يسيل على رأس الراكب الجالس تنتظرون معا موكب سيادته حتى يمر كي يلحق حديثه مع النخبة المُذاع على الهواء مباشرة.
ثم أمام الكاميرات في صلف وغلظة يحدثكم بفقركم والعوز على الرغم من شهادة النخبة لعالمنا بالثروة.
في نظام شيخ القبيلة الذي تحدث عنه الفرنسي دي بوا إيميه ختم كلامه عنه قائلا: (تلك كانت تقاليدهم القديمة التي لم يمل هوميروس [شاعر وكاتب أغريقي ولد في القرن 9 قبل الميلاد] تصويرها بإخلاص وتلك حتى اليوم هي حياتهم الأبوية التي لا يزال سفر التكوين يحتفظ لنا بلوحتها البسيطة والشيقة).
أما اليوم في ظل الانظمة الجمهورية والملكية التي أحدثت تغييرا جذريا في حياة العرب أصبح العالم يشير لنا بالفساد السياسي والتخلف الاجتماعي ولا نستطيع أن نعيب عليهم لكوننا تخلينا عن عادتنا وتقاليدنا التي شُرعت في الاديان السماوية وتركنا أنفسنا لأنظمة سياسية فُرضت علينا لم نقبلها شعوبا وساسة تم قتل وتعذيب وتشريد معارضيها.
فوالله لم يكذبكم من قالوا: (الشعب يريد إسقاط النظام).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.