خلال شهري أفريل-ماي 1847 حملة الجنرال كافينياك في الصحراء الجزائرية الدكتور / فليكس جاكو ترجمة: حليمة بابوش تلخيص: الدكتورة سميرة بيطام* -الحلقة السابعة- 25 أفريل : 4 درجات على الساعة الخامسة صباحا و10 درجات على الساعة الثامنة مساء. واحة تيوت هي الأوسع والأغنى والأكثر خصوبة والأروع من بين كل الواحات التي زرناها خلال رحلتنا وتقدر مساحتها ب 55 هكتار وهي على غرار عسلة محمية من كل الجهات بهضاب صغيرة أو بمرتفعات من التراب الأحمر أو الصلصال الأحمر يشبه شكلها مثلثا غير منتظم نتيجة قاعدته الى الجنوب غرست في جزء منها بساتين مجزئة الى العديد من المساحات الصغيرة المغلقة مثل غسلة تعبرها أزقة أنشأت لتسهيل المواصلات واعداد منافذ مستقلة داخل مجموعات البساتين الكثيفة. تعد بساتين تيوت من أجمل بساتين الواحات الغربية لأولاد سيدي الشيخ ويقدر عدد النخيل ب 5000 وحدة تشكل غابات صغيرة مكثفة أو مجموعات رائعة أو تشمخ منفردة ويبلغ طولها 25 متر أحيانا. كل بيوت تبوت مبنية من التربة فقط ويتم اختيار أدسمتها وأكثرها صلصالا وعجنها على شكل كتل مستطيلة تجفف أشعة الشمس وأثناء التشييد تستعمل تلك الكتل كلبنات يجمعها عجين مصنوع من التربة الممزوجة بالماء بنيت قاعدة بيوت بعض الأعيان من حجر مثلها مثل باب سيدي هامت بن جوسف والمسجد الشوارع عريضة وأقل تغطية وأكثر نورا من شوارع غسلة والمنازل أوسع وأكثر نورا وتملك أغلبها ساحة داخلية صغيرة تفتح عليها الغرف بباب أو بباب مرفوق بنوافذ ضيقة تلك الغرف مستطيلة مثل غرف منازل التل العربية ولكن بدل أن تكون أطرافها مشغولة بمصطبة تشكل مضجعا يحده قوس فهي على مستوى الأرض ويفصلها عن الغرفة جدار قصير ونظن أن القصوريين ينامون في هاته المآرب المظلمة للكلاب يستعمل الطابق الأرضي للسكن والقيام بالأشغال المنزلية والأكل والراحة ويخصص الطابق العلوي للمخازن ولمصانع حياكة قماش الخيم والملابس. 26 أفريل : هل يمكن وصف الجندي الفرنسي الذي ترك العنان لعواطفه بعد أن قلنا له اذهب وانهب وخرب واحرق ! هل يمكن وصف مدى الغضب الذي يمتلكه آنذاك ؟ هل يمكن القول ان اقوى التي تحركه هي الانتقام والنهب؟. لا أهمية للمجد والانتصارات في افريقيا اليوم باهتة لأن العدو الحقيقي هو العناصر الطبيعية والتعب والتقلبات الجوية فنحن نحاربهم بالصبر والاستسلام وبرودة القوة المعنوية نصمد أمامهم دون أن نهزمهم أبدا لا وجود للمجد في أي مكان لأن الحرمان والألم موجودان في كل مكان باختصار يمكننا القول بأن الجندي في افريقيا عبارة عن عامل بسيط يتكفل بأشغال شاقة ولا يخول له القيام بأعمال لامعة يشتهر بها اسمه عوض المجد فالطموح والرغبة في التقدم هما اللذان يحفزان أولئك الذين لديهم فكر مثقف وقلوب تحركها العاطفة ماذا تبقى اذا للجندي المسكين لكي يخرج من الركود والاستسلام الممل؟ ماهو الطعم أو الرغبة التي بإمكانها تحريك مشاعره؟ انهما النهب والتخريب من يمكنه أن يتجرأ بكل قسوة وظلم على محاسبته على ذلك؟ لقد شاءت الظروف وتسلسل الأحداث أن يكون الأمر كذلك كان وجود يحتاج الى هوى فهو يخضع للذي تفرضه عليه الظروف ولا يختاره .. يتبع