بجناية الانخراط في جماعة إرهابية مسلّحة تعمل على بثّ الرّعب وخلق جوّ اللاّ أمن واللاّ استقرار في أوساط السكان، القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصّد وحيازة ونقل متفجّرات وأسلحة وذخائر وجناية تسيير جماعة إرهابية، وجنحة التزوير واستعماله، مثل صبيحة أمس أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء تيزي وزو الدموي »م. مراد« المكنّى ب »عكرمة الأعور« المنحدر من منطقة دلّس ببومرداس، والذي التحق بصفوف الجماعة السلفية للدّعوة والقتال مطلع الأزمة الأمنية والعشرية السوداء التي عاشتها الجزائر، إلى جانب مجموعة من أقاربه ومتّهمين آخرين متابعين بجنايات الانخراط في جماعة إرهابية للمدعوّين »م.ع.ع«، »م.أ«، »ع. أ« و»ر.د« وتمويل وتشجيع الأعمال الإرهابية وإسناد عناصرها لكلّ من »ل.ر«، »ع.ر«، »م.ع«، »ط.م« و»م.أ«. تفاصيل القضية المفصول فيها تعود إلى تاريخ 17 ماي 2009 حين تمّ القضاء على 4 إرهابيين والقبض على إرهابي خامس أصيب بجروح خطيرة في كمين نصبته مصالح الأمن المشتركة على مستوى منطقة سيدي نعمان، أين تمكّنت العملية العسكرية النّاجحة من إجهاض تنقّل جماعي لما لا يقلّ عن 17 عنصرا إرهابيا بينهم أمراء من منطقة ميزرانة إلى جبال سيدي علي بوناب، وقضي خلالها على أميرين والقبض على ثالث، ويتعلّق الأمر ب »مسرور مراد« الذي أصيب بعيارات نارية. المتّهم صرّح أمام رجال الضبطية القضائية بأنه التحق بصفوف الجماعة السلفية للدّعوة والقتال سنة 1996 بعدما سبقه إليها قريبه المدعو »أعمر مسرور« المكنّى ب »أسامة«، وفي البداية كان في صفوف سرية الثوابت بدلّس التي كانت تحت امرأة قريبه »م. بوعلام« أين كان يتولّى مهمّة إيصال المؤونة. وفي سنة 1999، إنتقل إلى ميزرانة والتحق بالجماعات الإرهابية الناشطة بغابات ميزرانة وذلك تحت لواء كتيبة الأنصار التي كانت بإمرة المكنّى ب »أبي الهيثم« و خلفه »إلياس أبو شهاب«، وأصبح يشارك في العمليات الإرهابية أو كما تسمّى لديهم العمليات العسكرية التي كان بها برتبة جندي وكشف لمصالح الأمن عمّا أسماه بالعمليات العسكرية الكبرى منها، على غرار الكمين الذي نصب للجيش بتيقزيرت، قتل شرطيين في دلّس، قتل 8 من عناصر الشرطة في الطريق الرّابط بين تيقزيرت وتيزي وزو. وبعدما تولّى إمرة سرية ميزرانة قاد عملية نصب كمين لعناصر الجيش الذين تخصّصوا في وضع المتفجّرات لقوّات الأمن وعرقلة عمليات التمشيط بزرع القنابل والألغام، وكذا القنابل المتفجّرة عن بعد بإقليم غابات ميزرانة، وأضاف المتّهم خلال عملية الاستنطاق أنه بتاريخ الفاتح من شهر ماي 2009 اجتمعت 11 سرية منضوية تحت لواء كتيبة الأنصار، وبعد 10 أيّام اتّفقوا على ترشيحه أميرا جديدا لها بالمنطقة الوسطى بعدما سلّم الأمير الأسبق نفسه لمصالح الأمن، الأمر الذي أثبتته الوثائق المحجوزة، إلاّ أنه لم يستمرّ طويلا في منصبه الجديد، حيث ألقي القبض عليه بعد 6 أيّام فقط. وكان نفس المتّهم قد ذكر أسماء المتّهمين الآخرين الذين مثلوا معه أمام محكمة الجنيات يوم أمس بتهمة تموين الجماعات الإرهابية وتمويلها. الأمير وخلال جلسة المحاكمة أنكر جميع التّهم المنسوبة اليه شكلا ومضمونا وتراجع عن جميع التصريحات المدلى بها في محاضر الضبطية القضائية بحجّة أنه صرّح بها تحت طائلة التعذيب. ** "سأشنق نفسي" اتّسمت تصريحات المتّهم بالتناقض الواضح، حيث ذكر أمام هيئة المحكمة أنه لم يكن يوما في صفوف الإرهابيين ووجد نفسه بينهم صدفة، حيث فرّ إلى العاصمة، حسبه، خوفا من ملاحقات رجال الأمن له بعد انتشار خبر التحاق قريبه بصفوف الإرهاب، وبقي هناك من سنة 1997 إلى غاية 2004 أين أخبره أحد الأقارب بأنه مبحوث عنه، وعن طريقه اتّصل به ابن عمّه الإرهابي وطلب منه القدوم إلى أزفون من أجل استرجاع مبلغ من النقود يدين له به، ولمّا التقيا بالغابة انفجرت عليه قنبلة أصابته بالعمى في عينه وعدّة جروح خطيرة بجسمه انجرّ عنها شلل تامّ، ولم يستعد وعيه إلاّ وهو في إحدى الكازمات أين خضع للعلاج والمتابعة الطبّية والعلاج الطبيعي ذاكرا التكاليف التي صرفت عليه والآلات الطبّية الحديثة التي جلبت له خصّيصا لمدّة 5 سنوات، ولما شفي استشارته الجماعة التي كانت بإمرة قريبه في قراره بالبقاء أو العودة إلى الأهل بعدما تماثل للشفاء بعد 5 سنوات لم يقم خلالها بأيّ عملية إرهابية وقد سلّم نفسه لمصالح الأمن بأزفون ولم يلق القبض عليه كما ورد في قرار الإحالة، وهو من أعلم عناصر الجيش بوجود مستشفى سرّي بأزفون، وكذا تنقّل العناصر الإرهابية التي قضي على 4 منها في كمين سيدي نعمان، ما جعل رئيسة المحكمة تتساءل عن مكانته في الجماعة الإرهابية التي كانت قد خصّصت له مستشفى خاصّا لمدّة 5 سنوات إن لم يكن أميرها كما يدّعي، واستفسرته عن التفاصيل الدقيقة التي أدلى بها، ما جعله يقول إن قاضي التحقيق قام بتلفيقها، قبل أن يقسم على شنق نفسه في السجن فور التحاقه به بعد نهاية المحاكمة لأنه حسبه مصالح الأمن تقوم بالانتقام منه وتحمّله تهما لم يرتكبها، وأنه سئم من معاملتهم له. هذا، وقد سبق لنفس المتّهم وأن طعن في قرار الإحالة الذي صدر عن غرفة الاتّهام في قضية أخرى، وهي أولى القضايا المبرمجة ضده بمجلس قضاء تيزي وزو بعد القبض عليه، وذلك بسبب أنه لم يلتحق يوما بالجماعة الإرهابية ولم يلق القبض عليه في كمين كما ورد في قرار الإحالة وإنما عناصر المخابرات ألقت عليه القبض بباب الوادي بالعاصمة وهو يبيع الملابس، وهي التصريحات التي تناقضت تماما وتلك المدلى بها صبيحة أمس. ممثّل الحقّ العام وخلال مرافعته المطوّلة التمس إنزال عقوبة الإعدام في حقّ الأمير الذي كان وراء العديد من العمليات الإرهابية المستهدفة لمختلف مقرّات رجال الأمن وكان أميرا لتنظيم إرهابي عمل على التقتيل والترهيب ونشر الرّعب وسط النّاس، في حين التمس عقوبة 10 سنوات للمتّهمين الباقين الذين زوّدوا الإرهابيين بالمؤونة والأسمدة الزراعية لاستعمالها لأغراض إرهابية. وبعد المداولة القانونية، قضت المحكمة بحكم الإعدام في حقّ الإرهابي »م. مراد« وب 3 سنوات حبسا نافذا في حقّ البقّية.