من المقرر أن تسلم الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته المنصبة في جانفي الماضي تقريرها النهائي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مطلع السنة المقبلة، علما أن هذا التقرير يتضمن "تقييم لمواقع الخلل في مختلف القطاعات التي أدت إلى استفحال ظاهرة الفساد واستعراض مختلف الإجراءات المتخذة في هذا الموضوع"· وذكر أحمد غاي العضو بالهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته لدى نزوله في حديث للقناة الأولى للإذاعة الوطنية أن الهيئة التي شرعت في عملها منذ سنة تقريبا "ستعتمد على حوصلة هذا التقرير لوضع برنامج عمل خاص بها يعتمد على أساليب علمية ومنهجية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة"· وذكر ذات المتحدث إلى أن الجزائر حددت حوالي 20 جريمة تندرج في إطار جرائم الفساد على غرار الرشوة واستغلال الوظيفة واختلاس الممتلكات العامة والمتاجرة بالنفوذ والإثراء غير المشروع· وفي ذات السياق أكد أحمد غاي أن الدولة الجزائرية "تحذوها ارادة سياسية جدية لمكافحة ظاهرة الفساد" والتي تتجلى في وضع منظومة تشريعية كاملة لمكافحة هذه الظاهرة على غرار استحداث الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته إلى جانب الديوان المركزي لقمع الفساد الذي سيتم تنصيبه خلال الأيام المقبلة· وأوضح المتحدث أنه من المنتظر أن يتكفل الديوان المركزي لقمع الفساد الواقع تحت وصاية وزارة المالية والمكون من ضباط الشرطة القضائية وخبراء مختصين بالتحقيق والتحري في القضايا الكبرى للفساد على المستوى الوطني· وعن تقييم منظمة الشفافية الدولية لمدى انتشار ظاهرة الفساد في الجزائر أكد غاي أن إحصائيات هذه الهيئة الدولية "غير موضوعية وغير دقيقة" على اعتبار أنها "لا تعتمد على مصادر معلومات موثوقة" مشيرا إلى أن الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ستعمل مستقبلا على تزويدها بالإحصائيات الدقيقة حتى تصدر تصنيفها النهائي بشكل يعكس الواقع المعاش حقيقة· ودعا غاي المواطنين لا سيما أفراد المجتمع المدني إلى المساهمة في مكافحة الفساد، بهدف وضع حد لاستفحال هذه الظاهرة التي تنخر اقتصاد البلاد· وكان رئيس الجمهورية قد شدّد الخناق أكثر على الفساد والمفسدين، حين وقع يوم 8 ديسمبر مرسوما رئاسيا يتضمن تشكيل وتنظيم وكيفيات عمل الديوان المركزي لقمع الفساد حسب ما أعلن عنه بيان لرئاسة الجمهورية· وأوضح ذات المصدر أن هذا النص الذي تم توقيعه عشية إحياء الجزائر لليوم الدولي لمكافحة الفساد يشكل "لبنة جديدة" في إنشاء و تعزيز أدوات مكافحة مختلف أشكال المساس بالثروة الاقتصادية للأمة بما في ذلك الرشوة· وجاء في ذات النص أن هذا المسعى "قد تلقى دفعا بفضل التعليمة الرئاسية المؤرخة في 13 ديسمبر 2009 و التي تم بمقتضاها تكليف الحكومة بوضع مجموعة من الإجراءات في هذا المجال"· كما أشار المصدر ذاته إلى أن هذا المسار قد أفضى من قبل إلى تعزيز أحكام القانون حول النقد و القرض و القانون المتعلق بقمع مخالفة القوانين و التشريعات الخاصة بالصرف وحركة رؤوس الأموال نحو الخارج و القانون الخاص بمجلس المحاسبة و ذلك المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته· وتابع ذات البيان انه في إطار المراجعة التي تمت في 26 أوت 2010 للقانون المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته دخلت هيئة الوقاية من الفساد حيز التطبيق و التي أوكل لها التقييم الدوري لجهاز الوقاية الموجود و المساهمة في تحسينه و العمل على تحسيس المواطنين بخصوص مكافحة الفساد· أما الديوان المركزي لقمع الفساد فقد كلف بإجراء تحريات و تحقيقات في مجال الجرائم المتعلقة بالفساد تحت إشراف النيابة العامة· وسيتم تزويده -حسب ذات المصدر- بضباط الشرطة القضائية و يشمل نطاق صلاحياتهم جميع التراب الوطني في مجال الجرائم المرتبطة باختصاصهم مضيفا أن هذه الجرائم تتعلق بصلاحيات الجهات القضائية "ذات الاختصاص الموسع" طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية· كما تمت الإشارة إلى أن هذا الديوان "سيتكفل أيضا بتعزيز التنسيق بين مختلف مصالح الشرطة القضائية في مجال مكافحة الفساد" و هو ملحق إداريا بوزارة المالية كما هو الشأن بالنسبة لخلية معالجة المعلومة المالية و المفتشية العامة للمالية·