* شهداؤنا تركوا وصية بليغة قرن رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة بين تجسيد الإصلاحات التي أعلن عنها قبل نحو سنة من الآن ومواصلة الحرب على الإصلاحات، مشيرا إلى أن الإصلاح المنشود سيفقد فعاليته إذا لم يسر (جنبا إلى جنب) مع محاربة الفساد، وقال بالحرف الواحد: (ما لم ننتصر على هذا الصعيد فإن الإصلاح الذي نقوم به سيبقى مبتورا وبلا فاعلية). وشدّد الرئيس في رسالة وجّهها للجزائريين بمناسبة إحياء اليوم الوطني للشهيد المصادف ليوم 18 فيفري على ضرورة أن تبقى الإصلاحات التي تتطلّع إليها الجزائر مراعية للمصلحة الوطنية في المقام الأوّل وحامية للحرّيات الجماعية والفردية· وذكر الرئيس بوتفليقة أن الإصلاحات (بالتالي لن تكون اندفاعا غير محسوب، بل تهدف إلى الحسم في المسلّمات التي تكرّس الطريق الديمقراطي وتقوّي أداء سلطات المؤسسات الدستورية وتعيد بسط سلطان القانون وتحمي الحرّيات الجماعية والفردية وغير ذلك من الأهداف الرّفيعة التي حلم بها شهداؤنا)· (شهداؤنا الذين -يضيف رئيس الجمهورية- تركوا وصية بليغة هي أن الذات المستقلّة مهما كان حجمها لا يمكن أن تتعامل مع الآخر بلا ندية كاملة وهي تعرف نفسها منطلقة من نفسها وما يصدر عنها من عمل ينبع منها، وحين تتعامل مع الآخرين بهذه الرّوح فإنها تعبّر عن ذاتها وتتواصل معهم من خلال هذه الذات، وهي بالتالي قد تتبادل التأثير مع الغير لكنها أبدا لن تذوب في أحد منهم ولن تكون تابعة لأحد ولا إمّعة). وأبرز رئيس الدولة أن (الغاية من الإصلاح العميق الذي نتطلّع إليه يهدف إلى تمكين كلّ المواطنين من أن يستظلّوا بأفيائه في حدود الموازنة الواجبة التي أصبحت تفرض نفسها أكثر من اي وقت مضى بين الحقوق والواجبات)، كما أوضح أن الجزائر التي تمتلك رصيدا متميّزا من التجربة والخبرة تدرك مرامي الإصلاح وغاياته (التي تبتغيها بإرادتها الحرة وبما يخدم مصلحة الأمة في المقام الأوّل)· (نقرّ بالفعل ونؤمن -يضيف الرئيس بوتفليقة- بأن ثمّة قواسم مشتركة من المبادئ والقيم والمحدّدات التي نشترك فيها مع الشعوب الأخرى، لكنها الجزائر تدرك أيضا أنها تمتلك من الخصوصية والوسائل ما يجعلها قادرة على خوض غمار التجديد وتقوية مؤسساتها والزيادة في فاعليتها بناء على إرادتها الخاصّة وعلى الطاقة والمخزون الذي لديها)، وأشار إلى أن الإصلاح الذي تخوضه الجزائر (جادّ وشامل يعيد الرشادة إلى جميع المجالات وفي مقدّمتها تعبئة الكوامن الرّاكدة في بعض القطاعات وإجبارها على التجدّد والإبداع والتخلّص ممّا علق بها من الرتابة والجمود)· وشدّد الرئيس بوتفليقة على ضرورة أن يسير هذا الإصلاح (جنبا إلى جنب) مع محاربة الفساد، مضيفا في هذا السياق: (فما لم ننتصر على هذا الصعيد فإن الإصلاح الذي نقوم به سيبقى مبتورا وبلا فاعلية)· وقال الرئيس بوتفليقة إن الجزائر اليوم تغالب تحدّيات مرحلة (مفصلية) حقّق فيها الشعب الجزائري رصيدا هائلا من إنجازات مادية ومعنوية ومعنوية لا يجوز إنكارها، مضيفا أنه (حتى نتواءم مع حركة التغيّر نحو الأفضل نرمي في سبيل ذلك إلى إصلاحات نؤطّر بها لأرضية سليمة وقوية بإنجاز استحقاقات قادمة مصيرية تستجيب لتطلّعات الشباب، وهذا يؤكّد توجّهاتنا بالعودة إلى الدائمة أمام كلّ الاستحقاقات المصيرية إلى استفتاء الشعب واحترام إرادته بكلّ أمانة). من جهة أخرى، أكّد رئيس الجمهورية وجوب أن تكون الانتخابات التشريعية القادمة (حجر الزاوية) في استكمال البناء الديمقراطي الذي بادرت به الجزائر، مشيرا إلى أن (الانتخابات التشريعية القادمة يجب ألا تكون مجرّد حدث عارض بين المتنافسين وإنما حجر الزّاوية في استكمال البناء الديمقراطي الذي بادرنا به)· (فعلى ضوء تلك النتائج المنتظرة -يضيف الرئيس بوتفليقة- سيتقرّر الفصل في دستور البلاد ليغدو أكثر دقة في التعبير عن إرادة الأمة والمرجعية التي يحتكم إليها ويرسم كل المعالم السياسية والاجتماعية لمستقبل البلاد)، وشدّد على أن إنجاح هذا الاستحقاق (واجب ومسؤولية) كلّ جزائرية وجزائري النّاخب منهم والمنتخب، وأضاف أن ذلك هو (الوفاء لذاكرة الشهداء والإخلاص لرسالتهم التي ضحّوا في سبيلها بأرواحهم ليحيى أبناؤهم وأحفادهم وذووهم في ظلّ دولة الحق والقانون تحت سيادة إرادة الشعب يظلّلها العدل والحرّية والسلم يحذو أبناءها واجب العمل والكدح في سبيل نهضة تتكامل فيها الماديات والمعنويات، وبهذا يكون تمجيد مآثر الثورة له ما يترجمه في واقع الحياة)· وبرأي رئيس الجمهورية فإن إحياء اليوم الوطني للشهيد (دليل) على (إرادة التواصل والوفاء) بالرغم من صعوبة (المفاضلة) بين أيّام تاريخها الحافل بالأحداث والعبر. وأشار الرئيس إلى أن شهر فيفري شهد أحداثا هامّة في تاريخ الجزائر، حيث شهد كما قال تأسيس المنظّمة الخاصّة (التي هيّأت للكفاح المسلّح ضد الاستعمار ابتداء إلى تناول القضية الجزائرية من طرف الجمعية العامّة للأمم المتّحدة إلى مفاوضات إيفيان انتهاء، ثمّ ما وقع بين هذا وذاك من حوادث أليمة وقعت في ذات الشهر كتنفيذ الإعدام أمام المواطنين لمجموعة كبيرة من أبناء البلاد البررة وتنفيذ التجارب النّووية البشعة يوم 13 فيفري 1960 في حمودية بمنطقة رفان وإنشاء المناطق المحرّمة وإقامة الأسلاك الشائكة المكهربة وزراعة ملايين الألغام المضادّة للأفراد)·