صرح المؤرخ الجزائري والباحث في علم الاجتماع السيد حسان رماعون أن الماضي الاستعماري المأساوي لا يزال يلقي بظلاله على العلاقات الجزائرية الفرنسية مشيرا إلى أن أصحاب الحنين إلى الاستعمار في فرنسا يعملون على إعادة الاعتبار للمنظمة السرية المسلحة· وقال السيد رماعون في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية عشية الذكرى الخمسون لاتفاقيات إيفيان أن (الماضي المأساوي ل132 سنة من الاستعمار لا يزال يلقي بظلاله على العلاقات بين البلدين) منددا (بمحاولة أصحاب الحنين للاستعمار إعادة الاعتبار للمنظمة المسلحة السرية التي كان وراء قتل العديد من الجزائريين عشية تنظيم استفتاء تقرير المصير)· ويرى هذا الباحث من مركز البحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية أنه من الواضح أن اصحاب الحنين (يواصلون التأثير بفرنسا من خلال إقامة نصب تذكاري مخلد لهذه المنظمة الدموية بتوطؤ من السياسين الفرنسيين)· وأضاف نفس المتحدث أن هذا (الحنين إلى الجزائر الفرنسية موجود داخل الطبقة السياسية الفرنسية سواء تعلق الأمر باليمين المتطرف أو اليمين أو الوسط)، مذكرا بأن هناك فترة صمت طويلة حيث كان مسائل إدماج الأقدام السو داء والحركى تطرح ب(حدة) في فرنسا· كما ذكر السيد رماعون بأن محاولات إعادة الاعتبار للاستعمار بدأت بسن قانون فيفري 2005 خاصة أحكامه المتعلقة بتمجيد الاستعمار· وأضاف أن هذه المحاولات كانت لها ردود فعل من الجانب الجزائري من خلال مطالبة الدولة الفرنسية بالاعتراف بمساوئ الاستعمار· وبعد أن أكد رفضه لمصطلح (التوبة) الذي يستعمله بعض ممثلي الطبقة السياسية الجزائرية لما له من مدلول ديني فضل نفس المتحدث كلمة (الاعتراف) من قبل القوة الاستعمارية ل(الإبادة) خلال الحقبة الاستعمارية· وسبق للسيد رماعون وأن أشرف على العديد من فرق البحث من بينها مجموعة البحث في تاريخ الجزائر والمواطنة في الجزائر تحت عنوان (الجزائر ثقافة مجتمع وسياسة) كما ألف الباحث مع المؤرخ الفرنسي جيل مانسرون كتاب (من ضفة إلى أخرى: حرب الجزائر من الذاكرة إلى التاريخ)· من جهته، أكد السيد بلعيد عبد السلام، الوزير الأسبق ورئيس الحكومة سابقا، عضو عن جبهة التحرير الوطني ضمن الهيئة التنفيذية المؤقتة المكلف بالشؤون الإقتصادية أن إبرام اتفاقيات إيفيان في 19 مارس 1962 سمح للشعب الجزائري بوضع حد لمخطط تقسيم ترابه الوطني الذي كانت السلطات الإستعمارية تريد فرضه على جبهة التحرير الوطني· وذكر السيد عبد السلام في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية أن شارل ديغول هو من كان وراء تعزيز جهد حرب فرنسابالجزائر قصد (القضاء على الثورة الجزائرية عسكريا وفرض مخطط تقسيم التراب الجزائري) ولهذا ينبغي وضع اتفاقيات إيفيان في هذا السياق موضحا أنه بفضل هذه الاتفاقيات سمحت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية (للشعب الجزائري بالقضاء على مخطط تقسيم الجزائر وفرض الإستقلال الكامل ووحدة التراب الوطني)· وتشكل هذه الاتفاقيات حسب السيد عبد السلام (نوع حقيقي من الحلول الوسط الثورية التي انتزعها الشعب الجزائري بعد كفاح مستميت ضد الإستعمار)· وأضاف أن (جبهة التحرير الوطني كانت قد توصلت في هذا التاريخ إلى مرحلة تمت الإستجابة فيها إلى أهداف الثورة)، مذكرا بأن اندلاع حرب التحرير كان يرمي إلى (خلق جو من انعدام الأمن وجعل الجزائر غير قابلة للحكم من قبل فرنسا)·