أكثر من 800 مشارك في المهرجان الدولي للسياحة الصحراوية بتيميمون الشهر المقبل    الجزائر تطلق رسمياً مشروع تعميم المرجع الوطني للعنونة على مستوى العاصمة    الجزائر ومصر تؤكدان تعزيز التعاون الأمني ومجابهة الجريمة العابرة للحدود    ندعو إلى التعبئة من أجل "ربح معركة اقتصاد الماء"    مشروع القانون موجود حاليًا لدى مصالح الأمانة العامة للحكومة    اتفاق بين وزارة البريد ومطوّري لعبة "PUBG Mobile" لإنشاء بيئة ألعاب آمنة وخوادم محلية في الجزائر    بن جامع :"الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تزال مسرحا لسفك الدماء"ا    ملتزمون بدعم حقوق المرأة والقضاء على كل أشكال العنف ضدها    مجمع "نفطال" يوقع عقدا مع "بروميتيون" الإيطالي    الجزائر تضع رهن إشارة البلدان الإفريقية خبرة مؤسستها الوطنية    للتربية دور هام وأساسي..؟!    اعتمدته وزارة التربية الوطنية رسميا – الرقم الأخضر "1111″    أجواء بالولايات الشمالية للوطن باردة وصقيعية    خنشلة : توقيف شخصين و حجز 72 غرام كوكايين    النادي الرياضي" أنوار باتنة"يحصل على 4 ميداليات    افتتاح المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي    الفنانة القديرة باية بوزار"بيونة"في ذمة الله    اتهامات ب"التلاعب والتشويه"..جدل واسع في فرنسا حول استطلاع رأي عن المسلمين    إفريقيا تجدد مطالبتها بمقعد دائم في مجلس الأمن    حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 69.775 شهيدا : 45 شهيدا في غزة منذ وقف إطلاق النار    بوعمامة حاضر في منتدى داكار    افتتاح برنامج المسرح في رحاب الجامعة    زيد الخير: العربية ليست مجرّد أداة    تامنغست تحتضن صالون المنتجات الموجّهة للتصدير    بطاقة Student CAMPUCE للناجحين الجدد في البكالوريا    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    غوتيريس يتطلع إلى مفاوضات جدية بين طرفي النزاع    الأداء الرزين للدبلوماسية الجزائرية يشهد له الصديق والخصم    الفقيدة بيونة تركت تقديرا واسعا بصدقها وتلقائيتها في التمثيل    ناصري يؤكد رعاية الدولة الخاصة لفئة ذوي الهمم    صون الذاكرة الوطنية ومواكبة التطوّر الرقمي    بوعمامة يشارك في المنتدى الإفريقي للبث الإذاعي والتلفزي    الدرك الوطني يضاعف الجهود لمجابهة حوادث المرور    على مدار 16 يوما : حملة وطنية تحسيسية لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    وزيرة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية : نحو إنشاء مخابر جديدة لقمع الغش    تقدم ملحوظ في مشروعي ازدواجية الطريقين الوطنيين 27 و79    اختتام فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية    في مجال السلم والأمن الجزائر تدعو إلى إعادة ترتيب أولويات الشراكة الإفريقية-الأوروبية    العلامة الكاملة في كأس الكاف و صِفر في دوري الأبطال    سكري الأطفال محور ندوة علمية تحسيسية    الوزير الأول يترأس اجتماعا للحكومة    سعداوي ينصب اللجنة المكلفة بالوقاية من تعاطي المخدرات    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال ابتداء من الأحد المقبل    رونالدو يكرّر هدفه    دينامو زغرب يطمئن بخصوص إصابة بن ناصر    انطلاق المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بباتنة    ماندي يؤكد مع ليل ويدعم موقف فلاديمير بيتكوفيتش    لست قلقا على مكانتي مع "الخضر" وسأنتظر فرصتي    المؤسسات الاستشفائية تحت مجهر وزارة الصحة    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال عبر ثلاث دورات    هذه أسلحة بوقرة في كأس العرب    هذه أضعف صور الإيمان..    فتاوى : زكاة الذهب الذي ادخرته الأم لزينة ابنتها؟    المؤمن لا يعيش بين لو وليت    {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} …ميثاق الفطرة    قرعة الحج تصنع أفراح آلاف العائلات    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصيام يكسب الناس الطاعة والانضباط الذاتي
نشر في أخبار اليوم يوم 10 - 08 - 2012

العبادة اسم جامع لما يحبه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فهي تعني الحياة كلها من قيام بحق الله تعالى من صلاة وصوم وزكاة وحج وذكر ودعاء ومن قيام بحق المخلوق من بر للوالدين ومعاشرة بالمعروف مع الزوج أو الزوجة وتربية للأبناء وصلة الرحم وتعامل بالبيع وشراء وفق الشرع وما سوى ذلك من الأعمال والأقوال.
فمن أتى بالعبادة وفق ما أمر الله تعالى ورسوله مصححا بذلك نيته فقد هدي إلى الصراط المستقيم ونال بذلك درجة المتقين وسلك طريق الصالحين.
ومع الفضل العظيم والمقام الرفيع في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم للقائم بالعبادة نجد المؤمن الذي قام بحقها قد حقق أمرين: الأول: الأجر والثواب الأخروي.
الثاني: السعادة والهناء ورغد العيش والحياة الطيبة في الدنيا وقد تكلم العلماء في هذا الأمر وبينوا بيانا شافيا أن المحقق لمعنى العبادة تفتح له أبواب الرزق وأسباب الغنى
قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: تلا رسول الله {من كان يريد حرث الآخرة} الآية قال: يقول الله: ابن آدم! تفرغ لعبادتي، املأ صدرك غنى، وأسدّ فقرك، وإلا تفعل، ملأت صدرك شغلا ولم أسدّ فقرك) والحديث صحيح.
وأخرج ابن ماجة وأبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جعل الهموم هماً واحداً: هم المعاد -أي: هم الآخرة- كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله به في أي أوديتها هلك). وفي رواية الترمذي بسند صحيح من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت الآخرة همه: جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه: جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدّر له).
وهنا ربما يرد للبعض إشكال في أن البعض قد بلغ من الإيمان مبلغا عظيما وأتى من العبادة الشيء الكثير ولكن حاله هو للفقر أقرب وللحاجة ألصق فنقول إن المؤمن حينما ينقاد لأمر الله هو متمثل للأمر متبع للشرع يرجو بذلك رضى الله فما أصابه من خير حمد وشكر وما أصابه من ضر صبر ورضي وهنا يكمن الغنى إذ الغنى غنى القلب وما أجمل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ).
الانضباط الخلقي
منذ أن فرض الله الصيام والمسلمون يصومون هذا الشهر ويتقربون إلى الله فيه، فما أجلها من سلسلة تمتد بهذا الطول في الزمن الغابر وستمتد في المستقبل بحول الله، يشعر المؤمن فيها أنه أصيل في هذه العبادة، وأنه من بين مقاصدها تربية الإرادة وتنميتها، هذه الإرادة الحازمة الحية اليقظة، يشتد ضغط الشهوات، فتقوم الإرادة في قوة لا تعرف لينا، وفي صلابة لا يداخلها استرخاء، وتفرض على النفس ضبطاً صارماً، فتتكون بالصوم الإرادة القوية النافذة إلى وجهتها التي تتحدى الصعبات والعقبات.
والفائدة الكبرى للإنسان من صيام هذا الشهر الفضيل هو تعويده الطاعة والانضباط، وهما أول دعامة لرقي الأمم، ويتجلى الانضباط في مستويين:الأول: على مستوى الفرد، وله أشكال عديدة، منها:
- الانضباط في القول: فالصائم يفرض عليه صيامه ألا تصدر منه كلمة نابية ولا فُحش من القول، ومن شأن الاتصال بين الناس أثناء رمضان والتعامل بينهم أن ينشأ عنه تنازع، وهنا يظهر الصوم مانعاً حافظاً للإنسان من الانسياق مع هواه، فإن لقي في رحبة التعامل من يدفعه بالقوة، ويبغي النيل من عرضه فليقل له في اعتداد بعبادته وفي ثقة بربه مع خضوع له، إني صائم إني صائم، أي لا يليق بي وأنا في عبادة ربي أن أنتهك حرماته، وأتطاول على خلقه، كما لا ينبغي لك أن تتهجم علي، فارجع إلى رشدك وفكر سليم التفكير، وهذا معنى الحديث: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ)، فإن رائحة فم الصائم طيبة زكية لتنبعث مكرمة عند الله، أفضل من المسك الخالص، تفوح بطيب الكلام وعذبه، وحسن الرد والسؤال وطهر العبارات والكلمات ونقاوة الخطاب، والإكثار من الذكر والتسبيح وقراءة القرآن، وسيجد الصائمون هذه النكهة الطيبة عندما يقومون من قبورهم، كما ورد في بعض الآثار. يقومون وقد غفر الله لهم (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).
والصائم في جلساته وندواته يراقب لسانه ويحاسب نفسه على كل ما يصدر عنه من نميمة وغيبة، ومن صور عدم انضباط الصائم في لسانه أثناء الصيام ما جاء في كتب الحديث: أَنَّ امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى فَجَعَلَتَا تَأْكُلانِ لُحُومَ النَّاسِ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَاهُنَا امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا وَقَدْ كَادَتَا أَنْ تَمُوتَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: ائْتُونِي بِهِمَا فَجَاءَتَا، فَدَعَا بِطَسْتٍ أَوْ قَدَحٍ قَالَ لإِحْدَاهُمَا: قَيئِي فَقَاءَتْ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ وَصَدِيدٍ حَتَّى مَلأَتْ نِصْفَ الْقَدَحِ، وَقَالَ لِلأُخْرَى: قَيئِي فَقَاءَتْ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ وَصَدِيدٍ حَتَّى مَلأَتِ الْقَدَحَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَلَى مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا، جَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى فَجَعَلَتَا تَأْكُلانِ لُحُومَ النَّاسِ.
الانضباط في السلوك
الصائم وهو يتعامل مع الآخرين عليه أن يتحلى بالصبر والحلم، وأن يتزين بالأخلاق العالية التي تجعل منه مؤمناً تقياً حقاً، فلا يلجأ إلى زور أو غش أو تحايل أو تلاعب بالأسعار، إن هذه الأمور ممحقة للثواب، منافية للخلال الحميدة الذي يأملها الإسلام في الصائم، لذلك حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك كله بقوله: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ). وأول ما يجب أن يغرس في نفوس الناشئة حتى يتعودوا عليها الطاعة والانضباط، لأنه إذا ما سار المجتمع على أساس الطاعة والانضباط فتأكد أن ذلك المجتمع سيكون من أقوى الأمم وأكثرها مناعة، وأن ما نشاهده جميعاً من النظام في شهر رمضان لمما يدعو إلى العجب، المجتمع قاطبة يجلس في وقت واحد ليستمع أذان الإفطار لينطلق إلى حمد الله على ما وفق إليه من طاعة، ثم يتناول الإفطار، ويستفيق في آن واحد ليودع الليل ويستقبل النهار التالي بالسحور وصلاة الصبح، والمجتمع بتمامه وكماله يشاهد الفرحة والبشر والسعة في بيوته، فما أكرمك يا شهر رمضان، تجمع الشتات، وتؤصل فينا قيماً أسرية بدأنا نفقدها، وما أحوجنا إلى أن نحيي من جديد التراث الأسري المجيد، القيم التي عاشها الأجداد والآباء وأسسوا بفضلها نسيجاً اجتماعياً متيناً، كان دافعاً إلى الوحدة والتآلف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.