وصف قيادي في حركة النّهضة الإسلامية تحرّكات المعارضة التونسية ومنظّمات من المجتمع المدني ب (الشيطنة) والمغالطة بشأن تراجع السلطة عن حقوق المرأة. أحيا المجتمع المدني وأحزاب معارضة يسارية ليل الثلاثاء الاحتفالات الخاصّة بعيد المرأة التي تتوافق أيضا مع الذّكرى الخامسة والخمسين لصدور (مجلّة الأحوال الشخصية) أو قانون الأسرة. واتّهم المتظاهرون في مسيرات كبرى وسط العاصمة وأخرى بمحافظتي صفاقس والمنستير حكومة تونس وبشكل خاص حركة النّهضة الإسلامية بالتراجع عن مكتسبات المرأة التونسية التي حقّقتها طيلة العقود الماضية والتحضير لمشروع مجتمعي (رجعي)، على حد وصفهم. وردّد المتظاهرون خاصّة شعارات مثل (لا خوف لا رعب السلطة ملك الشعب). وقال عبد الحميد الجلاصي العضو في حركة النّهضة الاسلامية، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن (المسألة مصطنعة والمعارضة تقوم بممارسات شيطانية لتشويه صورة الحزب وإبرازه كطرف ينتهك حقوق المرأة)، وأضاف: (تريد هذه الأطراف احتكار مواضيع الحرّيات والحقوق والمرأة وتسعى لاختلاق مشاكل وتنسب إلى حركة النّهضة أفكارا ومواقف غير صحيحة ولا وجود لها أصلا). وأوضح العضو البارز في حركة النّهضة أن حزبه يعطي للمرأة التونسية حقّها بدليل أنها متواجدة في مجلس الشورى وهو أعلى هيكل تنظيمي بالحزب، كما أنها تمثّل نصف الكتلة النيابية في المجلس التأسيسي عملاً بمبدأ المناصفة. وقال الجلاصي: (صدر كتابٌ يعتبر مرجعيا عن المرأة لراشد الغنوشي منذ 1981 يتعلّق بالإسلام وواقع المرأة ويتضمّن مقاربة تعتبر من بين الأكثر اعتدالا بين المرجعيات الإسلامية)، وتابع: (كما أنّي أذكر حوارا أجراه رئيس الحركة في عام 1988 مع صحيفة الصباح أكّد من خلاله أن مجلّة الأحوال الشخصية تدخل في باب الاجتهاد الإسلامي، وبالتالي لا توجد أيّ نيّة للتراجع عنها كما يروّج البعض). وثار جدلٌ على امتداد الأيّام الماضية حول مضمون الفصل ال 28 المرتبط بالحقوق والحرّيات الذي يتمّ مناقشته داخل لجنة الحقوق والحرّيات بالمجلس الوطني التأسيسي. ويعرِّف الفصل حسب مشروع الدستور المقترح من حركة النّهضة المرأة بأنها عنصر مكمِّل للرجل داخل الأسرة عوضا عن التنصيص على مبدأ المساواة بين الجنسين وتعريف المرأة كذات مستقلة. وأشعل التعريفُ موجة انتقادات من هيئات حقوقية مثل الرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي دعت إلى تبنّي فصل جديد يضمن بشكل صريح المساواة التامّة بين الجنسين في كلّ الحقوق والحريات، وطالبت بدسترة كافّة حقوق المرأة وفقا للمعايير الدولية ورفع التحفّظات عن الاتفاقيات المصادق عليها. وقال عبد الحميد الجلاصي: (يجب النّظر إلى الدستور كوحدة كلّية وهو ينص بالفعل في جوهره على مبدأ المساواة بين الجنسين). على الرغم من التطمينات التي أطلقها رئيس حركة النّهضة الإسلامية راشد الغنوشي من أن لا نيَّة للحزب في ضرب مكتسبات المرأة أو التخلّي عن (مجلّة الأحوال الشخصية)، أي قانون الأسرة التونسي الحالي، إلاّ أن منظّمات نسائية لا زالت تنظر بريبة إلى المشروع السياسي والمجتمعي للحركة. كما أن شكوكا تساور العلمانيين واليساريين بشأن مهادنة الحزب للجماعات السلفية المتشدّدة في تونس ورغبته المبيَّتة حسب رأيهم في فرض نمط عيش جديد على المجتمع التونسي بأسلوب متدرِّج. وقالت الناشطة المستقلّة والعضو السابق في حزب التكتّل المشارك في السلطة زكية ضيفاوي ل (د. ب. أ): (تطمينات الغنوشي ليست صحيحة، هناك تراجع فعلي في حقوق المرأة والسلطة تغض الطرف عن التعدّيات المتكرّرة من قبل السلفيين على المرأة). وينفي الجلاصي تلك الاتّهامات ويقول: (إن حركة النّهضة حزب معتدل ويتمايز عن السلفية المتشدّدة في عدّة مجالات مثل الديمقراطية والنضال السلمي وحقوق المرأة والجماليات وغيرها)، وأضاف: (المرجعية الإسلامية واسعة جدّا ونحن مقاربتنا تختلف عن مقاربة الاتجاه السلفي المتشدّد).