افتتحت الاثنين بالصخيرات المغربية أشغالُ الورشة الدراسية الثالثة التي ينظمها المركز العالمي للتجديد والترشيد بلندن بتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمركز العالمي للوسطية بالكويت حول موضوع (تعميق الاجتهاد في تحقيق المناط). واستندت أشغال هذه الورشة التي نظمت على مدى يومين إلى ورقة علمية تأطيرية أعدها الرئيس التنفيذي للمركز العالمي للتجديد والترشيد ونائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، دققت المفاهيم الرئيسة لموضوع تحقيق المناط في علاقته بالواقع والمتوقع وصياغة مضامين الاجتهاد بتحقيق المناط ومجالاته. وتدارس هذا اللقاء الذي شارك فيه الدكتور أحمد توفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب ومعالي الدكتور حمزة أبو فارس وزير الشؤون الإسلامية في ليبيا، والدكتور عادل الفلاح، وكيل وزارة الأوقاف في الكويت. والدكتور عبد الرزاق قسّوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والشيخ خالد المذكور رئيس لجنة استكمال تطبيق الشريعة في الكويت والدكتور عبد الله علي سالم رئيس المجلس العلمي لجامعة نواكشوط بموريتانيا، وأكثر من 50 عالما وفقيها من جميع أنحاء العالم الإسلامي عروضاً ذات صلة بموضوع الورشة في أربع جلسات عالجت على التوالي تعميق الاجتهاد في تحقيق المناط وبيان حقيقة الواقع ومدى تأثيره في الأحكام الشرعية وتحقيق المناط وتعليق الأحكام القطعية وصياغة المفاهيم الفقهية. وأكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي السيد أحمد توفيق في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء العلمي أن اختيار المركز العالمي للتجديد والترشيد شراكة الوزارة المغربية في هذا المشروع يعدُّ بمثابة (تعبير عن التقدير الذي يكنه المركز للممارسة المغربية في تدبير الشأن الديني). وشدد السيد توفيق على أهمية موضوع هذه الورشة على اعتبار أن (الأمة بحاجة للنصيحة الواجبة لعامة المسلمين تصدر من جهات لها مصداقية وتكون متخلصة من الأنانيات)، مبرزا في الوقت ذاته أن ما انتهى إليه التاريخ الكوني على مستوى العلوم التقنية أو السياسية يعدُّ بمثابة فرصة سانحة للمسلمين (لبناء نموذج حياة مغر للآخر). من جانبه، نوَّه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى السيد محمد يسف بتنظيم هذه الورشة التي يحتضنها المغرب للمرة الثانية وبأريحية فضيلة العلامة عبد الله بن بية (الذي يعمل جاهدا على أن يفكر ويفكر معه المسلمون في البحث عن العلاج الصحيح لإعادة صياغة الأمة ونهضتها من جديد لتستأنف رحتلها الحضارية). وأضاف السيد يسف أنه (في المغرب نعمل على أن نبني نموذجاً في هذا المجال؛ نموذجا دينيا ومجتمعا دينيا يجمع بين الأصالة والتجديد)، مشددا في هذا الإطار على مسؤولية العلماء الذين هم (أطبَّاء الأمة) في إعادتها إلى الاتجاه الصحيح. بدوره شدد وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية عادل فلاح على أهمية موضوع هذه الورشة على اعتبار أن النظر في مناط الأحكام هو عين موضوع التجديد. وأكد المسؤول الكويتي في هذا السياق ضرورة تحديد معايير تحقيق المناط وتطوير ما تمَّ التوصلُ إليه في هذا المجال ليواكب الواقع الحديث، معربا عن أمله في أن تشكل هذه الورشة وكذا المؤتمر الذي ستحتضنه بلاده مستقبلا حول موضوع (فقه الواقع والتوقع) نقلة نوعية في تأصيل هذا الفقه. من جهته، أكد العلامة عبد الله بن بيه أن القائمين على هذه الورشة يتوخون من وراءها إطلاق نداء إلى كل المعاهد العلمية الإسلامية كالقرويين والأزهر والزيتونة لتشترك في هذا المشروع لمعالجة الخلل الذي تعانيه الأمة (التي تعيش في خصومة مع التاريخ والغير والذات). وبعدما أشار إلى بروز توجُّهٍ ظاهري جديد اكتفى ببعض الجزئيات وغابت عنه الكليات توجد في مقابله (مجموعة أخرى ضاق صدرُها ويئست من الدين)، أكد الشيخ بن بية أنه (لا سبيل لحل الأزمات إلا بسلوك منهج علمي عملي وسطي). يُشار إلى أن هذه الورشة تعدًّ الثانية من نوعها التي ينظمها المركز العالمي للتجديد والترشيد بالمغرب بعد الورشة الأولى التي نظمت في جويلية 2011 وتناولت موضوع (فقه الواقع والتوقع).