أحاديث كثيرة وردت في فضلهما النسمات المحمدية في فضل بر الوالدين "وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا".. الوالدان هم مثال التضحية والحب والاخلاص، ومهما خالفوا أبنائهم أو تعرضت رؤاهم مع رؤى العصر الحديث، يظلان هم جناح الأمان الذي يضم الأبناء دوما ويرعاهما دون انتظار المقابل، ولذلك أوصانا الله تعالي عليهم وشد النبي صلى الله عليه وسلم علي أيدينا للوفاء ببعض حقوقهم وجميلهم. وأما الأخبار المصطفوية والآثار المحمدية فهي أكثر من أن تحضر، في مثل هذا المختصر. ولكن لا بد من ذكر طرف صالح منها . ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال {سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال الصلاة في وقتها. قلت ثم أي؟ قال بر الوالدين. قلت ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله}. وفي صحيح مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه}. [ص: 374 ] وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال {جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه من الجهاد فقال أحي والداك؟ قال نعم، قال فيهما فجاهد}. وفي رواية لمسلم {أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله. قال فهل من والديك أحد حي؟ قال نعم بل كلاهما حي. قال فتبتغي الأجر من الله؟ قال نعم. قال فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما}. وأخرج ابن ماجه عن أبي أمامة رضي الله عنه {أن رجلا قال يا رسول الله ما حق الوالدين على ولدهما؟ قال هما جنتك ونارك}. وأخرج ابن ماجه أيضا والنسائي واللفظ له والحاكم وقال صحيح الإسناد عن معاوية بن جاهمة {أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أن أستشيرك، فقال هل لك من أم؟ قال نعم، قال فالزمها فإن الجنة عند رجلها}. وروى الطبراني أن {النبي صلى الله عليه وسلم قال لطلحة بن معاوية السلمي أمك حية؟ قال نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم الزم رجلها فثم الجنة} أشار الحافظ المنذري إلى ضعفه. وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجه عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رجلا أتاه فقال إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها. فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فضع ذلك الباب أو احفظه}. ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ "أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال إن أبي لم يزل بي حتى زوجني وإنه الآن يأمرني بطلاقها. قال ما أنا بالذي آمرك أن تعق والديك ولا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك، غير أنك إن شئت حدثتك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول {الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك إن شئت أو دع} قال فأحسب عطاء قال فطلقها. [ ص: 375] وأخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من سره أن يمد الله له في عمره، ويزاد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه}. وأخرج أبو يعلى والطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {من بر والديه طوبى له زاد الله في عمره}. وأخرج الترمذي وقال حسن غريب عن سليمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر}. وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومن أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك محقا كان أو مبطلا، فإن لم يفعل لم يرد علي الحوض}. وأخرجه الطبراني بإسناد حسن من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ {بروا آباءكم تبركم أبناؤكم. وعفوا تعف نساؤكم} ورواه الطبراني أيضا هو وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها. وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه. قيل من يا رسول الله؟ قال من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة} ومعنى رغم أنفه أي لصق بالرغم وهو التراب. وعند ابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا {خرج ثلاثة فيمن كان قبلهم يرتادون لأهليهم فأصابهم السماء فلجئوا إلى جبل فوقعت عليهم صخرة، فقال بعضهم لبعض عفا الأثر ووقع الحجر ولا يعلم بمكانكم إلا الله، فادعوا الله بأوثق أعمالكم} الحديث. وأخرج ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا {رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين} ورواه الترمذي ورجع وقفه. والطبراني من حديث أبي هريرة بلفظ {طاعة الله طاعة الوالد، ومعصية الله معصية الوالد}. والبزار من حديث عبد الله بن عمرو أو ابن عمر بلفظ {رضا الرب تبارك وتعالى في رضا الوالدين، وسخط الرب تبارك وتعالى في سخط الوالدين}. إلى غير ما ذكرنا من الأحاديث. * أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه. قيل من يا رسول الله؟ قال من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة} ومعنى رغم أنفه أي لصق بالرغم وهو التراب.