أصدر البيت الأبيض قبيل منتصف الليلة الماضية أمرا للوكالات الاتحادية الأميركية ببدء تنفيذ آلية وقف نشاطاتها بعدما فشل الكونغرس في إقرار ميزانية تحول دون تعطيل الحكومة والتوصل إلى حل بسبب التباعد الكبير بين مواقف الجمهوريين والديمقراطيين. قالت مديرة مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض سيلفيا بورويل في مذكّرة: (ليس لدينا للأسف مؤشر واضح بأن الكونغرس سيتحرك في الوقت المناسب حتى يوقّع الرئيس على ميزانية قبل انتهاء مهلة أمس في الأوّل من أكتوبر 2013)، وتابعت: (على الوكالات الآن تنفيذ الخطط لتعطيل نشاطاتها بشكل منتظم في غياب الأموال). وحضّت بورويل الكونغرس على إقرار ميزانية مؤقتة قائلة: (نحث الكونغرس على المسارعة في إصدار قرار لتوفير تمويل قصير الأجل يضمن وقتا كافيا لإقرار ميزانية لبقية السنة المالية ولإعادة تشغيل الخدمات العامة الحيوية). وصدر هذا الأمر قبل عشر دقائق من نفاد الأموال رسميا لدى الحكومة الأمريكية في ختام يوم شهد صراعا شديدا بين مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون ومجلس الشيوخ بغالبيته الديمقراطية، لا سيّما بشأن تمويل إصلاح الضمان الصحّي الذي أقره الرئيس باراك أوباما. وستضطرّ الوكالات الحكومية الاتحادية في الولايات المتّحدة إلى منح أكثر من 825 ألف عامل من إجمالي مليوني عامل في الدولة إجازة دون راتب بسبب غياب التمويل، كما ستغلق الحكومة كلّ المتنزهات الوطنية. في الوقت نفسه لن تتأثّر الخدمات الأساسية ذات الصلة بالأمن القومي الأمريكي والبريد والمرور وأجهزة تطبيق القانون. وبعدما رفض مجلس الشيوخ الأمريكي أمس مشروعي ميزانية وضعهما مجلس النواب أعلن القادة الجمهوريون في وقت متأخّر أنهم عازمون على التصويت مجددا خلال الليل على نص اعتبره الديمقراطيون غير مقبول، إذ يمسّ بإصلاح الضمان الصحي الذي يعتبر من أهم إنجازات ولاية أوباما الأولى. وكان أوباما قد عبر عن أمله في التوصّل إلى اتّفاق في اللحظة الأخيرة داخل الكونغرس، وأوضح أن شلّ الدولة الاتحادية سيكون له أثر كبير على الاقتصاد. وقال في تصريحات مساء أوّل أمس إن النّظام الصحّي سيطبّق مهما حصل، وذلك بداية من يوم أمس الثلاثاء، وأشار إلى أن المؤسسات الرسمية ستغلق أبوابها أثناء فترة الشلل التي ستبدأ في أميركا عند منتصف الليل بالتوقيت المحلّي. فمن جديد، عاد الكونغرس الأمريكي لسياسة حافّة الهاوية في موضوع توافق اللّحظات الأخيرة على مشروع قرار الميزانية الفديرالية، لكن هذه المرّة الوضع خطير إلى درجة أنه سيؤدّي إلى شلل جزئي للإدارة وتوقف مئات آلاف الموظّفين عن العمل، في أوّل تعطيل إداري منذ 17 عاما. وقالت الإدارة الأمريكية إن وقف أنشطة الحكومة ينطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي. ووقعت مواجهة مماثلة في أفريل 2011 بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ولم تحصل التسوية إلاّ قبل ساعة من الاستحقاق ومن خلال اتفاق تمويل لسبعة أيّام. لكن هناك غيوم سود تلوح في سماء بلاد العم سام هذه المرة، ويرى محلّلون أنه من المستبعد التوصل إلى تسوية، إذ لا تظهر أي نية لدى الطرفين الجمهوري والديمقراطي لتقديم تنازلات.