أثار اغتيال البرلماني اليمني والقيادي بجماعة الحوثيين عبد الكريم جدبان مساء أول أمس الجمعة في العاصمة صنعاء، موجة إدانات واسعة رسمية وسياسية، وتساؤلات عن الجهات التي تقف وراء العملية، في وقت تشهد فيه محافظة صعدة وتحديدا منطقة دمّاج حربا بين الحوثيين ومسلحي القبائل. كان جدبان -وهو عضو بمؤتمر الحوار الوطني عن الجماعة، قد استهدف بإطلاق نار من مسلحين ملثمين على دراجة نارية أثناء خروجه من مسجد الشوكاني القريب من القيادة العامة للجيش اليمني، بعد أدائه صلاة العشاء. وتزايدت منذ أشهر عمليات الاغتيال في اليمن وخاصة في صنعاء، وطالت عشرات القيادات العسكرية والأمنية، بينما ألقت حادثة اغتيال جدبان بظلالها على الشارع اليمني الذي بات يخشى ارتدادات هذه الجرائم التي يرى أنها تستهدف اغتيال عملية التغيير في البلاد والنأي عن الالتزام بمخرجات الحوار الوطني. ويعد جدبان المولود عام 1965 في منطقة النظير بمحافظة صعدة، من أبرز نواب البرلمان اليمني، وكان عضوا بحزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، واستقال منه أثناء الثورة الشعبية التي شهدها اليمن عام 2011. يشار إلى أن اغتيال جدبان يأتي بعد ثمانية أشهر من إطلاق النار على سيارة زميله ممثل الحوثيين في مؤتمر الحوار عبد الواحد ناجي أبو راس من محافظة الجوف بعد أيام على انطلاق مؤتمر الحوار يوم 18 مارس الماضي، وأدى الحادث إلى مقتل ثلاثة من مرافقي أبو راس. واتهم المكتب السياسي لجماعة الحوثي في بيان من أسماها (الأيادي الآثمة التي تخدم المشروع الأمريكي وتستهدف كل الشرفاء والأحرار في اليمن) بقتل جدبان. وحمّل المتحدث باسم الحوثيين المشاركين بمؤتمر الحوار علي البخيتي الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والأجهزة الأمنية، مسؤولية مقتل جدبان، موضحا أن هادي وحكومة الوفاق ضمنوا الأمن الشخصي والحماية لكل ممثلي جماعة الحوثي المشاركين في المؤتمر أثناء وجودهم في صنعاء. وتوحّدت القوى السياسية في اليمن على إدانة (جريمة) اغتيال جدبان، فالرئيس الانتقالي منصور هادي وجّه بتشكيل لجنة برئاسة نائب وزير الداخلية للتحقيق في الحادثة ورفع النتائج بأسرع وقت ممكن. كما أدانت (اللجنة الأمنية العليا) في البلاد عملية الاغتيال ووصفتها بالعمل الإجرامي الغادر، وأكّدت أن الأجهزة الأمنية ستلاحق الجناة للقبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم الرادع. وقال بيان لرئاسة مؤتمر الحوار الوطني إن اغتيال جدبان (استهداف لمشروع الدولة المدنية الحديثة التي أسهم من خلال موقعه وصوته القوي كعضو بمجلس النواب ومؤتمر الحوار في الدفاع عنها والانتصار لها). كما اعتبر مجلس النواب اليمني أن هذا الاغتيال (عمل إجرامي إرهابي جبان يستهدف كل الأصوات البرلمانية العالية التي تحرص على مصلحة الوطن)، بينما دعت أحزاب اللقاء المشترك حكومة الوفاق وأجهزتها الأمنية إلى إعلان حالة الاستنفار القصوى لوقف تداعيات هذه الأحداث المأساوية المتتالية في البلد. وتعليقا على مقتل جدبان، قال المحلل السياسي ياسين التميمي إنها (جريمة إرهابية) تؤشر على تحول خطير في استراتيجية إفشال عملية التسوية السياسية واستحقاقها الأهم مؤتمر الحوار، بتدشينها عمليات الاغتيال السياسي في قلب العاصمة. وقال التميمي إن هذه الجريمة تكشف عزم أعداء التسوية السياسية على المضي نحو إدخال البلاد في مسلسل العنف والاقتتال الأهلي بعدما أخفقت مهمة الاقتتال الجارية بصعدة في جر البلاد إلى مواجهات شاملة واقتتال أهلي وطائفي، وصرفها عن استحقاق الانتقال السياسي السلمي، وأشار إلى تعدد وسائل وطرق تنفيذ استراتيجية إفشال التسوية بين عرقلة للحوار وتفجير الحرب في دماج وهجمات إرهابية بمحافظات الجنوب، واعتداءات على الصحف والصحفيين وتعقيد القضية الجنوبية إلى حد لا يمكن معها إنجاح مؤتمر الحوار، معتبرا أن ذلك من شأنه أن يفشل خيار السلام. ومن جهة أخرى، أوردت وكالة (رويترز) عن مصدر أمني قوله إن مسلحين آخرين أطلقوا النار على موكب مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، وأضافت أن الحراس المرافقين للموكب أطلقوا النار على المهاجمين الذين لاذوا بالفرار. وكانت لجنة وساطة رئاسية قد توصلت مؤخرا إلى اتفاق على وقف لإطلاق النار خلال 48 ساعة، يتم خلالها نشر مراقبين من الجيش اليمني وإخلاء الأسرى وفك الحصار. كما أعلنت السلطات اليمنية عن توصل اللجنة إلى نشر مراقبين عسكريين في دماج.