نور الدين جودي يتحدّث عن الرّاحل: ذكّر نور الدين جودي السفير الجزائري الأسبق في جنوب إفريقيا وصديق الزّعيم الرّاحل نيلسون مانديلا لدى حلوله ضيفا على القناة الأولى في ركن (ضيف الصباح) بأن هذا الأخير بدأ حياته النضالية من الجزائر التي كانت كعبة الثوّار في تلك السنوات وبقي وفيا لما قدّمته الجزائر لنضال الجنوب إفريقيين ضد سياسة الأبارتيد. روى نور الدين جودي كيف التقى بمانديلا أوّل مرّة لدى زيارته قبل استقلال الجزائر وبعد الاستقلال كاشفا في هذا السياق أنه أوّل من تواصل مع مانديلا باعتباره تولّى الترجمة بين هذا الزّعيم والمسؤولين العسكريين الجزائريين، كما كشف أيضا أنه أوّل من درّب الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا على الأسلحة الخفيفة في الجزائر. للإشارة، فقد زار المناضل الإفريقي نيلسون مانديلا معاقل الثورة الجزائرية غرب البلاد عام 1961، والتقى هناك بقيادات الثورة واطّلع على طرق عملها لاستنساخ التجربة وقيادة عملية مماثلة في بلاده جنوب إفريقيا لأن الوضع في الجزائر أقرب ما يكون إلى وضع جنوب إفريقيا، فإن التواصل النضالي جعلهم يواجهون مستوطنين أجانب يتحكّمون في مصير أغلبية من السكان الأصليين، واعتبر هذه الزيارة التي أفرد لها مانديلا مساحة كبيرة في مذكّراته التي حملت عنوان (حديث نيلسون مانديلا مع نفسه) علامة فارقة في تاريخيه النضالي، والتي استطاع من خلالها بفضل المناضل الجزائري شوقي مصطفي الوقوف على أهمّ إنجازات وتحدّيات الثورة الجزائرية وخاصّة خطّي (شال) و(موريس) الذي أقامته السلطات الاستعمارية الفرنسية لعزل كفاح الشعب الجزائري عن دول الجوار التي كانت تسعى لمدّه بالمساعدة التي يحتاجها في مسعاه التحرري. كان الزّعيم مانديلا ورفاقه يتلقّون تدريبات من طرف نظرائهم الثوّار الجزائريين في مدينة وجدة على الحدود الجزائرية مع المغرب في شهر مارس من عام 1962، وهي العلاقة الثورية الكبيرة التي جمعت بين الجزائر المناضلة لاسترجاع استقلالها وجنوب إفريقيا التي كان حزب المؤتمر الوطني الإفريقي يقودها ضد نظام الأبرتايد العنصري، وحرص نيلسون مانديلا على زيارة الجزائر بعد إطلاق سراحه يوم 11 فيفري 1990 بعدما قضى 27 سنة في السجن اعترافا بالدعم الذي قدّمته الجزائر لكفاح شعب جنوب إفريقيا ضد نظام الأبارتيد. وتكريما للشعب الجزائري وثورته عاد نيلسون مانديلا ثماني وثلاثين سنة من بعد إلى البلد الذي تعلّم فيه أبجديات استعمال الأسلحة الحربية، والذي تعلّم منه خوض كفاح ضد نظام القمع والاضطهاد، كفاح واصله بعد إطلاق سراحه من خلال العمل من سنة 1991 إلى 1994 على تفكيك الركائز الأخيرة لنظام الأبارتيد الذي استسلم في الأخير بعد أن فقد مواقعه إلى غاية تنظيم أوّل انتخابات عامّة سنة 1994 جعلت من مانديلا رئيسا منتخبا لجمهورية جنوب إفريقيا. ويقول مانديلا: (الثورة التي قامت بها الجزائر تستحقّ أن نعود إليها ونتذكّرها). وتعتبر شهادة مانديلا الذي زار الجزائر سنوات بزوغ النّزعة التحريرية في العالم الثالث إجمالا وعبّر حينها عن تواصله بالبلد وأعاد التذكير بذلك في مذاكّرته الصادرة مؤخّرا، والتي تضمّنت رسائله من السجن وبعض المخطوطات الشخصية والانطباعات التي حملها آنذاك.