"سأعود إلى أكبر المنافسات بعد إنهاء علاجي" يتحدّث البطل العالمي جمال الدين دحو الملاكم الذي مثّل الجزائر في المحافل العالمية أحسن تمثيل في هذا الحوار الخاص مع (أخبار اليوم) عن مسيرته الحافلة بالإنجازات، والتي تحدّى فيها كلّ الصعاب رغم لا مبالاة المسؤولين وتجاهل القائمين على شؤون قطاع الشباب والرياضة، مؤكّدا إصراره على أنه يستحقّ لقب بطل العالم في الملاكمة الاحترافية وملك إفريقيا كونه الملاكم العربي الوحيد الذي ارتقى إلى هذا المستوى الرّفيع من عالم الاحتراف، مشيرا في حديثه إلى أن غيابه عن حلبة الصراع لن يتجاوز الشهرين، وأنه سيعود مباشرة بعد إنهاء العلاج ليشارك في منافسات (WBO)، (WBA) و(IBF) بعد الاتّفاق مع مدرّبه ومناجيره واتّخاذ أنسب القرارات بعد إنهاء دراسة العروض التي قدّمت له من بعض الدول. حاورته: ريم إيمان * بداية، كيف هي أحوالك الصحّية بعد العملية الجراحية التي أجريتها مؤخّرا؟ ومتى ستعود إلى حلبة الصراع؟ ** لازلت أقوم بدورات علاج في تيارت والعاصمة منذ 4 أشهر لأن الإصابة كانت جدّ قوية في يدي اليمنى، لكن الحمد للّه وبعد شهرين سأكون جاهزا للعودة إلى جو المنازلات. * من هو جمال دحو؟ وكيف كانت بدايته مع عالم الملاكمة؟ ** أنا ملاكم جزائري محترف، من مواليد 7 جوان 1992 بمدينة تيارت، من أسرة رياضية، شاركت في منافسات الهواة وأحرزت لقب كأس الجزائر وتوّجت بالألقاب وطنية وجهوية قبل أن اقتحم في السنوات الأخيرة عالم الاحتراف، بدأت الملاكمة وعمري لا يتجاوز ال 11 سنة لأنني كنت مولعا بها، كان هدفي هو الدفاع عن نفسي لأنني كنت (محفورا) في الوسط الذي كنت أعيش فيه حتى وجدت نفسي بطلا العالم، ويعود الفضل في بلوغي هذا المستوى إلى مدرّبي بناصر خالد ومناجيري ووالدي دحو، وأنا أنشط في المجلس العالمي للملاكمة (WBC) الذي يعدّ أقوى المنظّمات الخاصّة بالملاكمة الاحترافية. * كيف تحوّلت من (IBO) إلى المجلس العالمي للملاكمة (WBC)؟ ** الفضل في ذلك يعود إلى وكيل أعمالي الخاص، حيث قام بإرسال طلب إلى المجلس العالمي للملاكمة لأشارك في منازلات داخل القارّة الإفريقية، وهو ما حصل بالفعل، وقامت المنظّمة بمنحي لقب ملك إفريقيا بعد أن هزمت خصمي التنزاني في بلده، وهو الأمر الذي لم أكن أنتظره. ولم يتوقّف الإنجاز عندها الحد، بل قام المجلس العالمي للملاكمة بالاتّصال بوالدي بعد هذا الحدث قائلا له إنني أملك القدرات والمستوى الكافي لنيل اللّقب العالمي، والحمد للّه عرفت كيف أستغلّ الفرصة لتحقيق أهدافي وطموحاتي في أن أكون بطلا للعالم. * كيف تمكّنت من التتويج بالمنصّة العالمية رغم صغر سنّك؟ ** أعتبر نفسي محظوظا جدّا لأنني أصبحت محترفا وسنّي لا يتجاوز ال 18 عاما، أي أصغر ملاكم في العالم وكان ذلك سنة 2010، حين واجهت العديد من الملاكمين الذين تراوحت عمارهم 28 و36 سنة تغلّبت على الملاكم الغاني فرانك دودس بالضربة القاضية في الجولة التالثة في بطولة العالم للملاكمة الاحترافية، والذي تعرّض لعقوبة الإيقاف لمدّة سنة من طرف الاتحاد الدولي للّعبة بسبب تناوله المنشّطات، ويعود الفضل لمدرّبي الذي ساعدني كثيرا وتعلّمت منه تقنيات اللّعبة، وكذا والدي الذي دعّمني ماديا ومعنويا ولولاه لما شاركت في بطولة العالم بغانا وعدت محمّلا بحزام التتويج. * ما هو رصيدك من حيث عدد المنازلات الاحترافية وعدد الانتصارات التي حقّقتها؟ ** إلى حد الآن فزت في جميع منازلاتي ال 11 بالضربة القاضية ماعدا واحدة فقط، أوّل فوز لك في منازلة احترافية كان شهر نوفمبر 2011 أمام الملاكم منى فاتح بمدينة بوفاريك. * هل أحسست يومها لأنك ستكون بطلا عالميا؟ ** لا أبدا، تلك المنازلة لم تكن في المستوى فزت فيها بالنقاط، وهو ما جعل أبي ينتقدني في ذلك اليوم بقوله إنني لست ملاكما وعليّ التخلّي عن الملاكمة، خرجت محبطا وأردت أن أبرهن له على أنني قادر على أن أصبح ملاكما جيّدا واجتهدت مع مدرّبي خالد بناصر الذي يمثّل لي الكثير في تشديد التدريبات التي أحرزت الكثير من النّجاح والتقدّم. * من يساهم في دعمك ماديا ومعنويا؟ ** وجدت الدعم الكبير من الجمهور الذي قام بتشجيعي ورفع معنوياتي ودفعي إلى إعطاء المزيد ومن أسرتي وعلى وجه الخصوص مدرّبي ووالدي، ذلك من الناحية المعنوية أمّا ماديا فكانت المصاريف محمّلة على والدي، ولا أنسى فضل كلّ هؤلاء الذي صرت بهم اليوم بطل العالم. * كيف سارت التحضيرات التي سبقت الموعد العالمي في العاصمة الغانية أكرا؟ ** تدرّبت بوسائل بسيطة، كنت أحضّر في تيارت والقاعة التي تدرّبت فيها لا تتوفّر على الحلبة، والأمر العجيب الذي تستغربون لسماعه هو أن القاعة تابعة للاختصاص النفسي منحتني إيّاها مؤسسة بتيارت وهذا يعني أن السلطات لم تقم حتى بمنحي قاعة رياضة أتمرّن فيها، لكن رغم ذلك تمكّنت من تحقيق حلمي والحمد للّه والفضل يعود لمدرّبي ووكيل أعمالي. * هناك علماء حرّموا الملاكمة لما فيها من خطورة على صحّة الملاكم، ما رأيك في الموضوع؟ وهل هذه الحقيقة يمكنها أن تؤثّر وتغيّر مسار جمال؟ ** صحيح أن هناك بعضا من العلماء حرّموا الملاكمة ومنهم من اعتبرها مكروهة وغيرهم اعترض وقال إنها محبّذة، لكن لم نتّخذ أنا ومدرّبي أيّ قرار بخصوص هذا الشأن، كما أنني مولع بهذه الرياضة وأعشقها وذلك يمنعني من التفكير في شقّ طريق جديد غير الملاكمة ولديّ العزيمة في أن أصبح سفيرا للإسلام لبلد المليون ونصف شهيد في أمريكا. * كيف كان استقبالك في الجزائر بعد عودتك من بطولة العالم؟ وما رأيك في الاستقبال؟ ** للأسف لم أحظ بأيّ استقبال لا من طرف السلطات المحلّية بمدينة تيارت ولا الوزارة رغم أنني رفعت راية البلاد ببلوغي منصّة التتويج العالمية في سنّ مبكّرة وأوّل ملاكم عربي وجزائري في تاريخ الملاكمة الاحترافية يصل إلى هذا المستوى الرّفيع، لكن أسرتي والجماهير كانوا في الموعد والحمد للّه وكان رأيي في ذلك شعور لا يوصف كوني وجدت أنصارا من مختلف ربوع الوطن جاءوا لاستقبالي ليقفوا مع أخيهم جمال وأحيّهم بالمناسبة، وأنا جد فخور لكوني أنتمي إلى هذا الشعب الذي كان سببا في نجاحي. * في إحدى تصريحاتك في إحدى الجرائد وجّهت انتقادات لوزير الرياضة وبعض المسؤولين، هل ما تزال انتقاداتك قائمة؟ ** نعم انتقاداتي ما تزال قائمة لأنه إلى حد الساعة لم يكترث أحد من الوزارة بصحّتي ولم يبادر أحد من المسيّريين بالاطمئنان على صحّتي كوني أجريت 3 عمليات جراحية على يدي اليمنى بعد المونديال، ولا يمكنني تناسي أنّي لم أحظ بالتكريم المطلوب وتعرّضت للتهميش، فكيف لا أنتقد هؤلاء المسؤولين؟ فلا أحد أراد أن يتكفّل بمنازلتي ماديا لولا والدي أو يكتفي على الأقل بالعرفان لما قدّمته لبلدي العزيز ولباقي الدول العربية. * هل تقصير السلطات ومسيّري قطاع الرياضة بتيارت، وكذا وزير الرياضة يقلّل من استمراريتك في الدفاع عن لقبك العالمي؟ ** لا بالعكس لأن إصراري وعزيمتي لنيل المزيد من التألّق والنّجاح كان وسيبقى الحافز الوحيد لنجاحي ولن أسمح لأحدهم بأن يعرقل مساري ويكسر طموحي، بل ذلك سيدفعني إلى إعطاء المزيد لهذا الوطن بإذن اللّه تعالى. * ما رأيك في البطل العالمي محمد بن فاسمية الذي لم يكن بإمكانه تحقيق النّجاح الذي حقّقته في منظّمة (WBC) رغم صغر سنّك؟ ** محمد بن فاسمية ملاكم أعطى الكثير للجزائر وأنا أحترمه كثيرا وأتمنّى له كلّ النّجاح والتوفيق في مسيرته، لكن كان يستحقّ فعلا أن يلاكم في (WBC). * ألم تفكّر في خوض تجربة احترافية خارج الوطن بعد العروض التي قدّمت لك من الخارج، خصوصا بعد التهميش الذي تتعرّض له من قِبل المسؤولين في الجزائر؟ ** تلقّيت عروضا من عدّة دول وفي الوقت الحالي لم أقرّر بعد لأن مناجيري يقوم بدراسة هذه العروض، لكن قَبولي لخوض تجربة احترافية خارج الوطن لا يجعلني أتخلّى عن جنسيتي، بل سأناضل لرفع راية الجزائر وأشرّف بلد الثورة والشهداء الأبطال. * من هو الملاكم القدوة الذي أنت معجب به، سواء حاليا أو سابقا؟ ** يعجبني كثيرا أسلوب الملاكم العالمي مايك تايزون لأن لديه طريقة رائعة تميّزه كثيرا على الحلبة، وأنا أتابع منازلاته باهتمام كبير. * حدّثنا عن أحاسيسك وأنت تسمع النشيد الوطني يدوّي في قاعة منازلتك أمام الملاكم الغاني في المباراة النّهائية، خاصّة وأنك واجهته في بلده ووسط أنصاره... ** إحساس رائع لا يمكن اختصاره في كلمات لأنه يفوق الإحساس بروح الوطنية والانتماء. * ما هو جديد جمال؟ ** أنا حاليا في الفيديرالية العالمية (WBC) و(IBO)، وإن شاء اللّه سأشارك في (WBO)، (WBA) و(IBF) بعد موافقة مناجيري بذلك. * أخيرا ما هي طموحاتك المستقبلية؟ ** أن أصبح بطلا مثل مايك تايزون ومحمد علي، وأن أبقى بطل العالم في الملاكمة ب (WBC) ولازلت أطمح إلى تحقيق المزيد من الإنجازات.