سعي إفريقي لتشكيل جبهة موحدة بين دول الاتحاد    تناولنا الفرص الاستثمارية الواعدة التي تتيحها الجزائر    الجزائر ملتزمة بالدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني    عشرات الخيام تأوي نازحين هجروا تضررت منازلهم بغزة    الدوبارة .. أكلة شعبية تحافظ على بريقها    سوق الملابس بين تقلبات المناخ وقلّة الإقبال    فواكه الخريف والشتاء حلٌّ طبيعي لتقوية المناعة    يوم الأحد المقبل عبر كامل التراب الوطني    زروقي يعقد اجتماعا مع المؤسسة المطورة للعبة PUBG MOBILE    جامعاتنا شعارها..العلم للجميع..؟!    جامعة التكوين المتواصل تخضع حاليا لأحكام انتقالية    البرهان يناشد ترامب التدخل لإنهاء الحرب في السودان    هكذا يتم تقريب الإدارة من المواطن وتحسين الخدمة بالولايات الجديدة    الجزائر تدعو لمقاربة متكاملة تقضي على أسباب آفة    الجزائر ترفع لواء السلم والأمن في إفريقيا    آلة الحرب الصهيونية تعيث فسادا في الضفة الغربية    مشاركة الرئيس الصحراوي ردّ عملي على ادعاءات المخزن    دعوة إلى تمكين الشعب الصحراوي من حقّه في تقرير المصير    الجزائر قد تلعب افتتاحية المونديال    بولبينة أمام فرصة ذهبية    كل الشروط متوفرة لتحقيق قفزة نوعية للاقتصاد الوطني    عقد لاستيراد 500 ألف عجلة للوزن الثقيل    البحث العلمي تحوّل إلى قوة اقتصادية فعلية    الجزائر ستطالب "ايكات" بتعويضات عن خسائرها في 2028    توحيد الجهود لتحقيق السيادة الصحية القارية    المؤتمر الإفريقي للأدوية فرصة لولوج الأسواق القارية    شجرة الزيتون.. رمز فخر على مر الأجيال    صرامة كبيرة وعقوبات قاسية ضد مخالفي قانون المرور    دعوة للتحقيق في وضعية مستشفى عين طاية    زرقان يتألق أوروبيا وإبراهيم مازة يحرج بيتكوفيتش    عوار يتحدث عن تجربته في السعودية وعلاقته مع بن زيمة    مفاجأة كبيرة في ملف عودة قندوسي إلى مصر    الشروع في إعداد قوائم المستفيدين من منحة رمضان    وزارة التربية تعتمد رقما أخضر    إفريقيا تواجه تحدّيات غير مسبوقة    بوغالي يؤكّد التزام الاتحاد البرلماني العربي    الجزائر مصر.. روابط قوية وآفاق واعدة    الجزائر تدعو إلى إعادة ترتيب الأولويات    الجزائر تدين الانتهاكات الصهيونية بشدّة    من بواعث التوكل على الله عزوجل    أكثر من 800 مشارك في المهرجان الدولي للسياحة الصحراوية بتيميمون الشهر المقبل    الجزائر تطلق رسمياً مشروع تعميم المرجع الوطني للعنونة على مستوى العاصمة    ندعو إلى التعبئة من أجل "ربح معركة اقتصاد الماء"    الفنانة القديرة باية بوزار"بيونة"في ذمة الله    النادي الرياضي" أنوار باتنة"يحصل على 4 ميداليات    افتتاح المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي    افتتاح برنامج المسرح في رحاب الجامعة    بوعمامة حاضر في منتدى داكار    بوعمامة يشارك في المنتدى الإفريقي للبث الإذاعي والتلفزي    مبروك زيد الخير : اللغة العربية صمام أمان للهُوية الثقافية والدينية للأمة    العلامة الكاملة في كأس الكاف و صِفر في دوري الأبطال    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال ابتداء من الأحد المقبل    انطلاق المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بباتنة    هذه أضعف صور الإيمان..    فتاوى : زكاة الذهب الذي ادخرته الأم لزينة ابنتها؟    {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} …ميثاق الفطرة    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الجار قبل الدار".. هل مازالت هذه "القاعدة" صالحة بالجزائر؟
نشر في أخبار اليوم يوم 17 - 02 - 2014

تتطور العلاقات بين الناس وتختلف خصوصا بين الجيران لما لها من آثار طيبة إذا كانت الجيرة حسنة، حيث أن حسن الجيرة يزيد التراحم والتعاطف، وسبيل للتآلف والتواد، وبه يحصل تبادل المنافع، واطمئنان النفوس، وسلامة الصدور، واستقرار الأمن فتطيب الحياة.
(الجار قبل الدار) هي مقولة مشهورة وشائعة بين الناس، حكمة آمن وعمل بها الآباء والأجداد منذ مئات السنين، فكانت الرافد الأساسي لعلاقات اجتماعية متينة تربط بين أبناء المجتمع الواحد، لما للجار من أهمية كبيرة، فهو المساند والمساعد والأخ والصديق الناصح، لا يحلو السكن بدونه، ولا يطمئن المسافر لغيره، فمن منا لم يوص جاره عن منزله إذا سافر كي يحرصه، ومن منا لم يترك مفاتيح البيت لجاره لتفقده من حين إلى آخر.
حيث كانت النساء الجزائريات في الماضي يحببن قعدات زمان مع الجارات التي تتخللها المحبة والثقة، ففي القصبة مثلا كان الجيران كعائلة واحدة يتبادلون الأطباق ويغسلون الملابس معا في وسط البيت الذي يحتوي على فناء واحد مشترك، وأسطح تحكى فيها الأسرار وتسرد بها الحكايات في جلسات حميمية مع البوقالات حول صينية الشاي، حيث وجدت المرأة في جارتها الأخت التي تساندها في الأفراح والأحزان.
ولكن اليوم مع تطور الحياة وكثرة الانشغالات وغلاء المعيشة، في عصر الماديات وثورة المعلومات، تغيرت القيم وتبدلت المعايير، وزادت ضغوط الحياة وتكرست الانعزالية الفردية وغرزت مخالبها في أرواح الجميع، لم يعد هناك من يسأل عن الجار أو يهتم بأخلاقه أو يعرف حقوقه وواجباته، حيث يرى الكثيرون أن الجار لم يعد مقربا كما كان في السابق، بل إنهم يجزمون بعدم معرفة معظم الناس لأسماء جيرانهم، فيما يرى آخرون أن مكانة الجار مازالت محفوظة رغم تغير عوامل الزمن.
وفي هذا الصدد بادرتني في ذهني قصة كانت تروى لنا في الصغر مفادها أن أحد المشايخ أراد أن يبيع منزله فجاء إليه رجل صالح كان يسكن بجانبه وقال له (بكم تريد بيع هذا البيت قال له الرجل بخمسة وعشرين ألف دينار فأعطاه المشتري خمسين ألف دينار، فقال له الرجل لماذا أعطيتني هذا المبلغ قال له خمسة وعشرون ثمن البيت وخمسة وعشرون ثمن جيرتي لهذا الشيخ).
وفي هذا السياق قامت (أخبار اليوم) برصد آراء الشارع الجزائري حول الموضوع وكانت البداية مع السيدة (عائشة) في عقدها الخامس التي قالت بصريح العبارة (أعتبر جيراني بمنزلة الأهل، فكلما أحسن الشخص عشرته لجاره سيقابله الجار بالسلوك نفسه ولنا في رسولنا، صلى الله عليه وسلم، أسوة حسنة، ومن الضروري مشاركة الجيران في أفراحهم وأحزانهم لأن هناك من يكرهك في بيتك بسبب سوء الجيرة وآخر يجعلك تحب بيتك لحسن خلقه وتعامله الراقي مع الجيران).
أما السيدة (مليكة) التي تقطن بإحدى الأحياء الراقية ترى أنه أصبحت للعلاقات قواعدها الاجتماعية، فصار لكل عائلة خصوصيتها التي لا تدخل إليها خصوصية عائلة أخرى. وتضيف (هنا في حينا لكل زيارة قواعدها. لا تربط بين الجيران بشكل عام أي علاقة وطيدة، والأمر يقتصر فقط على الضروريات. وحتى زيارات الأعياد ليست عامة بين كل الجيران، بل تقتصر على عائلات محددة، وذلك بعد الاتصال والحصول على موعد مسبق).
ومن جهة أخرى يرى عمي الطاهر أن الجيرة زالت مع مرور الوقت وذهبت معها قعدات المقاهي و(الدومين) وأصبحت تطغى عليها العوامل المادية، حيث أصبح لكل شخص حياته الخاصة التي تقتصر على منزله وعمله.
أما الدكتورة (أمينة بلفارس) أخصائية في علم الاجتماع، تقول من جانبها (إن كانت العلاقة تراجعت بين الجيران في السنوات القليلة الماضية فهو بسبب تغير طبيعة الحياة وانشغالات الناس)، وتضيف أن مقولتي (الجار قبل الدار) و(جارك القريب ولا أخوك البعيد)، تختصران بالطبع العلاقة التي تربط بين الجيران، وما يرافقها من شعور بالأمان والراحة هو نتيجة هذه العلاقة الجيدة التي تتطور بين الطرفين وتصبح محكومة بالثقة والمحبة والتعاون، فيشعر كل منهما أن هناك من هو جاهز ليقف إلى جانبه ويساعده في محنته أو أي مشكلة قد يتعرض لها.
أما عن دور التفاوت المادي بين الجيران، فتعلق الدكتورة بلفارس على ما أظهرته الدراسة من أن الأثرياء أقل ثقة بجيرانهم الأفقر، قائلة (قد يكون الأغنياء بشكل عام حذرين في علاقاتهم والانفتاح على الآخرين، سواء بسبب الكبرياء أو بسبب الخوف من الاستغلال والحسد والتدخل في خصوصياتهم. وفي المقابل قد يطلق الآخرون عليهم حكما مسبقا قد يكون مخالفا للواقع، فتقف حينها العلاقة عند حدود معينة). وتستطرد (لكن مما لا شك فيه أن لكل شخص نقاط ضعف معينة يمكن أن تشكل المفتاح لبناء علاقة صداقة معه). وفي حين تؤكد بلفارس على أهمية العلاقة الجيدة التي تربط بين الجيران، وتلفت إلى أن الأمر بدوره (مرتبط بضرورة اختيار الجار المناسب الذي يتفق مع طبيعة حياة الشخص، وحتما مع المحافظة على خصوصيات كل من الطرفين ولا سيما منها العائلية والشخصية. أما إذا تخطت هذا الإطار وتحوّلت إلى مصدر إزعاج، فعندها لا بد من وضع حد لهذه العلاقة).
أما الإسلام لقد عظَّم حق الجار، وظل جبريل عليه السلام يوصي نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظنَّ النبي أن الشرع سيأتي بتوريث الجار (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه).
وقد أوصى القرآن بالإحسان إلى الجار (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ).
فلقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى الجار وإكرامه (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره).
بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه)، فالذي يحسن إلى جاره هو خير الناس عند الله (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.