حيداوي يشيد بإصلاحات رئيس الجمهورية    بداوي يُحذّر من التهديدات السيبرانية    عطاف يلتقي رئيس البرلمان السنغافوري    تبّون يستقبل المدير التنفيذي لشركة إيني    زبدي يُحذّر    منتدى رفيع المستوى بالجزائر    الكيان الصهيوني يطلق عملية العلم الأسود ضد الحوثيين    هل سيغادر بلايلي الترجي؟    البليدة تتعزّز بمشاريع تنموية هامة    الصيدلية المركزية للمستشفيات تطمئن    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57523 شهيدا    دعوة إلى فتح تحقيق في أنشطة شركات صهيونية    بشار: انجاز خط السكة الحديدية تندوف-غارا جبيلات    يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء    خرافات تطال مناسبة عاشوراء    حفلات التخرج الجامعي تجانب الإطار الأكاديمي    متسولون "محتالون" يغزون شوارع عنابة    النظرية الأمنية الإسرائيلية    جولة جديدة من المفاوضات بالدوحة لوقف إطلاق النّار    دعوات صحراوية لزيادة الضغط على النظام المغربي    اللعاب البولوري لن يلطخ بياض الجزائر    تقليص استعمال بودرة الحليب وتشجيع المربين على الإنتاج    نحو تعيين مدرب أجنبي لقيادة الفريق    المنتخب الأوغندي يسابق الزمن للإطاحة بأشبال بوقرة    رابحي يعلن استقالته من رئاسة مجلس إدارة    نظام جديد لآليات الإفصاح المالي للشركات المدرجة في البورصة    دورات تكوينية في مكافحة تبييض الأموال ومحاربة التطرّف    ترسيخ مبادئ الديمقراطية التشاركية والتنمية المجتمعية    الرئيس تبون جعل المدرسة فضاء للتربية والإيقاظ الفكري    طبق الفول التقليدي.. رمز للكرم والأصالة    مؤثرون يروجون للسياحة عبر حملات التنظيف    شاطئ الأبقار ملاذ الباحثين عن سحر الطبيعة    ورشات وندوات فكرية، ثقافية وعلمية : المهرجان الوطني للثقافة والتراث النايلي .. لقاء الأصالة بالتكنولوجيا    500 طالب بالجامعة الصيفية لقسنطينة    تحذير من استعمال دواء مقلّد    المغرب: تفاقم أزمة المياه في ظل سوء تسيير حكومة المخزن    إطلاق "غزة حتى النخاع" في سبتمبر 2025    دار الثقافة بعنابة تحتفي بالإبداع والتكوين    مهرجان للمونولوج والفنون المسرحية بتندوف    حيداوي يشيد بإصلاحات الرئيس تبون لتعزيز دور الشباب في بناء الجزائر الجديدة    أنصار اتحاد الجزائر يحتفلون ب التاسعة    مسرحية النصف الآخر تفوز بجائزة العنقود الذهبي    الصيدلية المركزية للمستشفيات تؤكد التزامها بضمان وفرة المستلزمات الطبية عبر التراب الوطني    رفع الاثقال/ البطولة الوطنية (أكابر, أواسط, أشبال) : أكثر من 300 مشارك في الطبعة ال60 بوهران    أزيد من 2400 سائق مسجل في تطبيق "طاكسي سايف" لطلب سيارات الأجرة المعتمدة    خنشلة: اكتشاف جديد لفسيفساء خلال حفرية علمية بالموقع الأثري بضفاف سد بابار    كرة القدم (الرابطة المحترفة الاولى" موبيليس"): مهدي رابحي يستقيل من رئاسة مجلس إدارة شباب بلوزداد    سوق أهراس : إعادة فتح المسرح الجهوي مصطفى كاتب بعد أشغال تهيئة شاملة    اللقاء الوطني للفنون التشكيلية بمعسكر : لوحات زيتية تسلط الضوء على شخصيات تاريخية    عملية إعادة تشغيل ثلاثة أرصفة لتعزيز قدرات معالجة الحاويات    نهاية مهمة بن يحيى    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    من اندر الاسماء العربية    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    توقرت: قطاع الصحة يتدعم بعيادة طبية نموذجية متعددة الخدمات    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الجار قبل الدار".. هل مازالت هذه "القاعدة" صالحة بالجزائر؟
نشر في أخبار اليوم يوم 17 - 02 - 2014

تتطور العلاقات بين الناس وتختلف خصوصا بين الجيران لما لها من آثار طيبة إذا كانت الجيرة حسنة، حيث أن حسن الجيرة يزيد التراحم والتعاطف، وسبيل للتآلف والتواد، وبه يحصل تبادل المنافع، واطمئنان النفوس، وسلامة الصدور، واستقرار الأمن فتطيب الحياة.
(الجار قبل الدار) هي مقولة مشهورة وشائعة بين الناس، حكمة آمن وعمل بها الآباء والأجداد منذ مئات السنين، فكانت الرافد الأساسي لعلاقات اجتماعية متينة تربط بين أبناء المجتمع الواحد، لما للجار من أهمية كبيرة، فهو المساند والمساعد والأخ والصديق الناصح، لا يحلو السكن بدونه، ولا يطمئن المسافر لغيره، فمن منا لم يوص جاره عن منزله إذا سافر كي يحرصه، ومن منا لم يترك مفاتيح البيت لجاره لتفقده من حين إلى آخر.
حيث كانت النساء الجزائريات في الماضي يحببن قعدات زمان مع الجارات التي تتخللها المحبة والثقة، ففي القصبة مثلا كان الجيران كعائلة واحدة يتبادلون الأطباق ويغسلون الملابس معا في وسط البيت الذي يحتوي على فناء واحد مشترك، وأسطح تحكى فيها الأسرار وتسرد بها الحكايات في جلسات حميمية مع البوقالات حول صينية الشاي، حيث وجدت المرأة في جارتها الأخت التي تساندها في الأفراح والأحزان.
ولكن اليوم مع تطور الحياة وكثرة الانشغالات وغلاء المعيشة، في عصر الماديات وثورة المعلومات، تغيرت القيم وتبدلت المعايير، وزادت ضغوط الحياة وتكرست الانعزالية الفردية وغرزت مخالبها في أرواح الجميع، لم يعد هناك من يسأل عن الجار أو يهتم بأخلاقه أو يعرف حقوقه وواجباته، حيث يرى الكثيرون أن الجار لم يعد مقربا كما كان في السابق، بل إنهم يجزمون بعدم معرفة معظم الناس لأسماء جيرانهم، فيما يرى آخرون أن مكانة الجار مازالت محفوظة رغم تغير عوامل الزمن.
وفي هذا الصدد بادرتني في ذهني قصة كانت تروى لنا في الصغر مفادها أن أحد المشايخ أراد أن يبيع منزله فجاء إليه رجل صالح كان يسكن بجانبه وقال له (بكم تريد بيع هذا البيت قال له الرجل بخمسة وعشرين ألف دينار فأعطاه المشتري خمسين ألف دينار، فقال له الرجل لماذا أعطيتني هذا المبلغ قال له خمسة وعشرون ثمن البيت وخمسة وعشرون ثمن جيرتي لهذا الشيخ).
وفي هذا السياق قامت (أخبار اليوم) برصد آراء الشارع الجزائري حول الموضوع وكانت البداية مع السيدة (عائشة) في عقدها الخامس التي قالت بصريح العبارة (أعتبر جيراني بمنزلة الأهل، فكلما أحسن الشخص عشرته لجاره سيقابله الجار بالسلوك نفسه ولنا في رسولنا، صلى الله عليه وسلم، أسوة حسنة، ومن الضروري مشاركة الجيران في أفراحهم وأحزانهم لأن هناك من يكرهك في بيتك بسبب سوء الجيرة وآخر يجعلك تحب بيتك لحسن خلقه وتعامله الراقي مع الجيران).
أما السيدة (مليكة) التي تقطن بإحدى الأحياء الراقية ترى أنه أصبحت للعلاقات قواعدها الاجتماعية، فصار لكل عائلة خصوصيتها التي لا تدخل إليها خصوصية عائلة أخرى. وتضيف (هنا في حينا لكل زيارة قواعدها. لا تربط بين الجيران بشكل عام أي علاقة وطيدة، والأمر يقتصر فقط على الضروريات. وحتى زيارات الأعياد ليست عامة بين كل الجيران، بل تقتصر على عائلات محددة، وذلك بعد الاتصال والحصول على موعد مسبق).
ومن جهة أخرى يرى عمي الطاهر أن الجيرة زالت مع مرور الوقت وذهبت معها قعدات المقاهي و(الدومين) وأصبحت تطغى عليها العوامل المادية، حيث أصبح لكل شخص حياته الخاصة التي تقتصر على منزله وعمله.
أما الدكتورة (أمينة بلفارس) أخصائية في علم الاجتماع، تقول من جانبها (إن كانت العلاقة تراجعت بين الجيران في السنوات القليلة الماضية فهو بسبب تغير طبيعة الحياة وانشغالات الناس)، وتضيف أن مقولتي (الجار قبل الدار) و(جارك القريب ولا أخوك البعيد)، تختصران بالطبع العلاقة التي تربط بين الجيران، وما يرافقها من شعور بالأمان والراحة هو نتيجة هذه العلاقة الجيدة التي تتطور بين الطرفين وتصبح محكومة بالثقة والمحبة والتعاون، فيشعر كل منهما أن هناك من هو جاهز ليقف إلى جانبه ويساعده في محنته أو أي مشكلة قد يتعرض لها.
أما عن دور التفاوت المادي بين الجيران، فتعلق الدكتورة بلفارس على ما أظهرته الدراسة من أن الأثرياء أقل ثقة بجيرانهم الأفقر، قائلة (قد يكون الأغنياء بشكل عام حذرين في علاقاتهم والانفتاح على الآخرين، سواء بسبب الكبرياء أو بسبب الخوف من الاستغلال والحسد والتدخل في خصوصياتهم. وفي المقابل قد يطلق الآخرون عليهم حكما مسبقا قد يكون مخالفا للواقع، فتقف حينها العلاقة عند حدود معينة). وتستطرد (لكن مما لا شك فيه أن لكل شخص نقاط ضعف معينة يمكن أن تشكل المفتاح لبناء علاقة صداقة معه). وفي حين تؤكد بلفارس على أهمية العلاقة الجيدة التي تربط بين الجيران، وتلفت إلى أن الأمر بدوره (مرتبط بضرورة اختيار الجار المناسب الذي يتفق مع طبيعة حياة الشخص، وحتما مع المحافظة على خصوصيات كل من الطرفين ولا سيما منها العائلية والشخصية. أما إذا تخطت هذا الإطار وتحوّلت إلى مصدر إزعاج، فعندها لا بد من وضع حد لهذه العلاقة).
أما الإسلام لقد عظَّم حق الجار، وظل جبريل عليه السلام يوصي نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظنَّ النبي أن الشرع سيأتي بتوريث الجار (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه).
وقد أوصى القرآن بالإحسان إلى الجار (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ).
فلقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى الجار وإكرامه (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره).
بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه)، فالذي يحسن إلى جاره هو خير الناس عند الله (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.